Image title
طارق على حضارات الأممبقلــم الأديب المصرىد. طــارق رضـــوان

"لا تفعل الشر وتحل بالصبر، اترك وراءك ذكرى حسنة من حب الناس. لا تكن طماعًا، اتبع الحق وأقم العدل، لا تظلم الأرملة، لا تحرم شخصًا من ثروة أبيه، لا تطرد الموظفين من وظائفهم، ولا تعاقب أحدًا منهم دون خطأ. واعتن بهم وامنحهم حقوقهم. لا تميز ابن شخص غني عن ابن شخص فقير، بل يجب أن تقدر كل إنسان حسب كفاءته الشخصية. أطع الإله وخف منه، لا تنس آخرتك واعمل لليوم الآخر. واذكر دائمًا نعم الإله عليك". الملك خيتي الرابع من الأسرة العاشرة - عصر الإضمحلال الأول- ناصحًا إبنه مري كا رع .

ولم تقتصر التربية والتعليم على  أبناء الملوك ، لكنها حضارة  فرعونيه قامت على  تربية  شعب  عريق . فينصح الحكيم ولده قائلاً: "لا تتوكل على مال غيرك، إذا ما ترعرعت واتخذت لك زوجة فتذكر أمك فهي قد حملتك طويلًا، وبعد ولادتك كان ثديها طوال 3 سنوات في فمك، ولم تشمئز من قذارتك، وبعد دخولك المدرسة بقيت ترعاك. لا تأكل حين يقف آخر بالقرب منك دون أن تمد يدك إليه بالخبر، لا تكن شرهًا في ملء بطنك، ولا تجعل نفسك رئيسًا على زوجتك في المنزل، تعرف عليها وساعدها. لا تجلس حين يقف من هو أكبر منك سنًا حتى لو كنت أرفع منه مقامًا، إن كنت قد تعلمت شيئًا فأين أنت من بحور المعرفة؟".

أسس المصريون القدماء  حضارتهم بالعلم والإهتمام بالمدرسة، وهو العلم الذي جعل حضارتهم فريدة، وساهم في رفع اسم الإمبراطورية المصرية عاليًا آلاف السنين.والأصل في إنشاء المدرسة هو تعليم التلميذ أو الطفل مجموعة من القيم الأخلاقية والتربوية التي تعد أساسًا لبناء الشخصية السوية، جنبًا إلى جنب مع تعلم الكتابة؛ انطلاقًا من فكرة أنه لا قيمة لعلم بلا أخلاق". ومن هذه الأخلاقيات  ما أوصى به الحكيم الفرعونى لأبنه قائلا: "لا تكن سليطًا ولا متطفلًا، وعندما تكون في بيت أحد وترى وتسمع شيئًا فالزم الصمت ولا تبح به لأحد، ولا تكن ثرثارًا، وكن حريصًا في كلامك؛ لأن هلاك الإنسان في لسانه".

 ومن  هذا العلم ومن تلك الأخلاقيات نشأة حضارة تناقلتها   وتفاعلت معها باقى الحضارات . وهذا ما يقره المولى عز وجل :"وجعلناكم شعوبا  وقبائل لتعارفوا".   فغزا  الفراعنة العالم  بعلمهموأخلاقياتهم وفلسفتهم.  ونالت إنجازاتهم   إعجاب العالم حتى الأن،  ذلك أنهم اصحاب أهداف محددة ،مدروسة ومخطط   لتنفيذها  بشكل علمى متطور وفكر سابق  لزمنه.  عُرفت المدرسه  الفرعونية باسم "دار الحياة"، حيث  أعتبروا  العلم حياة. وعُرفت المكتبة باسم " الدرمجات". وكان التلاميذ يؤدون واجباتهم المدرسية على كَسْرِ الأواني الحجرية والجيرية لأنها الأرخص. كان المصريون أول من آمن برسالة المرأة ودورها في المجتمع فقدروها واعطوها حقوقها ومنحوها جانباً كبيراً من الحرية وقد رسمت المرأة في الصور والنقوش الفرعونية دائماً إلى جانب الرجل. وقد سمح لها بالوصول إلى أعلى مراتب الحكم فنالت لقب فرعون مثل "حتشبسوت". وكان حظ المرأة المصرية من التعليم مثل حظ الرجل انطلاقاً من مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات.

الغرض الرئيسي من التعليم بالمدارس:

- معرفة الكتابة.

- تنمية المثل والقيم.

- التدريب المهني.

وبالنظر إلى التعليمالصينى قديماً  نجد أهداف التربيةالصينية هى:

التدريب على العادات والواجبات وقواعد السلوك، فهدف التربية إذاً تشرب ثقافة الأسرة.

مناهج وطرق التدريس:

مدرسة أولية/ كان التلميذ يبدأ حياته المدرسية وهو في سن السابعة ويتعلم فيها القراءة والكتابة والشعر والحساب وبعضاً من كتابات كنفوشيوس والكتابة بالصور.

المدارس العالية/ يقوم الطالب بتحليل المعلومات وبكتابة المقالات والرسائل في مختلف الموضوعات ويبدأ حياته المدرسية في هذه المدارس في سن الخامسة عشر.

وعنيت طرق التدريس بإعادة المعلومات المتوارثة؛ لذلك عرفت التربية الصينية بأنها تربية سطحية خارجية لا تتغلغل إلى الأعماق.

الأسباب التي جعلت من كنفوشيوس عامل جذب لدى كل الصينيين: أخلاقه، أمانته، تمشيه مع أمزجة وأفكار مواطنيه.

 أهم آراؤه التربوية:

* التربية على الأخلاق.

* التعاطف والإحساس بالغير.

* التربية على القدوة الحسنة.

* التربية على الفضائل الخمسة "الإحسان-العدل-النظام-الحكمة-الأمانة".

* الإنسان خيّر بطبعه.

وكنت قد  أوضحت من قبل أن العلاقة بين الأدب   العربى والأدب العالمى علاقة تكامل.فالأدب هوروح الحضارةولسانها الناطق المعبر عن حالها ومدى تقدمها. وبالمثل سوف  يتضح للقارىء  أن الحضارات  أيضا بينها  علاقة تكامل وتناغم رغم ما مر بهذه الحضارات من حروب وتناحر وتنافس بشرى ،لكنها فى النهاية تتالف وتتكامل  وبفضل هذه الحروب والتجارة وحركات الترجمة وغيرها من الأسباب  تنتقل الموروثات الثقافية من شعب  لأخر.

فحين  نتحدث عن فكرة بناء  أهرامات ،  يخطر ببالك لأول  وهلة أهرامات الجيزة  لشهرتها  المعروفه. لكن هناك أهرامات أخرى  أقل شهرة لكن تم بنائها لنفس أسباب  بناء أهرامات الجيزة مثل الأهرامات الشرقية فى الصين. ويوجد فى العالم أهرامات أخرى مثل أهرامات الأزتك و أهرمات المكسيك.فالهدف  الأسمى والأوضح لنا ختى الأن من بناء الأهرامات هو  أستخدامها كمقابر للملوك العظماء. وأيضا  تجد أن المكان  المخصص لبناء الأهرامات هو صحراء جرداء، بعيدة عن الفيضانات.  ولكأنتلاحظ ببساطةأن  الملوك القدماء بنوا  مجموعة من الأهرامات  بمكان واحد  وحول هذه الأهرامات معابد جنائزية. أليس هذا دليل على  نقل موروثات ثقافية بين   شعوب قد تظنها متفرقة  ومتباعدة ؟لكنها  فى الحقيقة شعوب وقبائل متعارفة بينها علاقات وطيدة.

وبدراسة التعليم  اليونانى القديم ومقارنته بالتعليم الفرعونى نجد أن التلميذ  فى اليونان القديمة  يتعلم العزف على القيثارة، وكان الكثير من مواد الدراسة يصاغ في عبارات شعرية وموسيقية و لم يكونوا يضيعون شيئاً من الوقت في تعليم أية لغة أجنبية، ولكنهم كانوا شديدي العناية بتعلم اللغة الوطنية.

وكان المعلمون المحترفون ينشئون مدارسهم الخاصة لترسل إليهم الأسر أبنائها في سن السادسة،ويذكر ديورانت أن لفظ بيداجوجي لم يكن يُطلق عندهم على المعلم /المربي، بل كان يسمى به العبد الذي يصاحب الغلام كل يوم في ذهابه إلى المدرسة والعودة منها!

و” Péda ” وتعني الطفل، و” Agôgé ” وتعني القيادة والسياقة، وكذا التوجيه.وكان التلميذ يبقى في المدرسة حتى يبلغ الرابعة عشرة أو السادسة عشرة من عمره، وإلى ما بعد السادسة عشرة إن كان من أبناء الأغنياء، ولم يكن في المدارس أدراج بل كان يكتفى فيها بالمقاعد؛ فكان التلميذ يضع على ركبتيه الملف الذي يقرأ منه، أو الصحيفة، أياً كانت مادتها، التي يكتب عليها؛ وكانت بعض المدارس تزدان بتماثيل لأبطال اليونان وآلهتهم، وهي عادة انتشرت فيما بعد انتشاراً واسعاً؛ وكان عدد قليل منها يمتاز بأثاثه المختلف والمتميز،وكان المعلم يقوم بتدريس كل المواد، ويُعنى بالأخلاق كما يُعنى بالعقول ،وكان المعلم يستخدم النعال للتأديب!

تذكر المراجع أنّه كان هناك إجماع من الفلاسفة اليونانيين على مكانة التربية والتعليم والنظر إليها كأسمى مكانة في البلاد، ولما أن سُئل أرستيبوس Aristippus بماذا يمتاز المتعلم عن الجاهل أجاب: “بما يمتاز به الجواد المروض على الجواد الجموح”؛ وأجاب أرسطو عن هذا السؤال نفسه بقوله: “بما يمتاز به الحي على الميت”.

وحين تقرأ للكاتب الأميركي جورج.جي.ام. جيمس كتابه "التراث المسروق"، تجد الكتاب بمثابة صدمة فهو يعترض على مصطلح الفلسفة اليونانية أو الإغريقية بل يراها تسمية خاطئة ويشدد على أن من يُطلق عليهم  فلاسفة اليونان ،لم يكونوا أصحاب هذه الفلسفة "وإنما أصحابها هم الكهنة المصريون وشُراح النصوص المُقدسة والرموز السرية" للكتابة والتعليم.

ويقول جيمس ان "التضليل في حركة الترويج للفلسفة اليونانية يبدو سافرا وفاضحا الى أقصى مدى عند الإشارة عمدا الى أن نظرية المربع القائم على وتر المثلث قائم الزاوية هي نظرية فيتاغورس وهو زعم أخفى الحقيقة قرونا عن أعين العالم...ان المصريين هم الذين علموا فيتاغورس واليونانيين الرياضيات التي عرفوها" بعد أن أُتيحت لهم فرصة التعلم من الثقافة المصرية.

كتاب "أثينا.. افريقية سوداء"وكتاب"التراث المسروق"   يجعلك تعيد  الفكر و النظر في كثير من الثوابت والأفكار المستقرة اذ يكشفان "مساحات الصمت والغياب في تاريخ مصر" الحضاري.

فجميع الغزاة  ناصبوا الثقافة المصرية "العداء القاتل" ولم ينتموا الى مصر تاريخاً أو مجتمعاً ولهذا تعمدوا تجفيف منابع الثقافة المصرية المادية والروحية بتدميرها أو نهبها حتى لو تخفوا وراء أقنعة أيديولوجية باسم الحضارة أو " إبلاغ رسالة".

ويضيف أن المعابد والمكتبات المصرية نُهبت بعد غزو الاسكندر للبلاد وان مدرسة أرسطو حولت مكتبة الاسكندرية الى مركز أبحاث " ولهذا لا غرابة اذ يتأكد لنا أن الانتاج الوفير على نحو استثنائي وغير مألوف من الكتب المنسوبة الى أرسطو أمر من المستحيل تماما من حيث القدرة الطبيعية طوال حياة فرد بذاته" داعيا الى التفكير في مغزى تجنب أرسطو "أي إشارة" لزيارته لمصر وحده أو في صحبة الاسكندر. علماً  بأن مخطوطات نجع حمادي التي عثر عليها فلاح مصري في أربعينيات القرن العشرين مصادفة في جنوب مصر "تتضمن فصولا من جمهورية أفلاطون."

ويناقش المؤلف قضية "لها أهمية كبرى" هي موقف حكومة أثينا من الفلسفة اليونانية قائلا ان الحكومة كانت تنظر اليها باعتبارها فلسفة أجنبية المنشأ. كما كان فلاسفة اليونان "مواطنين غير مرغوب فيهم.

ويقول ان العالم تعرض للخداع زمنا طويلا بشأن منشأ الفنون والعلوم وترتب على ذلك "تأليه" رموز يونانيين وأطلق على افريقيا القارة المظلمة لان أوروبا نالت وحدها شرف نقل الفنون والعلوم الى العالم.

ويضيف فيما يشبه التلخيص أن "أصحاب الفلسفة اليونانية الحقيقيين ليسوا هم اليونانيين القدماء بل شعب شمال افريقيا الذي اصطلحنا على أن نسميهم المصريون" وهم أحق بالتكريم الذي حظي به اليونانيون.

كمـا ناقش الدكتور فؤاد زكريا نظرية "المعجزة اليونانية"، في كتابه "التفكير العلمي"، وفنّدها معترفاً بتهافتها؛ إذ يقول؛ "إنّ الكلام عن معجزة يونانية ليس من العلم في شيء، فالقول إنّ اليونانيين قد أبدعوا فجأة، ودون سوابق أو مؤثرات خارجية، حضارة عبقرية في مختلف الميادين، هو قول يتنافى مع المبادئ العلمية التي تؤكد اتصال الحضارات، وتأثير بعضها ببعض، على حين أنّ لفظ المعجزة يبدو في ظاهره تفسيراً لظاهرة الانبثاق المفاجئ للحضارة اليونانية، فإنه في واقع الأمر ليس تفسيراً لأي شيء، بل تعبير غير مباشر عن العجز في التفسير".

وجدير بالذكر أن فيلسوفاً مثل فيثاغورس الذي عاش، تقريباً، بين العامين (580-497) قبل الميلاد، قد رحل إلى مصر وعاش فيها اثني عشر عاماً، وبعدها سافر إلى بابل بالعراق، فمكث فيها اثني عشر عاماً كذلك، ومن البابليين تعلم الرياضيات، كجدول الضرب، وجداول التربيع والتكعيب وجداول عكسية الجذور التربيعية والتكعيبية والكسور والأوزان والمقاييس، وعلم الجبر والمعادلات الأولى والثانية والثالثة، وبلا شك، فقد كانت تلك العلوم التي تعلمها فيثاغورس في مصر، هي الأساس الذي انطلقت منه وتطورت في بلاد اليونان بعد ذلك.

و تواترت الأدلة على أنّ طاليس، وديمقريطس، بل وأفلاطون، زاروها كذلك، ويبدو أنّ زيارة مصر، في ذلك الزمان، والحج إلى معابدها، ومخالطة كهنتها وعلمائها، كان أمراً يحرص عليه معظم فلاسفة اليونان، ولا سيما مع تطور العلوم والآداب والفنون المصرية القديمة، وثراء الديانة المصرية، وكذلك ثراء الجوانب الميتافيزيقية والأخلاقية والجمالية التي تمتزج بها.

وبالمثل  أذكر البطل العربى منصف   الورغى الذى هزم بروس  لى ولم  يلقى   اهتمام اعلامى  1972.

هــذه مصر يا سادة وهذه هى الحرب  ضدها  : "استمع لما أقول لك حتى تكون ملكًا على الأرض، احذر الأتباع، ولا تكن وحدك، لا تثق في صديق. إذا نمت فاحرس قلبك بنفسك، وعند الشدائد لن تجد الصديق، لقد أعطيت الفقير فكان الذي طعم خبزي هو الذي خانني". الملك أمنمحات الأول، مؤسس الأسرة الثانية عشرة، ولده الملك سنوسرت الأول.