يقول الكاتب والسياسي أسامة وحيد : " هناك البعض الذي يشتري لنفسه سيدا." وخروجا عن نسق القاعدة التي تقول بشراء السيد عبدا ، فهاهو الانسان الحر يشتري لنفسه سيدا و ربًّا يتحكم به ويتصرف به كما يشاء ، وكما سميت هذه الظاهرة أو «النومينون» فاطلقت عليها عدة أسماء وألقاب ، وسميت لدى الفيلسوف الفرنسي لا بويسي «العبودية الطوعية» كما يشر إليه في مقاله هذا : ""أيتها الشعوب المسكينة والبائسة والحمقاء، أيتها الأمم المكابرة في دائها والعمياء عن نعمتها، أنتم تتراخون فتدعون الأجمل والأنقى من رزقكم يختطف من أمامكم، فحقولكم تنهب وتسرق، وبيوتكم تعرى من الأثاث القديم الذي كان لآبائكم، وتعيشون على نحو لا يسعكم معه الزهو بأنكم تمتلكون شيئا. يبدو أنكم إذا ترك لكم نصف ممتلكاتكم، ونصف عائلاتكم، ونصف حياتكم، تعتبرون ذلك سعادة كبرى". وسميت أيضا لدى المفكر الإيراني علي شريعتي «الإستحمار» ويذهب هذا الاخير مذهبا يعاكس فيه لابويسي حيث يرى العبودية تبدأ من التفكير أي الشيء اللامادي إنطلاقا للأسياء المادية ، أما لا بويسي فيرى العبودية تنطلق من الأشياء المادية إلى اللامديات والأفكار ، ويذهب المفكر مالك بن نبي رحمه الله مذهبهم لكن تختلف التسمية فقط "قابلية الإستعمار" حيث أن العامل المشترك في كل هذا أن العبد هو الذي ينشئ سيده ، ويصنع طاغيته ، أو بمعنى تقدمي ينتخب رئيسه !
إن الشعوب التي تظن ولو ظنا بعضيا بأن الحاكم هو المخدوم و رعيته هي الخادمة والعاملة عنده هي بالتأكيد شعوب تصنع بل و تجيد صناعة الطاغية ، إن التكليف الذي يحمله الرئيس أو الحاكم ينزله منزلة الخادم لا المخدوم ، وإن التشريف الذي يتميز به الشعب يجعل في مرتبة المخدوم لا الخادم !
إذن فالإستحمار أو العبودية الطوعية أو قابلية الإستعمار هي رضوخ الشعب رضوخا ماديا وهو الأقل خطورة من الإستعمار الفكري الذي يبدأ من الاستسلام لأفكار المستعمر و تلقيها وهذا ما ينتج عنه عدة أشكال للإستعمار مثلا «الإستعمار البعدي» و «الإستعمار المادي» .
إن الشعب الذي يطيع فكرة الاستعمار كفكرة ويرضخ لها تسقط عنه صفة الشعب المستعمَر والمحتل ، ليحمل صفة جديدة هي صفة الشريك في استعمار نفسه . وتبقى صناعة الوحش والطاغية أمرا سهلا ، لكن القضاء عليه وتفنيده كفكرة قبل اسقاطه "ماديا" أمر يشبه المستحيل اللهم إن كان فينا رجل رشيد !
صناعة الظالم !
هذه التدوينة كتبت باستخدام اكتب
منصة تدوين عربية تعتد مبدأ
البساطة
في التصميم و التدوين