وردة صغيرة كانت تدعى "ورد" نشأت في بستان صغير بديع المنظر، نسماته عليلة نهاره وديع وليله هادئ.. كبرت الوردة وصار مرمى بصرها يصل إلى تلك الغابة المخيفة وكلما ألقت بنظرها نحو تلك الغابة ارتعدت خوفا وضمت بتلاتها الوردية لتحميها من بشاعة المنظر،ومرت سنوات وسنوات وفوجئت وردتنا أنها ستنقل إلى تلك الغابة المظلمة؛ فبكت كثيرا حزنا على فراق بستانها الزاهي ورفاقها من الورود ولكنها جففت دموعها بعد أن علمت أنه لا مفر من الخروج إلى ذاك الفضاء الواسع؛ فلا بد لها من العيش بين كل ذاك الظلام، ولم يمض وقت طويل حتى قابلت ورد وردة أخرى فى هذه الغابة، تحدثتا معا وتبادلتا الابتسامات الوردية واخيرا صارتا رفيقتين! .. تعانقتا وظلت الرابطة تقوى بينهما حتى أتت رياح الأقدار بما لا تشتهي السفن محملة بغبار من صحراء جرداء؛ فسكن هذا الغبار في قلب الوردة رفيقة ورد فإذا بورد تنظف ذلك الغبار عن رفيقتها وإذا برفيقتها تبتعد شيئا فشيئا والحق ان قلب ورد كان مليئا بثقل أيامها حينها. كان ممزقا خائفا حائرا قد أصابه ظلام اطفأ كل نوره وباتت ورد تتكلف أنها بخير ولا تقوى على وضع بعض أثقالها في قلب رفيقتها حتى لا تثقل كاهلها بما لا تقوى عليه.. ولأجل حال ورد تركتها الوردة غاضبة على حالها أو قل من حالها!
وحدث بالطبع ما يحدث كالعادة.. انتابت ورد بعض تلك العزة التي جعلتها تشعر بالأذى من قرب رفيقتها ولذا قررت المضي قدما وحدها ولا رجعة في الأمر مهما كلفها!
جاءت رفيقة ورد تعتذر لأنها تحب ورد بالطبع.. لكن قلب ورد قد تسلل إليه القسوة ولذا فإنها ستسحق كل الأعراف والتقاليد ومبادئ التسامح فكان عاقبة الأمر أن خسرت ورد رفيقتها التي لا مثيل لها -وبالفعل لم تجد ورد مثيلا لها- وخسرت الناس والزملاء وربما أهلها!
قد حطمت مبادئ التسامح أو حطمها انعدام التسامح.. وربما كان العفو والصفح مبدأ دينها ولكنها للأسف عميت عنها بغضبها الصامت فلم يكن تحطيما لمجرد روابط فقد كان له تبعات لم تقوى ورد على ردها.. انهارت في أسفل ادراك السوء.. وثارت نفسها تمردا على روحها او روحها تمردت على نفسها.. لست أدري
تحطمت وأي تحطم! .. الله وحده يعلم.. كم قضت الليالي تتنسم.. املا في الأمل!