أتذكر ذلك الكائن الذي كان يدّعِي الانشغال دائما ويتكلف كثيرا بغضه للمرح وضيقه بالحديث مع الأصدقاء و قلة حيلته عن لعب الكرة او التنزه قليلا.. نعم قد تقدم العمر قليلا بهذا الكائن وتخلى عن بعض عاداته تلك وربما مازال حريصا على بعضها خوفا من أن تعرف السعادة طريقه!
نعم قد أصبح الآن ينكر كثيرا من الأشياء في العالم.. ينكر تبادل التهنئة بالمناسبات.. ينكر التجمعات.. ينكر المناسبات من الأساس.. يضيق بالحديث مع الأصدقاء المقربين -هذا إن كان له أصدقاء مقربين - ينكر محبة الناس إن ذاق بعض مرارتها .. ينكر جمال الورود إن رأى اشواكها.. بات ينكر كذا وكذا وكذا.. حتى إنه أوشك أن ينكر قلبه!
.. والسؤال الذي ينتابُنِي كثيرا :" حال هذا الكائن الآن ناتج عن طباع خُلِقَ بها أم طباع تدرّجت به في السوء حتى هار وانهار في نار حاله الآن ؟
لماذا رسم حدودا داخلية لنفسه الآن؟ لقد كانت حدوده مجرد حدود خارجية وضعها لأنه يعلم أن خلف هذا السور من الطفولة يَقْبَعُ الواقع بجيوشه المَهُولَة!
لماذا أجبر نفسه على أسلوب يُعادِي روحه الحُلوة؟!
لماذا؟.. هذا ما لا أعرفه ولا أستطيع تكهن سببه!