"اننا محتاجون اليوم الى المعرفة، لا إلى الاعتقاد وعدم الاعتقاد، لأننا نعتقد -غالباً- أن الدين بدون معرفة لا قيمة له أبداً، إننا محتاجون اليوم إلى معرفة الدين، إلى معرفة العلم، إلى معرفة المجتمع والتاريخ، إلى معرفة شخصياتنا، لا إلى التظاهر بالعقيدة، كل هذه العقيدة عندما لا تكون مقترنة بالوعي، ليس أنها لا فائدة فيها فحسب، بل أنها مضرّة، لأنها تأخذ جميع الطاقات الإنسانية. "
هذه كلمات للمفكر علي شريعتي الذي أراد بها قول أننا يجب الرؤية ما بعد الاعتقاد والسفر في العلوم الدنيوية وعدم التوقف عند محطة العلوم الدينية ، فالدين لا يمنعنا من ذلك فكيف بنا نمنع أنفسنا من ذلك ، وأن إعتقاد العجائز يعد ركودا لعقل الفرد ، وعقل الجماعة . فليست تقوم أمة بالدين وحده وليست تقوم بغير الدين ، لكن تقوم بالدين والعلم مجتمعين معا .
لكننا ابتلينا بقوم ظنوا بل جزموا أن الدين لم ينزل إلا لهم و أن غيرهم هم المقصرون و أنهم الذين اكتمل الدين عندهم ، وهؤلاء هم من جعلوا الدين والدين الإسلامي بالتحديد حبيس المساجد والمعابد ، هم من جعلوا الأمة في ركود و جمود فكري وديني .
فهؤلاء أيضا الذين يرون نفع الخمر أكثر من مضاره أو يرون أن مضاره أكثر من نفعه فليس لهم سوى الخيار الواحد ، فليس في قامسهم مصطلح التكافئ أو الإتصال و الجمع بين الأمرين ، فالخمر له مضاره وله منافعه .
إن ما أفنى عليه الدكتور علي  شريعتي عمره هو إثبات أن ليس للدين رجل دين يسيطر عليه وحده ويتحكم فيه وحده كأنه له وحده ، بل إن كل واحد منا يرى الدين من منظوره فعالم الفيزياء يرى الدين من منظور الفيزياء و الطبيب يرى الدين من منظور الطب و المؤرخ يرى الدين من منظور التاريخ !
إن التصلب الممارس على الدين الذي يحبس الدين حبسا يجعل منه دينا ذا حيز وذا مساحة لا تتعدى المسجد أو مسائل الفتوى والميراث ،لا يتدخل في أي مجال ليصلحه أو ليترك الأثر الديني فيه هو ما جعل الأمة في ركود ، فترى كل أمة جاثية بسبب هذا التصلب والتحجر  فبمقابل العلمانية نطالب بالدينية الحقة التي تجعل من الدين شريك أي عمل سياسي أو علمي أو أي عمل آخر فليس شرطا أن يتدخل رجل الدين في الفعل بقدر ما يتدخل الوعي الديني في عامل العمل .