تعتبر التقنية الحديثة من الضروريات في حياتنا اليومية للتواصل مع الآخرين والعالم الخارجي عموماً، فإن كنت تريد أن تبحث عن معلومة في بلدٍ ما تتيح لك التقنية الحصول على ما تريد بكل يسر وسهولة، وعند جلوسك في المنزل وجال بخاطرك شراء وجبة من الوجبات تجد أن التطبيقات تمكنك من ذلك دون أن تتكبد عناء الخروج لتلبي احتياجاتك.

ليس هذا وحسب بل إن التقنية يسرت العديد من الأمور التي كانت تصعب علينا سابقا، فلا يغيب عن الأذهان الجهود الكبيرة التي قامت بها حكومتنا الرشيدة أثناء جائحة كورونا حيث تحولت الدراسة عن بُعد حرصاً على سلامة الطلاب، وتحولت بعض الأعمال عن بُعد أيضاً، وشاهدنا العديد من الجهات الحكومية كثفت خدماتها إلكترونياً؛ لسلامة المستفيد.

ولم تكن المنصات التدريبية بمنأى عن ذلك فقد ساهمت أيضاً بتقديم الدورات التدريبية المجانية بشهادات معتمدة، فتكاملت الجهود لخدمة أفراد المجتمع.

هذا غيضٌ من فيض، فلا يتسع بنا المقام لسرد فوائد التقنية المتعددة التي غيرت من نمط الحياة بشكل عام.

فعلى سبيل المثال، نجد أنه منذ سنوات ليست ببعيدة انتشرت ظاهرة دعوات الأفراح عن طريق ارسالها عبر تطبيق الواتس آب وأحياناً تجدها رسالة أو صورة، وفي أحايين أخرى تشاهدها كمقطع فديو قصير.

كما أن كثيراً من الأصدقاء والأقرباء وأحياناً الزملاء وغيرهم ربما لا يرون بعضهم البعض لفترات طويلة فاكتفوا بالتواصل عبر التطبيقات الحديثة مثل الواتس آب، والسناب شات، والفيس بوك، والتويتر، وغيرها من برامج التواصل الاجتماعي المتزايدة والمتجددة. 

وهذا ليس بمستغرب حيث بيّنت احصائيات وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية أن عدد مستخدمي التطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي وصل إلى (18.3) مليون مستخدم أي بما يعادل نسبة (58 %) من تعداد سكان المملكة العربية السعودية.

كما أكدت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات أن الهواتف الذكية تعتبر المنصة الأكبر لاستخدام تلك المواقع.

والجدير بالذِّكر أن الفيس بوك استحوذ على أكبر عدد من مستخدمي وسائل التواصل في المملكة العربية السعودية حيث كان (11) مليون مستخدم، بينما وصل عدد مستخدمو تويتر (9) مليون مستخدم.

بينما كانت مشاهدة المقاطع المتنوعة في موقع اليوتيوب بنسبة مشاهدة عالية قد وصلت إلى (7) مليون مستخدم.

أما عن الاحصائيات الدولية فقد تقلدت المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى عربياً والثانية عالمياً في استخدام سناب شات، وتصدر الواتس آب والفيس بوك نسب استخدام منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، بنسبة (22 %) للواتس آب، و(21 %) للفيس بوك.

وبناءً على ما تقدم عرضه من أرقام ونسب متفاوتة تجدر الإشارة هنا إلى منظور ذو بُعد تربوي مهم للوالدين وكل من يحمل على عاتقه مسؤولية تربية أبناء المسلمين، فكم من الأبناء يحمل بيده هاتفه الخاص أو اعتاد على استخدام جوالات والديه أو أحد أفراد أسرته.

فكم هو جميل أن تستخدم التقنية للمعرفة بفروعها المختلفة وتطوير الذات وتنمية المهارات، ومعرفة الجديد ونشر كل ما هو مفيد.

لا شك أن مواكبة التطور تعتبر مطلب مفيد، ولكن الحذر من أن تتغير بعضاً من العادات فهناك من الناس من اكتفى برسالة أو صورة ليُّبارك ويهنئ أو يسأل من باب التواصل، بينما الأصل في عادات مجتمعنا تبادل الزيارات التي تزيد من أواصر المحبة.

وقديماً كان صاحب الدعوة يزور المدعوين ليدعوهم إلى حفل الزواج، ثم اتجهت الناس إلى طبع وارسال كروت الدعوة الورقية، وبعد ظهور التقنية صار البعض يكتفي بأن يرسل دعوة إلكترونية صورةً كانت أو مقطع فديو قصير، فبذلك أصبحت التقنية بديلاً للزيارة بغرض الدعوة، وهذا قد يقلل من التواصل والترابط مثل السابق إلى حدٍ ما.

ومن الصعب بمكان أن يكون الإنسان بمنأى عن التقنية في هذا الزمان، فلا مانع من لحاق الرَّكب لمسايرة ما هو جديد في عالم التقنية.

كذلك من المهم جداً الحذر من الوقوع في شِراك اللُصوص!

لكن!!  من هم هؤلاء اللُصوص؟

إن كان من الذين انتشروا مؤخراً بمسمى القراصنة (الهكر) بحيث يخترق حسابك في تطبيق مثل الواتس آب، فهناك طريقة الحماية بالتحقق بخطوتين تحميك من ذلك مع عدم فتح الروابط المشبوهة كما يوصي أهل الاختصاص.

أم يكون اللِّص في حساب التويتر، أو الفيس بوك، وربما الإنستجرام، وغيره، فهؤلاء غالباً ما ينتهجون أسلوب مكرر، يبدأ بمتابعة حسابك ثم ينشئ حساب مماثل لحساب أحد المضافين لديك منتحلاً شخصيته، فيطلب متابعة حسابك ويرسل عادةً أنه فقد الأرقام ويرغب بأن تزوده برقم جوالك الشخصي، ليتواصل معك أو أنه يرغب بإنشاء مجموعة واتس آب ليضيفك، وغيرها من الأسباب المتعددة؛ ليستدرجك حتى تقع في تلك الشِراك.

ولربما يكون ذلك اللِّص الذي يسرق وقتك في تصفح التطبيقات والبرامج والمشاهدات التي لا طائل منها غير ضياع الوقت دون فائدة شرعية، معرفية، علمية، مهارية، تطويرية.

ولعله كبير اللُصوص الذي لديه هدف واحد، وهو: (عقلك)، فإن أعملتَ عقلك وأشغلته بما يعود إليك بالنفع فلن يقدر هذا اللِّص على سلب وقتك ولا اهتماماتك، مما ينعكس ذلك على من هم حولك – كن قدوة صالحة – وإن سلمته عقلك ذَهَبَ وقتك أدراج الرياح.

حيث جاء في الحديث الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (نِعْمَتانِ مَغْبُونٌ فِيهِما كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ). ولا يدري أكثر الناس أهميتهما إلا بعد زوالهما، وفيه الترغيب في استغلال النعم من صحة وفراغ وغيرهما، والاستفادة منهما فيما يرضي الله سبحانه وتعالى. 

وقال أحمد شوقي:

دقاتُ قلبِ المرءِ قائلةٌ له               إن الحياةَ دقائقٌ وثواني

فارفع لنفسك بعدَ موتكَ ذكراها      فالذكرُ للإنسان عُمرٌ ثاني

وخلاصة القول إن الحصيف من يدرك أهمية الوقت ويستغله بما يعود إليه بالنفع في حياته وبعد مماته.