الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين ﷺ وبعد ..
هذه خواطر متناثرة حول الدعوة التي أُقيمت للمشاركة مع جميع أتباع الأديان في الصلاة من أجل الإنسانية كيما يرفع الله الوباء عن أهل هذه الأرض.
1/ حكى الله لنا في غير ما آية في كتابه حال المشركين إذا مسهم الضر كيف أنهم يخلصون العبادة والدعاء لله ، فإذا نجّاهم وكشف الضر عنهم عادوا إلى سابق شركهم وطغيانهم في علاقة نفعية قبيحة لا تعرف الإخلاص لله إلا عند الشدائد.
ويا للمفارقة العجيبة ، أن يكون كفار الزمان الغابر أوفر عقولًا وأبصر بطريق الدخول على الله من كفار زماننا ، يقول الحق تبارك وتعالى عن قوم فرعون: (ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل).
هذه الصلاة المشتركة المزعومة التي يُدعى إليها اليوم هي تمامًا كأن يقوم قوم فرعون بالذهاب إليه قائلين: تعال يا موسى نحن وإياك نصلي سوية لرفع هذا البلاء!
2/ المشاركة في هذه الحملة هي بمثابة إقرارٍ ضمني بكون تلك الأديان الباطلة موصلةٌ إلى الله سبحانه وتعالى ، وقد قال الله في محكم كتابه بعبارة صريحة : (إن الدين عند الله الإسلام) ، وقال بنصٍّ حاسم قاطع: (ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) وقال (ألا لله الدين الخالص).
وهي في أقل أحوالها لمن انساق خلف هذه الدعوات -مع اعتقاده بكفر من هو على غير الإسلام - ظلم جسيم ومعصية عظيمة وقد تجرف صاحبها إلى مآلات خطيرة ، يقول تعالى: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون) ويقول الله سبحانه لنبيه ﷺ :(ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا • إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا) فكيف بمن دونه ﷺ.
ويقول سبحانه لنبيه ﷺ : (قل إن هدى الله [أي الإسلام] هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير) ويقول سبحانه: (ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذًا لمن الظالمين).
وقد جاءت قريش للنبي ﷺ في محاولة للتقارب والتسوية تطلب منه أن يعبد آلهتها سنة ويعبدون هم إلهه سنة ، فأنزل الله سورة الكافرون منهجًا واضحًا لا يقبل التسوية: (قل يا أيها الكافرون • لا أعبد ما تعبدون • ولا أنتم عابدون ما أعبد • ولا أنا عابد ما عبدتم • ولا أنتم عابدون ما أعبد • لكم دينكم ولي دين).
وبين سبحانه طريقة التسوية معهم فقال: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون).
3/ لا وجود لرابطة الأخوة الإنسانية في شرعة الإسلام ، الإيمان هو معقد الأخوة والولاء ، وعليه تبنى العلاقات والروابط ، قال تعالى في حق الكافرين: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين).
وبين للمؤمنين من هم أهل الولاية الذين تقام بينهم أواصر العلاقة ورباط الأخوة: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون).
وقال سبحانه محذرًا عباده المؤمنين: (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء)
ويحذرهم بأن من تولاهم فقد خرج من دائرة الإسلام وارتحل إلى ضفتهم (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) وجعل ولاية الكافر من صفات المنافقين (وبشر المنافقين بأن لهم عذابًا أليما • الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين).
وفي الإسلام منزلة الكافر المعرض عن الهدى أحط من الأنعام (أولئك كالأنعام بل هم أضل) وفي سورة البينة - وحسبك باسمها دلالةً- جاء التمييز واضحًا بصريح العبارة من أن الكافرين (هم شر البرية) وأن المؤمنين (هم خير البرية). فميزان الله واضحٌ لا مواربة فيه (ومن يهن الله فماله من مكرم).
4/ أختم بقول أبي القاسم الجنيد رحمه الله تعالى إذ يقول: الطرق كلها مسدودة إلا طريق من اقتفى آثار النبي ﷺ ، فإن الله عز وجل يقول: (وعزتي وجلالي لو أتوني من كل طريق ، واستفتحوا من كل باب ، لما فتحت لهم حتى يدخلوا خلفك)
وهو ﷺ القائل: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا -أي ديننا- فهو رد - أي باطل مردود-.