ما بعد كورونا ليس كما قبله. أصبحت حقيقة يتفق عليها جميع المحللين الاقتصاديين و الاجتماعيين و السياسيين تنتظر فقط إنتهاء هذا الوباء لتكشف لنا عن وجهها و ترينا تأثيراتها بشكل أوضح.الوزير الجدعان وضع النقاط على الحروف في مقابلته مع قناة العربية مؤخراً.و الإجراءات المؤلمة التي أشار إليها قادمة و سنراها إلا أن يشاء الله غير ذلك. و هي نتيجة طبيعية لما سيخلِّفه إعصار كورونا و تكاليفه الباهضة على الإقتصاد بسبب الإغلاق و الحظر مما أدى إلى الشلل التجاري عموماً. يضاف إلى ذلك الإنهيار في أسعار النفط نتيجة لقلة الطلب عليه و امتلاء المخازن العالمية منه.و ما سأذكره هنا ليس من باب الإرجاف أو التخويف و إنما من واقع غير طبيعي تمر به البشرية عموماً و أصبحت إحتمالية حدوثه واردة سواءاً ضعفت أو زادت نسبة هذه الإحتمالية.ف لكي تستطيع الدولة الإستمرار بالقيام بأداء واجباتها و مسؤولياتها تجاه مواطنيعا و المحافظة على توفير احتياجاتهم الأساسية كان لا بد لها و الحال هذه من إتخاذ إجراءات عاجلة و مؤلمة للسيطرة على الوضع الإقتصادي و تفادي ما هو أسوأ، فلجأت إلى الخيار الذي ارتأت أنه الأقل ضرراً على المواطن من غيره من الإجراءات الأخرى كرفع نسبة الضريبة المضافة إلى 15%.و بما أن الخيارات الأخرى الأكثر إيلاماً ليست مستحيلة التنفيذ عند نقطة حرجة ما في حال استمرار هذا الوباء مدة أطول من المتوقع و كذلك استمرار تدني أسعار البترول في مستويات لا تكفي لسد إحتياجات الميزانية العامة للدولة. فإن على المواطن مسؤولية التكيف مع هذه الأوضاع الغير طبيعية، و تهيئة نفسه و أسرته للتعايش معها بواقعية و منطق و بما يحقق له الإكتفاء المعيشي.فالوقت اليوم ليس وقتاً للتفكير العاطفي و توزيع الأوهام و الأحلام و الجمود و العيش على أمل (التفاؤل).
فوزير المالية الذي هو أدرى الناس بالوضع الإقتصادي للبلد قد قال و بوضوح (يجب توقع الأسوأ). و هذه رسالة مهمة جداً يجب التوقف عندها و أخذها على محمل الجد و الإستعداد التام لها.
فالأسوأ ربما يكون في عجز الدولة عن الوفاء بالتزاماتها تجاه تقديم الخدمات الضرورية لمواطنيها كالكهرباء و الماء و الوقود و غيره.
و الأسوأ قد يكون العجز عن دفع رواتب الموظفين و معاشات المتقاعدين.
و الأسوأ قد يكون في إنهيار سعر صرف الدولار امام باقي العملات و بالتالي سحب الريال معه.
و الأسوأ قد يكون بفرض المزيد من الضرائب و ارتفاع الأسعار و من ثمّ ارتفاع تكاليف المعيشة و زيادة نسبة الفقر بين أفراد المجتمع.
و الأسوأ قد يكون بخروج وباء كورونا عن السيطرة و تسببه بفقد الكثير من الأحباب و الأقارب و الأصدقاء و الأسر.
إذاً توقع حدوث الأسوأ هو الذي يجب أن يخطط له العقلاء من اليوم و ليس العيش على امل و أحلام التفاؤل الذي ليس هذا وقته.
إن التخطيط و الإستعداد للأسوأ سوف يقيك وقع صدمته و يخفف عنك وطأة حدوثه و يهون عليك أثره لو حصل لا قدر الله.
إن تخطيتك و استعدادك لهذا السيناريو يجب أن يبدأ من اليوم إن لم تكن قد بدأت به فعلاً:
- احرص على ترشيد الإنفاق و توفير السيولة قدر الإمكان.
- اشرح الوضع لأسرتك و اجعلهم يتوقفون عن شراء الكماليات إلى أن تتضح صورة الوضع العام و تتكشف الآثار الناتجة عن هذا الوضع الغير طبيعي.
-إذا كان لديك عقار او أرض زائد عن حاجتك أو نشاط تجاري ليس بذي فائدة او فائدته المادية ضعيفة أعد تقييم أفضلية الإحتفاظ به او تسييله نقداً، فاليوم توجد إمكانية للتخلص منه قد لا تتوفر غداً.
- ادرس مدى توفر الإحتياجات الأساسية و الضرورية للعيش في منطقتك. فإن لم تتوفر، فكر في تملّك أرض زراعية او سكن أو استراحة في منطقة يتوفر فيها الماء و الزراعة و مقومات العيش عند حدوث الأسوأ لا قدر الله.
- اجعل جزءاً من سيولتك في الذهب أو في بعض العملات القوية.
إعلم أن الوضع العالمي برمته يتجه نحو تغيرات اقتصادية و سياسية و أمنية كبرى. و هذه التغيرات سوف تغير معها حياة كثير من الشعوب التي تضررت بجائحة كورونا و انهيار أسعار البترول سياسياً و اقتصادياً و أمنياً. و قد تعيد بعضاً منها إلى عشرات السنين إلى الوراء.
عبيد الصنهات