يتميز الإنسان عن باقي المخلوقات التي خلقها الله بالعقل ، والعقول تتمايز منها ما هو سطحي ومنها ما هو عميق وملئ بالاسرار ، جاء هذا البحث خلال اكتشاف إيلي للعقل ومضامينه العصية فلقد حاول أن يكون عقلا مختلفا في خضم التغيرات التي طرأت على العالم في القرن الواحد والعشرين، يجمع بين الاصالة والقديم والجدة والحداثة ، السؤال الذي يطرح نفسه ..أين هو العقل ؟ هل هو ذلك التكوين القابع في عظام الجمجمة أم هو شيء آخر خفي في جسم الانسان .. العقل عند العرب هو التعقل وربط العقال أي التمييز بين الصواب والخطأ ، لعل البحث عن العقل تحتاج لنوع آخر من المعرفة للوصول اليه واسكشاف أطواره ورحلته نحو العقل الكلي ، خلايا الدماغ مرتبطة ببعضها وفق وصلات عصبية دقيقة تعمل على تكوين شبكة من القنوات الحية التي يتدفق فيها الدم والسائل المخي ليصير الدماغ حيا وملئ بالاكسجين ،ولكن القلب أيضا به خلايا عصبية وذاكرة وبصيرة تدرك الامور وترى ما وراء العقل ، هل الأهمية للعقل أم للقلب ؟ لعل الامر يُحدث عزفا متناغما بين العقل والقلب لتصير الامور أوضح، ولكن ما هي اطوار العقل؟ الطور الأول الكمون هذا الطور يسبق كل الأطوار فهو يعني عدم الفاعلية والاختباء ، حيث يكون العقل لم يولد بعد وهي مرحلة صعبة على الانسان اذ يكون المرء في مرحلة من التبعية لغيره غير مدرك لحقيقة الامور بنفسه وهي تجبره على الاخذ من الاخرين، ولكن عقلا جنينيا يكون في مرحلة الظهور ويحتاج لصدمة قوية لتوقظه وهي تسمى تجارب قريبة من الموت near death experience حيث يصرخ العقل الايماني و محله الصدر يريد الولوج لعالم الحقيقة وتبدأ عندها عملية البحث عن مجريات العالم وهو الطور الثاني للعقل اللب أو اللمظة ، وتأخذ الإنسان عملية عصف ذهني كبيرة تعمل على ايقاظ حواسه وبصيرته لبناء حقائق يتكون فيها العقل يصوغ الاولويات ويقدم ويؤخر الى أن يرتاح لترتيب معين من الحقائق والمعلومات التي بحث عنها في عالم الأمر وبذلك يكون قد كون القاعدة الأولى التي يتكون منها العقل .. اذا العقل عبارة عن قواعد نبنيها بانفسنا بالبحث والاستكشاف.. لعل يقظة الروح والحواس جراء التجارب القريبة من الموت هي التي توقظ قوى العقل وتعمل على رؤية مضامين الكون عن قرب بدون واسطة أو فيلسوف وهي تجربة تستدعي القلق و الحيرة في البداية وشيء من الالم الذي يعتري الانسان أنا أتحدث عن الانسان الصوفي الذي بدأ رحلته في البحث عن الحقيقة . يأخذ هذا اللب بالنمو بالصلاة والتأمل وحث الحواس الداخلية للانسان لترتيب وعيه الباطني . إن هذا العقل الجديد مرتبط بالكون فهو عقل كوني جنيني قد ولد حالا وهو يحتاج لصبر حتى يكتمل وينتقل للمرحلة الثالثة وهي عين الحقيقة أو العقل الفعال ، تأخذ السالك للحقيقة مراحل كثيرة حتى يلج عين الحقيقة ويصير يرى خلف أستار الوجود ليصل للعقل الفعال.. هي معارك من نوع آخر بين الذكورة والانوثة في هذا الكون بين الظلمة والنور ، بين الليل والنهار لتتسع الفجوة بين الابيض والاسود هناك حيث الحقائق بلا أدنى شك فيصير السالك يرى بام عينه مراتب الوجود وحقائق العالم وما تحويه من أسرار وكشف عصي على الدماغ فهمها ، اذا الانسان كل متكامل لا يمكن فصل عقله عن باقي أعضاء جسمه أو تأثير روحه على وعيه وحدسه ، اذ تتفاعل جميع المكونات بصورة لا نفهمها لتعطي أنماطا مختلفة من البشر ، الان قد تمدد وعي الانسان وهو وعي كوني يربط المايكرو بالماكرو اي الصغير بالكبير من الذرة الى المجرة ، ولكن ما هو هذا العقل الذي شاهد كل هذا ، ليس بامكاننا معرفة اي شيء عنه فدراسته تحتاج لفهم عميق للعقل الباطن أو حواس الانسان الداخلية ، انه شيء آخر ، كائن آخر مجهول الهوية يقبع داخلنا تمددات لوعينا البشري خلق أجساما اخرى داخلنا بأبعاد موازية لشخصيتنا ، تجئ حينا وتختفي حينا آخر ، لعل دراسة علم النفس هي ما نحتاج ، دعنا نبدأ في دراسة علم النفس ، ما هي هذه النفس التي تشكلت جراء هذه العملية المعقدة من البناء والتكوين وأين كانت قابعة ، لابد انها كانت مختبئة في مكان ما خلف طيات الجسد وما يعتريه من شهوات ، إذا قتل شهوات النفس ولد داخلنا نفسا جديدة قابلة للبحث والاستكشاف فالنفس القديمة ممزقة مليئة بالتلوثات أما هذه التي تعرضت لتجربة قريبة من الموت فهي مختلفة.. إن النفس حجاب عن الحقائق فهي غير مدركة وواعية للماورائيات و أغوار الكون ، ينقسم علم النفس الى علم نفس الشخصية وعلم النفس الاجتماعي ، الشخصية كاريزما خاصة لها عالمها وحياتها وما تحبه او تكرهه انها شخص يتعرض لكثير من التجارب التي تصقل الشخصية اذ لا انفصال بين علم النفس الاجتماعي وعلم نفس الشخصية.. هناك قفل مزروع بجسد إيلي يحاول التخلص منه ولكنه يمنعه من اكتشاف نفسه وما ينطوي على ذلك من شخصية ، يحاول تحطيمه ، يرفض عساه ماذا يفعل.. إن اكتشاف الذات هو المفتاح لفهم النفس والشخصية والعقل وأطواره وما وراء العقل واكتساب حواس جديدة لم تكن في الحسبان .. سأكتب شعرا غنوصيا يبدأ من ما قبل التاريخ حتى اللحظة .. أصير روحا من أول الأمر أتنزل على هذا الكوكب أجوب أقاليمه أحاول فرك العين المغماة تؤلمني تحمر تصير مليئة بالنتوءات أضع مرهما الهيا عليها تشفى أقمع ذاتي أضربها لعلها تستيقظ تختبئ مني اطعمها شيئا حارا تسعل سعلا شديدا تقيء جهلا أملؤها بحثا اجوب بها بضع قرى كونية القرية الاولى اليقظة awakening الطور الرابع العقل الباحث انها مرحلة جميلة مليئة بالتساؤلات يبدأ عندها العقل بالبحث عن معلومات أقل عمقا و اكثر دهشة ويسرا، معلومات اجتماعية مثلا او عن البيئة والارض وصناعة الاشياء ..العقل الباحث نشيط يركب ويحلل الاشياء يبني ويهدم وينتظر نتائج لبحثه غير عجول .. ملئ بشغف المغامرة.. الطور الخامس العقل الناضج تكفي كلمة ناضج للوصف.. الطور السادس العقل الملهم حيث يتنزل فهم العالم من المصفوفة.. الطور السابع العقل المستنبئ حيث يتنبأ صاحبه بنبوءات كونية و حياتية،و يعتريه الحيرة احياناً..