Image title   في كل صباح تشرق الشمس من وراء السحب  صفراء ذهبية ، وسط الأشعة الكثيفة سمعت الأشعة ما قاله الشعاع الصغير :

قال الشعاع الصغير:

 لقد مللت الحياة في الشمس وحول الشمس ..

ثم ظل يلف ويطوف وسط إخوته الأشعة الكبار الطويلة التي لا تمتد عبر الأفق ولا تنتهي ، ونظر إلى جسمه قائلا بأسي وحظن :

يا لي من شعاع صغير ، أطلع كل يوم ولا احد يشعر بي ، أطلع  و لا أحد يهتم بي ، ماذا عليّ إن لم أطلع يوما ، فلن يحدث شيئا ، ولن يشعر احد أنني لم أطلع ..الأشعة الكبيرة هي التي تشرق ويحبها الناس .

     كان الشعاع الثاني يستمع إلى كلام أخيه وهو  أطول قليلا ، وكان كلما طلع لسع من يسقط عليه  ، فاندهش مما  سمعه وقال

 ماذ تقول أيها الصغير ?

احذر أيها الشعاع الصغير مما تقول ، ان لم تطلع لعذلتك أمنا الشمس ..

 قال الشعاع الصغير :

 ومن يقول لها ، لقد قررت ان أختفى .

قال الشعاع الثاني :

 يبدو أنك تخرف ، ولا تعي ما تقوله ، نحن نطلع كل يوم، وينتظرنا الناس ، وليس لنا ان نتخذ قرارا مثلما قررت أيها المجنون ..

رد الشعاع الصغير بملل :

 اسكت لقد مللت من هذا الكلام .. دعني وشأني ، ولا تخبر أحد بأنني سأختفي !

قال الشعاع :

سأقول لأمك ..

رد الشعاع الصغير بغضب :

إنك فَتَّان !

 انفلت الشعاع وهرب ، من قرص الشمس الأحمر ، واتجه صوب بحيرة ، وظل يلعب هناك من الصباح حتي المساء ، ولما جاء غروب الشمس ، لم يذهب مع الأشعة الي قرص الشمس بل جلس على شاطئها طفل صغير، كان الطفل الصغير  يبني بيتا من الرمل  ثم يهده ، يخلط الرمل بالماء والقش ويبني ، ويضع اعواد من القش على  باب بيته الرملي ،اقترب الشعاع وقال :

 ما أجمل هذا الطفل ! إنه وحده ، إنه سعيد مسرور وباسم وسعيد

اقترب منه قائلا فأضاء البيت :

 ما أجمل بيتك أيها الطفل !

 انزعج الطفل ، لما وجد بيته قد أضاء فقال مندهشا:

 من الذي أضاء بيتي  ، إن الليل  لم يهبط الليل بعد ، ماذا حدث  ?

 التفت الطفل فوجد شعاع يبتسم فقال بقلق :

  من أنت ? وما الذي جاء بك إلىّ ?

 قال مطمئنا :

 أنا شعاع من الشمس ، لم أغرب إلى أمي قرص الشمس .

قال الطفل :  

ويل لك ! كيف تفعل ذلك ، نحن بالليل فكيف أنت هنا ?

 واستمعت أشعة القمر الفضية حديث الطفل ، فانطلقت مسرعة إلى القمر وأخبرته، تعجب القمر وقال :

ّكيف هذا ?  الشمس والقمر في وقت واحد ، من الذي سمح بهذه الفوضي ?!

 وأصدر أوامره إلى شرطة القمر فأسرعت الخيوط الفضية اللامعة بالقبض علي الشعاع الهارب من الشمس ، كان شعاع الشمس يصرخ :

 اتركوني ...

قالت الشرطة :

 سنردك أيها الهارب إلى أمك ، كي تراك إنها تبحث عنك .

وركب  شعاع الشمس مركبة  شرطة القمر وهي مركبة تشع نورا ، وتشبه  علبة ( التونة المفتتة ) ، كانت تدور ألف لفة في الثانية الواحدة ، وانطلقت إلى أستراليا ،فهناك وقت شروقها ، وكانت المركبة تطير بسرعة . وعند سحابة بيضاء علي حدود أستراليا تركت شرطة القمر شعاع الشمس الهارب ، وقالت :

 انتظر أمك الشمس هنا.

وقف الشعاع حزينا ، فقد كان وحده ، السماء مليئة ، بالسحب البيضاء والسوداء ، خاف الشعاع من اشكلاها المرعبة ، اقتربت سحابة بيضاء من الشعاع الحزين ، وقالت :

 ما الذي جاء لك إلى هنا ؟ يحب أن ترحل..

قال : أنتظر أمي الشمس..

ردت وهي تجري :

 ابتعدت أمك لن تأتي الآن ، الغيوم مثغيرة وسوف تمطر ثلجا . ابتعد وإلا مُت ..

لم يعرف الشعاع كيف يختبئ ، وبدأ البرق يرسل اللمعة الأولى ، وقبل أن ينطلق لملمح الشعاع ، فخفطه وقال :

 أأنت هنا وأمك تبحث عنك ؟!

ثم ألقاه بعيدا عن السحب..

فأسرعت شرطة البرق ونقلته إلى الشمس المختفية خلف السحب ..

حضنته أمه الشمس ، وقالت له :

 لِمَ تركتنا ؟!

 نحن معا، ونحبك ، وسأجعلك الشعاع الأول الذي تشرق الآن ، فرحت الاشعة بأخيهم الصغير ..

وبعد أن انتهي البرق ،أفسحت الأشعة الكبيرة لأخيهم الصغير فأشرق ثم أشرقت باقي الأشعة ..

كان الشعاع الصغير مسرور وسعيد ، وقال :

هذا أسعد يوم في حياتي ..