إلي أن يقدر الله اللقاء بيننا، سوف أذكر غيابك دائما، سأتخذه عدوًا، ولأني كنت أعلم تمام العلم قيمة وجودك قبل غيابك لن أشفع له في ذلك، كنت كالمؤمن الذي يحمد ربه على وجود النعمة قبل زوالها لأنه يعلم قيمتها، فلا لوم عليَّ حينما أقول أنه عدو، فماذا إذا كنتُ لم ألقاك من قبل قط، فيا حال عقلي الذي يَخلُقك من العدم ويصورك في وجود حياته في أبهى صورك .

لو تعلمين حالي الآن لأشفقتِ علىّ كأنني مسكينٌ رثُ الثوب، حافي القدمين، ولكن هل لو كنتِ تعلمين - فهذا يعني عدم غيابك - أكان حالي كذلك؟، لذا لن تعلمي هيئتي، أو ربما تعلمي حين ألقاك، حين أهرع إليك عندما أراك من بعيد رُغم نظري الذي ضَغُفِ من قلة رؤيتك وطول غيابك، فلا شأن لبصر العين في مثل تلك الرؤية، فإنَّ قلب المُحِبِ للحبيب قوي الإبصار وأبعد في الرؤية من امتداد النظر بالعين، فإن ضعف العين من قلة الأمل التي لا تراه عندما لا أراك، كأنك بل أنك دواء لجسدي، وجرعة دواءٍ ألفتها الروحُ قبل الجسد، ويصير واهنا - كما قصصتُ - عندما تغيبين، فأليس ذلك كافيًا فتعودين...؟ .