عند موتك لن يتذكر الناس ما كان لديك من أشياء لن يتذكروا نوع سيارتك ، لن يتذكروا ماركة حقيبتك ، لن يتذكروا لون ساعتك ، لن يتذكروا أنك في يوم من الأيام قتلت نفسك كي تحصل على هاتف، سيذكرون شيئاً واحداً فقط ، بماذا كنت تتميز وماذا فعلت لهم .

توفي خالي قبل سنتين تقريباً وأول شيء يخطر ببالي عندما اذكره هو سعيه الدائم في أن ينير عقول من حوله وأن يفعل الصواب دائماً ، في محيط تقليدي يعج بعاداتٍ وتقاليد أكل عليها الزمان وشرب كان مختلفاً عن إخوته كان يدرك أنَّا خُلقنا لسبب عظيم وأن الحياة لا تقتصر على الأكل والشرب وإنجاب الأطفال ، كان مختلفاً وأرادنا أن نكون مختلفين مثله ، بعضنا التقط رسالته وبعضنا الآخر لم يفهمها أو لم يكن يريد أن يفهمها أصلاً .

طوال حياتنا ونحن نقتل أنفسنا كي نحصل على الأشياء !

 سلع ،أغراض وحاجات كثيراً ما يكون التخلي عنها ليس بنهاية العالم ، وغايتنا في هذه الحياة أن نحيط أنفسنا بأكبر قدر من الأشياء كي لا نكون أقل من الناس !

فعلاً كل شيء يبلى معك حين تموت وتبقى أفعالك وميزاتك التي يذكرك الناس بها هي الشيء المهم الذي يجب أن تدركه قبل فوات الأوان .

الشخص الذي ساعدته ذات يوم في الشارع لن يذكر نوع سيارتك سيذكر أنك فلان من الناس الذي توقف وفكر أن يمد يد العون وهو لا يعرفني بعكس كل من رأوني وأشاحوا وجوههم .

صدقني أبناؤك واخوتك الصغار لن يذكروا اللعبة أو الحلوى التي اشتريتها لهم ذات يوم وكم كان ثمنها ، عندما تمر السنوات ستبقى معلومة واحدة هي المهمة في ذاكرتهم ، أن أبي كان طيباً .

كان خالي أغنى إخوته وأعلاهم راتباً ولكن هذه المعلومة لم تعد مهمة بالنسبة لي بقدر احترامه وتقديره لامرأته التي انجبت له سبع إناث ورغم ضغط المحيطين به لم يتزوج مرة اخرى وانتظر الذكر منها وقبل سنتين من وفاته رزقه الله منها بنواف والسنة التي تليها بناصر .

عندما قال رسولنا الكريم " أكثروا ذكر هاذم اللذات " لا لمجرد ذكر الموت وأن نشعر بالخوف وتقشعر جلودنا ونردف قائلين :( بعد عمر طويل !) هي ليست دعوة لأن نترك حياتنا وملذاتها ونتفرغ للعبادة ونعتكف في المساجد ، هي رسالة وتذكير بأن تجعل من حياتك وأهدافك وأفعالك وأكثر الأمور التي تعنيك في هذه الحياة تستحق الذكر بعد موتك أن تكون قيمتك فيما تفعل لا فيما تملك وأن تسخّر وقتك لتعطي أكثر مما تأخذ لأن ما تفعله باقٍ وما تملكه زائل متى ما رحلت .

سُئل أحدهم عن أمواله وما يملك فقال :(هي لله في يدي ) ! 

عندما تدرك هذه الفكرة ستكون قد قطعت شوطاً طويلاً في حق نفسك وإدراكك لمعنى وجودك في هذه الحياة وتقديرك لقيمة الكثير من الأمور ستتغير أولها القيمة الحقيقية للأشخاص من حولك .

رحمك الله ياخالي لم أكن أدرك أن موتك سيغيرني إلى هذا الحد .