الِاتِّفَاق السِّياسِيّ فِي لِيبِيا مَرْضَاة للشَّعْب وَلَيْس بِإِسْقَاطِه
كنت ولازالت من الأوائل الذين استبشروا خيرا بقدرة الشعب الليبي منذ ثورة السابع عشر من فبراير على اتخاذ القرارات الصائبة، وراهنت على أن الأزمة الليبية التي تمر بها بلادي زائلة لأنها أزمة مفتعلة ليس للشعب الليبي من دافع.
إلا آن البعض منا يرى الاتفاق السياسي يجب إزالته ووقفه عبر اتخاذ القرارات التاريخية في مجالسنا المحلية ومجتمعاتنا المدنية وتنظماننا السياسية والاجتماعية والثقافية والمهنية.
دوافع رهان على شعب ليبي حر وتصور في استعداد وقدرات الأمة الليبية على تغير المشهد السياسي والعسكري القائم اليوم، ليس بإسقاط الاتفاق السياسي بل بالتعبير عن إرادة حرة بالتمسك بالعمل السياسي لتصحيح وإعادة الأمور إلى نصابها الدستورية الليبية الشرعية.
ولا اعتقد أن المراهن على إرادة الشعب الحرة تستحق إسقاط الاتفاق السياسي، بل أن الراهن هو الخروج من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وقدرة الشعب الليبي على استماع جميع الأصوات الدولية والإقليمية المنادية بالحل السلمي بدل من العمل العسكري الذي جر البلاد إلى تلك الحالة التي تمر بها بلادنا.
وفي العديد من اللقاءات التي جمعت بالكثير من الليبيين والذين استعرضوا فيها مشاكل البلد السياسية والاقتصادية والأمنية، لم يستفيدوا من تراكم المشاكل الذي خلفه لنا النظام السابق في تعامل مع اشخص قد يكون لهم تعاملات شبيها أو صورة طبق الأصل، ومن أعادت تكرار ما حدث من حكم عسكري دكتاتوري بعيد كل البعد عن الدستورية الليبية الشرعية.
لكن أذكر هنا التوجه الذي يسري عليه بعض الرموز استدلال في محل البلد من أزمات سياسية وعسكرية واقتصادية وغياب دور النخب السياسية الليبية والسكوت على ما يجري من تغير مسار ثورة السابع عشر من فبراير المجيدة وتحويلها إلى انجازات فردية تخدم مصالح فيئه معينة وليس الجمع الليبي.
ولقد تمثل دور النخبة السياسية في ليبيا إشكالية عميقة جدا منذ عهد الجماهيرية الليبية، نظرا وتبعا لطبيعة النظام السياسي السابق الذي لا يهتم بدرجة كبيرة من العمل السياسي الحزبي والنشاطات السياسية الحزبية.
واليوم نعلم أن العمل الحزبي غير قادر على العمل السياسي بسبب عدم وجود دستور ليبي شرعي وان من أفراد النظام السابق لزالوا متمرسين في العمل السياسي داخل الوطن ولهذا إن جميع القرارات السياسية تتخذ من قبل أفراد لا يؤمنون بالعمل الحزبي في ليبيا.
وحين يغرقون في المشاكل الداخلية يمدون أيدهم إلى الخارج لمساعدتهم في أزماتهم العسكرية المسلحة وطلب الأموال الليبية المجمدة من الخارج حتى يستمروا في رحلة الدمار التي لا تزال في بداياتها...
واليوم كتبت هذه المقالة كي نؤكد على أن الخيار هو الخيار السياسي والسلمي وهو الطريق الوحيد لنجاة المجتمع الليبي ووضع الأمور في معيارها الصحيحة وليس في النشوة الشخصية الضيقة بل يجب أن تكون بالفخر من مسار ثورة السابع عشر من فبراير التي حطمت القيود وجعلت منا امة حرة كريمة مرة أخرى.
وحتى يستلم الشعب الليبي السلطة الحقيقية، سلطة الدستورية الليبية الشرعية ووضعها في أيدي مخوله لها من قيل الشعب الليبي عبر انتخابات دستورية نزيهة، لا أرجوا أن أكون في خيار التنكر بفرصة التصويت الحر والنزيه في اختيار قادة ليبيا الجدد.
وها هو الخيار الصحيح والوحيد للخروج من الأزمات المتلاحقة، أزمات تسلح من جديد وأزمات سلطوية عسكرية دكتاتورية في تجاربنا الماضية للعلاقة بين الحاكم والمحكوم والشعب والدستور والدولة المدنية والديمقراطية المدنية.
إن اللحظة التاريخية جاءت وبكل إبعادها مواتية لنا بين دول العالم أن نتخذ القرارات الصحيحة وللتدبر بالتفكر في معاني الحياة الدستورية الليبية الشرعية، أنها اللحظة الأنسب لنا جميعا لاستخلاص عبر الماضي المرير وعدم الرجوع إلى القيود لأننا قد تحررننا وحررنا الوطن.
بقلم / رمزي حليم مفراكس