لستُ أدري لماذا اكتب الآن إليك؟

لم أنسكَ حتى أقول بأنني تذكرتك اليومَ فاشتقتُ أن أكتب إليك.

الهجرانُ لم يكنْ عن خصومةٍ أو شقاقٍ حتى أقول: هيّا نتصافَ فامدُدْ يديكَ.


.. فهلْ تعرفُ أنتَ لماذا أكتبُ اليوم إليك؟؟

مرّتِ الأعوامُ كأنها أيام

ومرت الأيامُ كأنها ثوانٍ..

وما مرّتْ ثانيةٌ إلاّ ونسائمُ اللقاءاتِ السامية -في الله ولله- تُنعشُ الروحَ وتجبر كسر القلب المعنّى بأغلال الغربة، بينما هرمُ الثواني –لَبناتِ تلك الأعوامِ- يجبر بعضه إليك.


.. فهل تعرفُ أنت لماذا أكتب اليوم إليك؟؟

بالأمسِ كنّا نتفيأُ ظِلال المسجد..

وكلَّ ذاتِ صباحٍ رمضانيٍّ في (دوراتٍ متجددة) كانتْ تتفتق أنفاس السحَرِ والفجر المبارك عن براعم يانعةٍ تحاول أجنحتُها التفلُّتَ من أكمام الزهر، حينها ما كنا ننعمُ بساعةِ ما بين المغرب والعشاء إلاّ إذا احتوتْ أحضانُ الجفونِ -بزهوٍ وفرح، والكثيرِ الكثير من الأمل المشبع ثقةً بالله- منظرَ حلقاتٍ من نورٍ يحدُوْ ضياءها تداخلُ أصواتهم كأنه أزيز النحل.

لم أعدْ أذكر أسماء الجميع.. إلاّ أنّ أطيافَهم تسكن في حنايا روحي مثلما لديك.


فهل تعرف أنت لماذا أكتب اليوم إليك؟؟


كنا نتواصل -واثقٌ أنا- لكن:

أيُّ تواصلٍ روحيٍّ هذا الذي أدّعيه أنا فتؤمن أنت به؟!


أهو الذي كان يروي ظمأ الأرواح حتى استغنينا به عن ورود عين النبع حقيقةً، لنتعانق أو نتصافح، أو -على الأقلِّ- لنتبادل استباحةَ النظر إلى الأوراق المحمَّلةِ سلامَك إليّ وتحيتي إليكَ؟


هل كان هنالك تواصلٌ فعلا؟!


أم أنه مجرد شمّاعة للتعاذر؟!


أقسم أنني كنت أرسل إليك –مثلما كنت أستقبلُ منك– فيتمثّل ذلك التواصلُ لقاءً حقيقيًّا نضيء فيه شمعةً متلألئةً كلّما هزها نظري كان يتساقط ضياؤها على محياك، فتراني أنت بينما أنظر أنا إليك..

فهل تعرف أنت لماذا أكتب اليوم إليك؟