"كمِّل".. فعالية تصب اهتمامها في تغيير المفهوم السائد عن الفشل في عالم الريادة،وتسعى لخلق بيئة يتقبل المجتمع فيها الفشل بل والاحتفال به كجزء أساسي من رحلة النجاح.أقيمت كمِّل لأول مرة في 2013 (كمل 2013) وفي 17 أكتوبر احتفلنا بالفشل مجددا في #كمل2015
الحمدالله!
انتهينا من تنظيم كمل ٢٠١٥. الأصداء بدت جيدة، بل رائعة!
لكن، في الحقيقة، نحن لسنا سعداء بالنتيجة النهائية لكمل ٢٠١٥. رغم ماعاناه الفريق ليجعل كمل ٢٠١٥ على أرض الواقع لكن النتائج لم تكن مثل توقعاتنا مما جعلنا نشعر بالإحباط ونعزم أن يكون القادم أفضل بكثير.
قررنا كتابة هذه المدونة لتكون علاقتنا مع حضورنا وعملائنا شفافة، ولأننا نرى بأنه حق لكم أن تعرفوا ماوراء الكواليس، ولتعلموا أن فعالية كمل ٢٠١٥ هي بنفسها فشلت عدة مرات حتى اكملت طريقها في السابع عشر من أكتوبر بحضور نكنّ لهم جزيل الشكر. نكتب لكم لنعد أنفسنا أن يكون كمل القادم بجودة أسمى ومعايير أعلى - بإذن الله-.
بداية
لنأخذكم في رحلتنا وتعرفوا التفاصيل، بدأنا في التخطيط لكمل ٢٠١٥ منذ شهر فبراير (مباشرة بعد Lean Startup Machine). تم تجهيز الأفكار، سيناريو الفعالية، الأجندة، المحتوى العام، قائمة بأسماء المرشحين من المتحدثين والرعاة الذين تتناسب رؤيتهم مع رؤية كمّل. سابقاً في كمل ٢٠١٣ واجهنا رفض العديد من جهات الرعاية بسبب كلمة "فشل" وأن هذا أمر مستحيل أن تدعمه الجهة. قال ممثل أحد هذه الجهات ممتعضاً: "بدعمنا لهذا فنحن نؤكد بأننا فشلنا يوماً!!" وغالباً تنتهي المحادثة بـ "الله يستر عليكم" أو " نعتذر منكم لسبب ما"... خلال هذه السنة لاحظنا بأن تقبل الجهات للفكرة أفضل مما كان عليه قبل سنتين، فتيسر لنا التعاون مع بعض الجهات والشركات التي نفخر بأننا تعاملنا معهم، أهمهم مؤسسة مسك فهم شريك النجاح لكمّل في أولى خطواته.
من أنتم؟!
لا نخفيكم بأننا كمؤسسة ناشئة، نواجه صعوبة كبيرة في إقناع الجهات الراعية بدعم الفعالية خصوصاً بأننا مبتدؤن بالنسبة لشركات التنظيم الضخمة، لكن هذا لم يجعل إصرارنا إلا أن يكون أكبر. المضحك المبكي في أحد المرات عندما راسلنا شركة لرعاية كمّل، اتصل المسؤول فيها قُرابة العاشرة مساءً، فقط ليخبرنا: "مين أنتم؟ تعرفون مين تكلمون؟ تعرفوا حجم الشركة عشان تجون تعرضوا فعاليتكم علينا!!" انتهت المكالمة بصدمة من الإسلوب الجاف. حدث هذا في كمل٢٠١٣ ويؤسفنا أن نخبركم بأنه لايزال يحدث معنا بطرق أخرى. اعتدنا الرفض، والرفض مع الإستصغار، والرفض مع "التهزيء الجامد". لن نقول بأن هذا لم يؤثر في نفسية الفريق، لكن لا خيار للإستسلام، ولا مجال للإنسحاب فجميع الفريق مؤمن بـ No risk no rizq. نعلم بأننا هنا نخاطر بتجربة أفكار جديدة على المجتمع ورفضها جداً وارد، ورفضنا كأشخاص منفذون لها كذلك وارد.
"قد تأتيك الحكمة من أفواه المجانين"
عندما نطرح فكرة أن كمل ٢٠١٥ سيكون بشكل رحلة، وسيكون بكراج طائرات في أطراف مدينة الرياض، الكثير يتحمس والآخر - غالباً أصحاب الجيوب الممتلئة ممن يمتلكون القرارت المصيرية والكبيرة في شركات ضخمة- يعتقدون بأن مكاننا المصحة النفسية لأننا في نظرهم مجانين! ويزداد استغرابهم في جرأتنا بذكر أن ورش العمل ستقام في الحافلات. خلال ذلك كنا نتوقع بأنهم أرادوا وضعنا بأنفسهم في المصحة.
لا نقول هنا بأننا حكماء زماننا، لكننا أبناء هذا الجيل وهذا المحيط. مللنا من الأمور التقليدية، ومللنا من الذهاب للفعاليات والأمر المكتسب منها فقط العلاقات المهنية، وتردد قصص نجاح مستهلكة، وفائدة بسيطة من المحتوى. كأشخاص حضروا العديد من الفعاليات نعلم بأن شبابانا وشاباتنا متعطشون للتجارب وروح المغامرة. ونعلم بأنهم ملّوا الطرق التقليدية، والأماكن الفخمة "الـ bling bling" البعيدة عن روح الشباب العصامي المكافح.
لماذا رحلة؟
صممنا كمل ٢٠١٥ ليكون تجربة لاتنسى وليس فقط فعالية. حيث جعلناه يوم واحد مكثف. فهل الحاضر قادر على تحمل بُعد المكان، والجو الصحرواي، والإلتزام لآخر فقرة في الفعالية. نعلم بأنه سيكون مُتعب خصوصاً أن الجدول ممتلئ بالفقرات. كنا متخوفين من نقاط كثيرة ومن عدم رضى الحضور عن التجارب الجديدة التي سيخوضونها معنا. عند تصميم المحتوى والأجندة وبعد عدة استشارات من مختصين حرصنا أن لاتمر ساعتين كاملة بدون أن يتحرك الحضور من أماكنهم وحذفنا جلسة لتنتهي الفعالية في وقت أبكر. فكانت هناك العديد من الفقرات التفعالية لتسهل للحاضر التعرف على شخصيات الحضور ومجالاتهم ليستفيد بشكل أكبر.
توقعاتنا
كان متوقع بأن الجو الحار سيغلب المكان في وقت الظهيرة رغم وجود المكيفات ورذاذ الماء. خططنا أن نستأجر مكيفات أكثر لكن هذا سيُحدث ضغط على الكهرباء مما يستدعي أن نستأجر أيضاً مولدات كهربائية كما أننا يجب أن نلتزم بأن لايكون هناك أي أمور خطيرة قد تضر المكان والطائرات الموجودة والأهم من كل ذلك حضورنا. أقنعنا أحد الرواد الذين نستشيرهم بأن نكتفي بالذي استأجرناه ونجعله تحدي أكبر للحضور فكم واجه الرواد شمس الرياض الحارة للمراجعات الحكومية والاجراءات المترتبة. توقعنا بأن هذا الأمر لن ينال إعجاب بعض الحضور، والبعض الآخر لن يهمه الأمر كثيراً. توقعنا بأننا سنواجه بعض اللحظات المحرجة كأي فعالية بل نسبة حدوث الإشكاليات في كمل ٢٠١٥ أكبر من أي فعالية نظراً لأنه سيكون بعيداً عن المدينة فلو حدث مثلاً أن كميات الماء انتهت -والتي كانت جداً كبيرة- فكيف سيتم التعويض بوقت قصير فخططنا للإتفاق مع المحطات القريبة بأن يكون في ثلاجاتهم كميات تسهل لنا أخذها وهي باردة. كنا متوقعين تململ الحضور -الذين قدموا بالحافلات معنا- حيث أنه لن يمكنهم المغادرة بأنفسهم في أي وقت. كذلك بالنسبة لورش العمل حيث أنها مقامة في الحافلات. فهي تجربة جديدة على مجتمعنا، الذي جعلنا نخاطر هو نجاحها خارجاً والرغبة في التغيير. كان يقيناً أنه سيكون يوم لا يُنسى سواء كان جيد بالنسبة للحضور أو سيء.
الواقع
كان توقعنا صحيحاً بأن درجة الحرارة سترتفع وقت الظهيرة، وكانت أغلب تعليقات الحضور في استبانة بعد الفعالية بشأن حرارة الجو عندما سألناهم عن إن كان المكان كان حسب توقعاتهم...
المكان رهيب بس الاجواء كانت حاره للاسف. ــــــ لم يكن حسب التوقعات، ولكن كانت تجربه جميلة، صحيح كنّا بحاجة للتكييف بشكل اكثر فقط. ــــــ بالطبع لا؛ كان بعيدًا ووسائل التكييف لم تجدي نفعًا. ـــــ فكرة المكان جميلة حيث خرجت عن المألوف وكسرت الروتين ولكن المكان هنقر حديد كان المفروض ان يراعى انه حيكون حار خاصة في هذا التوقيت .
لن نقول بأننا ندمنا بشأن ذلك وإنه كان لابد من استئجار المزيد من المكيفات، ولكنه فشل صغير سيقودنا لأن يكون كمل القادم برداً وسلاما :)
كذلك بالنسبة للصوت رغم أننا اختبرنا ذلك قبل بدء الفعالية لكنه خذلنا عند تشغيل المادة المرئية والصوتية. كما أن نسبة بسيطة من الحضور لم يحتمل الحرارة في وقت الظهيرة فعاد أدراجه. أما ورش العمل فأغلب حضورها استمتعوا بها واستفادوا لكن ٢٪ لم تنل إعجابهم البتة. أحدهم اعتبرها نكتة!! ... فنحن هنا نعتذر له ولكنا لم نكن نسعى لإضحاكه.
غاية لا تدرك...
الأمر الذي يؤرقنا رغم أننا نعلم بأنه خارج سيطرتنا هو إرضاء جميع الأطراف (حضور، متحدثون، رعاة، والفريق نفسه) كثيراً مانتنازل عن أمور لأجل إرضاء أحد الأطراف والعكس صحيح. لازلنا نتعلم أن نتعايش مع ذلك وأن المثالية سم قد يبطئ من حركتنا وتقدمنا، فلنكرر حتى الإتقان وحتى نصل للمثالية. مهما بلغ التخطيط دقة فبدون التجارب المكررة والتعامل مع مختلف الظروف فلن نصل للمثالية.
أزمة مفاجئة!
أحد أكثر المواقف إحراجاً لنا كانت تغيب أحد المتحدثين لظروف خاصة حيث كانت له فقرتان مجموع كلاهما ساعتان. وصلنا خبر إعتذاره ليلة الفعالية الساعة ١١ مساء. لم يكن هناك وقت للتخطيط أو إيجاد بديل!
في يوم الفعالية وخلال وقت ورش العمل التي من المفترض أن تكون أحد فقراته (ألعاب ذكاء وحركة للأشخاص الذين لم يسجلوا في الورش) عقدنا اجتماع طارئ مع فريق المتطوعين
تناقشنا في الحلول وسمعنا لأراء الجميع. فكان الحل بأن ندع هذه الفقرة للحضور للتواصل وأن يكملوا التحدي الموجود خلف بطاقات أسمائهم. والفقرة الأخرى - السرب- سيكونوا متفاعلين مع العروض الجوية وبإمكانهم تعبئة جدار كملني (جدار مقسم إلى(اسم الحاضر، مجالات يختص بها، حسابه في تويتر)، يكتب الحضور فيه ويتم التفاعل من خلال تويتر عبر #كمل٢٠١٥. بحيث لو كان هو صاحب مشروع ويحتاج مصمم بإمكانه البحث في الجدار ويتواصل مع أحد المصممين عبر تويتر).
ألهم لتُكمل
حين فقرة INSPIRE U لطرح الأفكار، كان المتقدمين قليلين لم يتعدوا الستة أشخاص. ليس لأن الحضور لم يكن لديهم أفكار مشاريع ولكن لأن التردد أخذ نصيب من قرارهم فعمل بناتنا وشبابنا المتطوعين على تحفيز الحضور ليتجرأوا بطرح أفكارهم فما ضير المحاولة! نحن هنا نفخر بالفشل إن لم تُقبل الفكرة فلك فخر المحاولة والنصائح من لجنة التحكيم. بعد ذلك كان عدد طارحي الأفكار يتعدى الخمسة عشر شخصاً أغلبهم فتيات.
في ختام كمل ٢٠١٥ وقبل تكريم رعاة كمل الرائعون اختارت اللجنة الخمسة الفائزون، وكالعادة صوت راءات (محمد الموسى) شوق المتسابقون للحظة الأخيرة (ولعب بأعصابهم) قبل الإعلان عن أسمائهم. وكان أحد الفائزين من فريق المتطوعين في كمل ونحن فخورون به.
"قالوا صفوا صفين قلنا احنا اثنين"
ليس ذلك عذراً، ليس ذلك عذراً، ليس ذلك عذراً. نكررها لأنفسنا كي لا نجعل من صِغر حجم فريقنا عذراً لأخطائنا ولأننا نعلم بأننا نستطيع أن نقدم أفضل من ذلك. تأتينا لحظات فخر صغيرة بما استطعنا تقديمه رغم المعيقات الكثيرة والظروف التي تواجهنا، ولكن نذكر أنفسنا بعدم رضانا وأن كان محط إعجاب غيرنا فعلينا أن لانقنع ونحن نعلم بأن المنتوج النهائي بإمكانه أن يكون أفضل وأن يتطور.
كما يعلم الأغلبية فإن فريق راءات الأساسي للتنظيم شخصين. و تم تكوين فريق المتطوعين قبل الفعالية بإسبوعين وتدريبهم ليوم الفعالية (١٦ متطوع ومتطوعة). من منظورنا الموضوع جداً صعب وليس مستحيل، الأمر السلبي في أن يكون الفريق صغير هو كثرة المهام وتنوعها وبالتالي التشتت، والضغط في العمل وأسوأها "الفهاوة" . - نطبطب على أكتافنا ونقول بأنها لعنة المبدعين - ... نحمد الله كثيراً، على ماآتنا من فضله من مواهب ومهارة "وشوية طقطقة" في التصميم، وتطوير المواقع، والأمور الإدارية والسكرتارية وحتى التنظيفية جميعها لنا خبرة بها ومن تخصاصتنا حتى الأمور السمسارية والصادم لنا شخصياً هو بناء دورات المياه في المخيمات فقد بحثنا عن مقاولون وعن سيارة حمامات متنقلة - كانت أحد الخطط لكمل حيث كنا قلقلون من صغر مساحة دورات المياه وقلة عددها، ولكننا اكتشفنا بأنها تكلفنا فوق ميزانيتنا فألغينا الفكرة وخاطرنا بالموجود- لم نتخيل يوماً بأننا سنؤدي مهام كهذه ولكن في الحقيقة نحن سعيدون بهذا، فالتجارب تصقلنا وتجعلنا نقدر من حولنا ونقدر أعمالهم بعين حق وليس بعين شفقة.
العائلة والأصدقاء
ذكر قبل فترة اسماعيل ابو السمح في تغريدة له بأهمية دعم العائلة والأصدقاء، وقد لاقينا من ذلك الكثير بداية من الدعم المعنوي ودعمنا عندما لم يتوفر لدينا سيولة مالية ونفاذ مدخراتنا الشخصية. خصوصاً قبل الفعالية، فبعض الإجراءات تأخذ وقتاً طويلاً حتى نستلم مبالغ الرعاية لتغطية التكاليف. في كمل ٢٠١٣ سلم لنا أحد الرعاة المبلغ بعد سنة من تاريخ الفعالية. فهذه الأمور تحصل ونتفهمها.
ممتنون لعائلاتنا ودعواتهم، ممتنون لهم لإعطائنا الحرية الكاملة وتركنا نخاطر بطريق مستقبلنا وأن نبتكر طريقنا الخاص، ممتنون لأنهم سمحوا لنا في المبيت في مكتبنا في الأيام المضغوطة، ممتنون لأصدقاءنا بدعمهم المعنوي وكلماتهم ونصائحهم، ممتنون لتوجيهاتهم وتقديمنا للداعمين، ممتنون لفريق المتطوعين الذي آمن بنا وعمل معنا. كم نحن محظوظون بمحيطنا.
إحصائيات
لماذا نكمّل؟
خلال العمل على الفعالية كرهنا تعبنا بقدر حبنا للعمل، كرهنا بُعدنا عن عائلتنا وأصدقائنا وانشغالنا عنهم، وكرهنا الضغط الذي أثر في صحتنا النفسية والجسدية، لكن نسعى لذلك الشعور الذي يغمرنا بعد انتهاء الفعالية حين يرسل لنا أشخاص امتنانهم وأن الفعالية كانت جزء أساسي في اتخاذه قرار الإستقالة والبدء في مشروعه الخاص، حين يشكرنا شخص بعينين باكية للإلهام والعزم الذي يريد يبذله كي يخرج من حالة الفشل، حين ترسل لنا بأنها لم تحضر ولكنها تابعت الأحداث وتمنت أن تكون موجودة، حين تخبرنا بأنها تعمل جاهدة وستفشل كثيراً كي تكون مستقبلاً أحد الفاشلين على منبر كمّل، وحين تخبرنا بأننا قدوة لها!! -حدوة مين؟ لسه بدري اننا نكون قدوة ههههه- *
الربح المعنوي الذي نكسبه بعد كل فعالية من الحضور والمتحدثون والرعاة وفريق المتطوعين أمر لايقدر بثمن، شعور المخاطرة وبأنك ستفقد جميع جهودك وأموالك وربما سمعتك في المجال تهون مقابل أن نكون جزء بسيط من تغيير المجتمع.
صادق التقدير والإحترام
مريم وشهد
من فريق راءات