مرة في 2012, في بداية الصيف, أصدقائي دعوني لحضور درس محمد نبيل معهم. عادة أن لم أكن أذهب إليه لبعد المسافة وموعوده كان بالليل..إذا تذكرت, كان بعد العشاء. ولكني ذهبت يومها ﻷول مرة لاحضر له, وكان حدثه عن "حق التوكل"
أنا لا أتذكر ما قال, ولكني أذكر ما حدث. وصلني معنى التوكل يومها جيدا..واعلفت عينياني في لحظة وهو يتكلم وأصبحت ادعوا..اللهم ارزقني حق التوكل عليك, وبدأت في التفكير في كل ما يشغلني. ففكرت يومها في أني كنت أبحث عن تدريب صيفي في تخصصي ولكن لم ترد علي أي شركة. ولم أكن قد تدربت من قبل. فدعوت, يا رب, وكلتك هذا اﻷمر..عموما..ركزت مرة أخرى في الدرس..وإذا بالهاتف يرن بنمرة غريبة, ﻷرد ﻷكتشف أنه أحد من شركة يبلغني بفرصة للمقابلة غدا.
وقد كان, ولكن -سبحان الله- أغلقت الهاتف يومها وأنا أشعر أنني اسعد من بالوجود, وليس لتحديد موعد المقابلة (التي كانت بالمناسبة من أفضل المقابلات والفرص التي حصلت عليها)..ولكن لشعوري بسرعة استجابة الله لي و أهمية حق التوكل..فهو السميع والبصير والقادر على كل شيء.
وما أن فرغت من الهاتف, حتى وجدت محمد نبيل يبدأ بالدعاء, وسبحان الدعاء وأنت موقن مختلف. استشعرت دعائه يومها بشكل رائع. وكان كله عن التوكل.
فمنذ يومها, اتذكر هذا و ادع كما دعى, اللهم ارزقنا الحق التوكل عليك.
ولكن اليوم وجتني أسأل الله..ما هو "الحق التوكل"..ربما شرح يومها محمد نبيل هذا. ربما سمعت الكثير عن هذا. ولكن متى حقا نصل إلى "حق التوكل" ..
سبحان الله, أحيانا نكون مهمومين بأنجاز بعض اﻷمور, حتى يأتي من نثق به ويقول لنا : "لا تقلق", فانهي عنك أنا هذا اﻷمر...فترتاج الروح لما قال. وكلما كان هذا الشخص أقدر في نظرنا وأحن علينا من غيره علينا..زاد اﻷطمئنان. وكذنا لا نفكر في هذا هم مرة أخرى وعرفنا أن اﻷمر منتهي ما دام فلان فيدبر لنا هذا اﻷمر. فعندما توكل من هو أقدر وأحن عليك من نفسك...تستريح.
فما بالك بالله؟
حق التوكل كشعور قبل أي شيء, هو معرفة أن الله هو اﻷقدر..ومن في قدرته يا غلام؟ هو القادر على كل شيء..ما في الخيال وما ليس فيه.
وهو الحنان المنان, وليس في حنانه بنا مثيل. فهو ليس فقط يحنو عليك ويعطف ويمن. ولكن هو أيضا كان بكل شيء عليما. فيعلم يكف تأن وكيف تشعر وكيف يكون همك وكل شيء بك. وكلما زاد شعور من أحبك بك, عطف عليك أكثر. فما بالك بمن يعرف دواخل نفسك أكثر من نفسك.
وهو الودود, بتقرب إليك. فهو وأن كان غني عنك, والعزيز..ولكن ودود بك. يتقرب إليك ..فهو أقرب إليك من حبل الوريد. ومن علامات الود..تدبيره بنا غيبا.
وهو يا صديق, الصبور..فالبشر إذا لم ترد إليهم جميلا وتحسن إليهم تركوك...ولم يشغلوا بالهم بهمومك ولا تلومهم, ولكن الله صبور, يرى ما تفعل ويمهلك ويمن عليك.
وهو الملك الحكيم الخبير..يعرف كيف يدبر اﻷمر كله. فهو يملك مفاتيح كل شيء. قلوب الناس, أفعالهم, مصيرهم, وكل شيء.
فإن وجدت كل هذا؟ لما تحمل هما؟
ولما لا توكل؟
وهل تثق بحيالك وتدبيرك يا ضعيف أكثر منه؟
اللهم إن في تدبيرِك ما يُغني عن الحيَل.
فاللهم ارزقنا حق التوكل عليك واجعلنا من عبادك من كرمك يا رب وتغدمنا برحتمك.