"الكتابة النسويَّة بكلِّ أشكالها التي حُرِّمت على المرأة وجعلت التاريخ مرويًّا فقط بقلمٍ رجولي، تراجع حضور المرأة فيه..
لله درُّها سعاد الصباح.. كيف خلَّفتُها ورائي في الكويت وباعدت المسافات بيني وبينها!
تبقى الكلمات بيننا رسولًا يُغيِّرُ وجه صورة المرأة العربيَّة، ويئدُ وَأْدَ قلمها ويَسفح مدادها عند أقدام بوابة أفكار القبيلة المستفحلة فينا..
ومن قال يا سعاد إنَّ:
" غناء الذكور حلالًا ويصبحُ صوت النساء رذيلة!"" (د. ريمان عاشور)
"النخبة يناضلون لتكوين المثقفين بوصفهم نُخبة او طبقة عازلة بين الطبقات، ومتجردة من المصالح الطبقية والأيديولوجية ، تحولها الممارسه إلى حرس للحقيقة الكلية.."
( كارل مانهايم - مؤسس علم الإجتماع المعرفي ). هكذا يصف الناقد (ناصر النجار) أديبتُنا الدكتورة ريمان عاشور. فإذا قرأت لها ستجد أنها أبدعت بشكل غير مباشر حين اتخذت من الكتابة عن سيرةٍ ذاتية سبيلاً لكشف أخطاء وعيوب المجتمع محاولةً منها أن تُصلح ما أفسَده الدهر من ثقافة باليه وموروثات ثقافية لا تليق بحضارات العرب ومجدهم. فهى تُعطى القارىء الأمل لإصلاح هذه العيوب . لكن الإصلاح يستدعى التكاتف بين الأديب وأفراد المجتمع. فكان لابد للأديب من إقناع القارىء أولاً بأن هناك أمر جلل وعطب وخلل فى المجتمع، وبالتالى نحتاج للتعاون للنهضة والتغيير والتخلص من كل ما يعكر صفو حضارتنا كى ننشر الثقافة الهادفة والصالحة بين أفراد المجتمع لخلق مجتمع جديد.أو كما ذكر النجار :" وكأنها هنا تريد " في السيرة الذاتية " ولادة جديدة برموزها لحياة جديدة بدلالاتها.."
وهذه هى سمة الأديب الحق فهو بدوره مسئول عن كشف أسباب معاناة ومشاكل مجتمعه محفزاً القارىء لينهض كما أنه يبث روح التغيير لدى القارىء. وتلك رسالته. وعلى عاتقه تقع مسؤلية تثقيف أجيال وشعوب ، مدافعاً عن قضايا مجتمعه مصلحاً لأحواله فى تواضع دون تعالى. وهذا ما ينطبق تماما على أديبتنا دكتورة (ريمان).فتقول:
" أخال أن جاذبية الأرض في الكويت تفوق الجاذبيات في الأوطان الأخرى..
يغادرُها جسدك ذهابًا ويلتفتُ ظلُّكَ إلى قِبلتها إيابًا..
يبقى عالقًا هناك في زاوية ما...
تخلِّف ظلَّك وقد خرج منك وما عاد ملتصقًا بك كما كان..
تخرج مسلوخًا..
لا ظلَّ يقفُ إلى جانبك وقت الهجير حيث لا ظلَّ سوى ظلِّك..
تخرج عاريًا منك..
لا شيء يستر سوءة حزنك سوى بعض محاولاتٍ حثيثة لنزعها من فؤادك وذاكرتك وبناء ماضٍ جديد في وطن حديث.."
وتذكر عيوب وإحباطات المجتمع فتقول :
" نظرةً تزجُّ المرأة فقط في أقبيةِ الدونيَّة وقُصر العقل وضيق الفهم..
رجلٌ استثنائي نثَرتْ ملامحَهُ في قصيدة: "كُنْ صديقي"..
هــذه محاولة منى لعرض لوحات فنية أدبية وعبارات ذات صور بليغة لما استمتعت به من كتابات د. ريمان عاشور. فأعمالها جديرة بأن نلقى الضوء عليها احتراماً وتقديراً لأديبة معاصرة ونموذج يحتذى به.
وكما ذكرت من قبل أن الناقد ليس سوى مساند وداعم للأديب، فالعلاقة بينهما تهدف إلى إنتاج عمل أدبى رائع متكامل البناء . والتعاون بينهما يُظهر مدى ثراء فكرهما. وينعكس هذا فى عمل أدبى ينتفع منه القارىء المعاصر ، ويُصبح تراثاً أدبياً للأجيال التالية.
اليوم أعرض عمل أدبى "تلك الأيام" لأديبة متميزة يعشقها القارىء ولا يستطيع أن يكف عن مواصلة البحث عن كتاباتها حباً وشغفاً للقراءة والأنتقال إلى عالم يجمع بين الواقع والخيال، لما يتميز به من سرد ذكريات وأحداث واقعية بصور جمالية بديعة وتشبيهات بليغة.
وجدير بالذكر إستعارة مقولتها تعليقا على الناقد والشاعر الرااااائع (ناصر النجار):" أن تقرأك داخل نص نقدي أمرٌ يضرم في نفسك مشاعر متباينة ومختلطة..
حيث ترى نصك يمضغه نص الناقد ليعيده إليك نصًا ثالثًا يخالط الأدب فيه النقد...
وكما الأدب إبداع فالنقد إبداع آخر يكشف عن عين الناقد واتساع ثقافته وعمق قراءته.. "
وهذه قراءة نقدية بديعة وممتعة للشاعر والناقد ناصر النجار في نصوصها الأدبية "وتلك الأيام"...
وأتفق معه فى أن أعمال الدكتورة ريمان عاشور تستحق الدراسة والبحث الأدبى المتواصل . فكتاباتها مرجع تاريخى وإنسانى عبر سيل عظيم من الصور الفنية والبلاغية الداعمة الجاذبة للقارىء ، التى تكسب العمل متعة وتجذب القارىء لمتابعة الأجزاء المتتالية للفكرة المقصودة. ولكى نعطى هذا العمل الأدبى حقه كان لابد من دراسة سيرتها الذاتية. فكتاباتها مرجع تاريخى لأنها تتحدث عما حدث بالفعل وعاصره القارىء ومسجل تاريخيا. ومرجع إنسانى لأنها تعبر عما يشعر به القارىء فيحزنه أو يسعدها. ولم لا؟ وهى جزء من هذا المجتمع تشعر بما يشعر به أفراده إلا أنها تمتلك المقدرة الفائقة للتعبير ورسم لوحة أدبية بعباراتها وصورها البديعه لنقل القارىء من واقع مخيف الى واقع خيالى ممتع يرى فيه بأمان عيوب مجتمعه فيغار عليه ويحاول تغييره للأفضل. فأعمالها الأدبية تقوم على الترميز والتعبير بصيغة غير مباشرة عن مختلف الطبقات الإجتماعية. فتلمس بها معايشة الواقع بخيال أدبى جذاب.
فالناقد ناصر النجار هو صاحب فضاءات شعرية تضع المتلقي أمام حالة أدبية خاصة... إنزياحات لغوية وإمتدادت إضافية يتفرَّد بها وحده ناقلًا المتلقي إلى عوالم ساحرة بعيدة عن الواقع المتناول والمعاش..كما ذكرته د.ريمان عاشور.
و فى تناوله لهذه التجربة الأدبية الجديرة بالدراسة والتوثيق يقول النجار:" الكتابة هي فعل إجرامي ، والذي يمارس في الغالب في الخفاء بعيدا عن الأعين ، والكاتب أو المبدع هنا تمامًا مثل اللص الذي يسرق بحذر ، حيث يسرق الكاتب أو المبدع ملامح مجتمعه ويختفي في ركن أو غرفة ، ليسوي تلك الملامح .
وكما قال الروائي السوداني " أمير تاج السر " : إن المبدع المؤهل للكتابة عنده شهادة أو رؤية نقدية ، لا بد أن يحمل على ظهره تاريخًا من الصبر والتأمل ."
الوسوم
د.ريمان عاشور/ ناصر النجار/أمير تاج السر/"تلكالأيام/ الكويت