- * ( الحُب ) !!
- من أخلاقيات العرب قديماً أنهم كانوا يؤصلون مبدأ "الحب والعشق" في نفوس الصغار, لأنهم سيكبرون وفي قلوبهم معاني أخلاقية تسمو بنفوسهم ..
فالعاشق لا يرضى إلى بالسمو والرفعة والكرامة كي يظل كبيراً وذو رفعة في عين معشوقته, لذلك كان العشاق يهتمون بالعلم والمظهر والأخلاق والكرم والشجاعة ويتطبعوا بتلكم الصفات .. حتى أن أحدهم كان يمشي ويُقال عنه انه عاشق !!

ويُذكر أن جميل بثينة كان ضعيف الجسم رقيق المشاعر .. فطلب منه أحد الفرسان واسمه ثوبة بن الحمير بأن يصارعه .. فوافق جميل واصطرعا وكانت بثينة تراقب جميلاً من فوق تلة قريبة .. فصرع جميل ثوبة .. فاصطرعا مرة أخرى فصرع جميل ثوبه .. عندها انتبه ثوبه أن جميل يستمد قوته من عيني بثينة , فطلب منه ان يصطرع معه في مكان بعيد . فوافق جميل .. وذهبا بعيداً واصطرعا تسع مرات كانت كلها لثوبه .
من هنا يتبين كم أن الحب له وقع على نفس المرء .. وكم أن الحب يجعل العاشق متمسكاً برفعته في نظر من يحب ..

- أما الآن فما أن يُذكر الحب إلا ويقترن بالممارسات الغير أخلاقية والنظرة الدونية .. حتى أن الزواج اصبح ستاراً شرعياً لممارسة العلاقة الخاصة وليس لتأسيس الحب .. 
"للحب" معنىً لابد من تأصيله في نفوسنا قبل إنبعاث احاسيسنا ومشاعرنا نحو الآخرين ..
ولن يشغل المحب شاغل عن محبوبه إلا الموت .. 
فهل ننسى قول عنترة وهو في خضم الحرب الحرب ويقول لعبلة :
ولقد ذكرتك والرماح نواهل .. مني وبيض الهند تقطر من دمي !!
أيّ حبٍ هذا ؟!!

وقول قيس بن الملوّح :
أمر على الديار ديار ليلى .. أُقبل ذا الجدار وذا الجدار 
وما حب الديار شغفن قلبي .. ولكن حب من سكن الديار

وهنا تعميم بان الحب يشمل كل شيء . 
وليست الرغبات الشاذة عن النفس الإنسانية والنزوات الخارجة عن رفعة القلب ..
الحب كنز غالي الثمن .. لا يقدّر قيمته إلا من تحسس معانيه ..
ولنا في رسول الله –خير من نطق الضاد – عليه الصلاة والسلام أسوة حسنة .. 
عندما قال عن خديجة رضي الله عنها بعد موتها بسنين " لقد رزقني الله حبها " وقد اغرورقت عيناه بالدموع !!
آآآآه ما أجمل تلك الكلمة .. 
تخيّل .. أن يكون الحب رزقاً ؟!!!
فكما أن العقل يحجم بصاحبه متى يتقدم ومتى يتأخر، أيضاً الحب يحجم بصاحبه عن سفاسف الأمور وصغارها ..
ومن هنا نستدل ان الحب من دلالات النُبل في الإنسان اذا اكتملت معانيه ..

- لولا الحياءُ لهاجني استعبارُ .. ولزُرت قبرك والحبيب يزارُ 
ما اجمل الإخلاص والاعتراف بالحب في هذا البيت الذي رثى فيه جرير زوجته ..

* وقبل ان اختم ..
ما نراه اليوم حباً ولم تُستكمل معانيه .. ولكي تستكمل تلك المعاني وجب علينا الترفع عن صغار الأمور واستجلاب الشهامة والمروءة في كافة أمور الحياة ، حتى لو لم تكن محباً .. يكفيك رفعة ان تكون رمزاً للحب !!

R@ED