إن مسئولية تربية الأبناء تقع على الوالدين في المرتبة الأولى ونعني بالتربية معناها الشامل كل ما يُصلح الإنسان ويسعده من غرس القيم والفضائل الكريمة اللتي تدعم حياة الفرد وتحثه على اداء دوره في الحياة وإشعاره بمسئوليته تجاه مجتمعه ووطنه
وكل ذلك يتجلى في التربية الإسلامية وفق نسق متكامل من العناصر اللتي تُغذي بناء الشخصية في جميع ابعادها المتفاعلة بحيث تنهض بمهامها على الوجه الأكمل وليست تلك العناصر سوى مجموعة القيم اللتي تحقق للإنسان إنسانيته ككائن حظي بالتكريم من الله عز وجل
وكلنا يعلم أن القيم الإسلامية ليست قيماً نظرية مثالية وليست فكراً يبتغي المدينة الفاضلة اللتي لا وجود فيها للشر وبالتالي فهي واقعية في مراميها وأهدافها فيمكن للأسرة من خلال دورها التربوي للأبناء إسقاط هذه القيم على الواقع بتمثيل القيم الإسلامية الموجهة للسلوك العام داخل المحيط الأسري حيث تنتظم العلاقة بين الأزواج وبين كل واحد منهم والابناء ثم بين كل هؤلاء وذويهم ثم إلى المحيط الاجتماعي الواسع
قاعدتها في ذلك قوله تعالى { وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ } والعجلة هنا الترقي في سلم الرضىٰ بحسب الطاقة والاستطاعة { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ }
وخير مثال على ذلك النموذج الأمثل للتربية الإسلامية الصحابة رضي الله عنهم " جيل تربى على عين النبوة " كانت أقدامهم في الثرى منغرسة ورؤوسهم في الثريا مرتفعة فجمعوا بذلك بين معاقرة الواقعية ومعانقة المثالية ولا يمكن أن يتم غرس هذه القيم في نفوس الابناء بالوسائل السلوكية فقط وإنما بتوفير البيئة الداعمة واستخدام التوجيه والتعليم الإنساني بأن تنتهج الأسرة الأسلوب التربوي الداعم والذي يعتمد على الثقة المتبادلة بين المربِّي والمتربي
ويتميز هذا الأسلوب بالآتي :
- تقديم الحب للابناء - يحمل توقعات مرتفعة لسلوكيات الأبناء ومستوى تحصيلهم - يقدم تفسيرات عن أسباب قبول وعدم قبول بعض التصرفات - يُشرك الأبناء في اتخاذ القرارات المتعلقة بالأسرة - يوفر بيئة دافعة تشجع على تكوين تقدير للنفس مرتفع وهو ما جعل المتربي يعدِّل من سلوكياته السلبية دون أن يحط ذلك من ثقته بنفسه
( الأبناء الذين يخرجون في هذه البيئات يتميزون بالسعادة والثقة بالنفس والاستقلالية واحترام الآخرين وغالباً ما يكونون محبوبين وناجحين )
ونحن الآباء في تربيتنا لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة
فقد أحسن عرض المنهج القرآني فكان فعله يسبق قوله ويعلّم الناس بسلوكه ونهجه في الحياة قبل أن ينطق لسانه فحتى ننشئ اجيالاً تكون مسكاً لأمتها الزاكية علينا أن نرتشفمنهج الرشد من المعين المحمدي الخالد
[ المنهج المحمدي رحيقاً مصفّىٰ لأبرار عصرنا وتسنيم عذبٌ للمقربين في دهرنا ]
رقية الحارثية