Image title
من رحم المعاناة، يولد الأملبقلــم د. طــارق رضـــوان

عندما ركّز نظره على الأسنان البيضاء وسط جيفة ذلك الحيوان النافق، لم يكن نبي الله عيسى، عليه السلام، يريد القول لأصحابه الذين تقززوا من المنظر، بأنه ينكر واقع الحال أمامه، ربما هو أيضاً تقزز في داخل نفسه من بشاعة المنظر ونتانة الرائحة، بيد أن رسالته هى إظهار الإيجابيات قبل إمعان النظر في السلبيات في الحياة.

يقول الله عز و جل حيث يخبرنا عن حكمته في الخلق: ( قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ ) "الحجر 55". ويعتقد المؤمن  أن كل ما في الكون من ثروات طبيعية أو غير طبيعية إنما هى ملك الله عز وجل، بما في ذلك الإنسان والحيوان والنبات الجماد والملائكة والجن... إلخ؛ لأنه خالق كل شيء وموجده، والمتصرف فيه كيف يشاء، قال الله تعالى: [قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] [آل عمران: 26]. فالملك لله حقيقة وللبشر استخلافًا ونيابة.

أجريت عدة دراسات عن الإباحية توصلت لنتائج مشابهة في كون الشباب الذين يشاهدون الإباحية تتأثر حياتهم سلبًا، أهمها:
1- تسبب الإحباط.
2
- ضعف في جودة الحياة.
3
- قلة النشاط الذهني والحركي.
 -4
ضعف في الصحة العامة.

فنذكرك بقوله تعالى: {{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}} [النور: 21]. وتذكر قول رسول الله: (ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة). أخرجه الترمذي (2450).
فالإحباط واليأس خدعة من الشيطان.   كما  أنه يسبب  الكوابيس. وأسباب  الإحباط  والخوف كثيرة   فمنها الخوف من الفشل،الخوف من الحصول على نتائج سلبية، الخوف من المستقبل، الخوف من فقدان شيئ ما، الخوف من الموت، الخوف من الأمراض وغيره،( وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) "الأنبياء 35".

ومن ناحية أخرى فإن الناس اليائسين ينشرون اليأس بين الناس الذين من حولهم، فينتج عن ذلك مناخ سلبي ومتشائم وفي هذه الحالة يصبحون في خدمة الشيطان وذلك بوعي أو بغير وعي لأنه من خلال الناس المتشائمين يريد الشيطان خلق حالة سلبية للعقول و هذه خدعة من خدع الشيطان كما توضح الآية في قوله تعالى

( وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ) "الأنعام
121"

فالمؤمن يدرك  أن كل ما يحدث من حوله هو جزء من مصيره المكتوب في اللوح المحفوظ عند الله. ما هو مهم في الحدث الذي يبدو لنا سلبيا هو أن نرى فيه الجانب الإيجابي والفوائد التي تنبثق من هذا الحدث، ( وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) "يوسف
87" -( وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَالله يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) "البقرة 216". 

 وعلاجا لهذه الظاهرة القاتلة نحتاج إلى حملة توعوية منظمة تشرف عليها مؤسسات وجماعات ثقافية تنشر الوعي الايجابي في أوساط المجتمع.فهناك طاقات حيّة وجبارة كامنة تحت ركام اليأس والاحباط والنظرة السوداوية.

وبالتالى فهناك لوم  موجه إلى بعض وسائل الإعلام والتي تغذي نشراتها وتقاريرها بالمثيرات السلبية الباعثة على اليأس والقنوط، وتأتي في المقدمة المثيرات الجنسية، وتتفرع بين فضائح وجرائم ، ثم الإمعان بشكل غريب في أخبار العنف والارهاب ثم إحباطات السياسة وهكذا... القائمة طويلة، بينما يندر نشر خبر عن ابتكار علمي او تقني لشاب يافع او طالب جامعي او أديب أو فنان واعد، في التمثيل او الخط او الرسم، وغير ذلك كثير.

فاذا أردنا  أن نبحث ظاهرة الإحباط أدبيا  وسينمائيا  نجد أن الأفلام النفسية تعكس حالة الإحباط في مصر حيث شهدت السينما المصرية قبل ثورة 25 يناير، حضورا لأفلام الدراما النفسية، إذ عرضت أفلام «فاصل ونواصل» لكريم عبدالعزيز و" الوتر "لغادة عادل وفيلم «زهايمر» لعادل إمام، التي عكست الأجواء السياسية والاجتماعية المتوترة التي عاشتها مصر.

وهكذا كان الحال قبل ثورة 23 يوليو عام 1952، حيث عبرت أفلام «المنزل رقم 13» للمخرج كمال الشيخ، و«قطار الليل»، و«سيدة القطار»، عن الحالة الاجتماعية السائدة في تلك الفترة، كما ظهر في السبعينيات فيلم «أين عقلي» ، وكذلك فيلم «بئر الحرمان» اللذان عكسا حالات حادة من الإحباط، . ويرى د.رفيق  الصبان الناقد السينمائى  أن  فيلم «هي فوضى» ليوسف شاهين، نجح في استعراض الأسباب الخلفية وراء انحراف الشرطي دون مباشرة في الأداء والتقديم، وكذلك أفلام «ملاكي إسكندرية» و«تيتو» و«45 يوم».  ولا ننسى ايضا فيلم "النمر الأسود" عام  1984

كما ظهرت هذه الموجة من الأفلام في ألمانيا النازية، وكان أول فيلم يعبر عن الدراما النفسية مأخوذا عن قصة «عيادة الدكتور جانجاركي» في القرن الـ19 بألمانيا.

(It’s a Wonderful Life 1946)
فيلم فرانك كابرا الخالد وأعظم أفلام السينما العالمية، لو لم يصنع فرانك غير هذا العمل لكفي. يقترب جورج بيلي من الانتحار نظرًا لتصدع حياته بالعديد من المشاكل، فتكثر الدعاوي والمباركات ثم يأتي المشهد سريعًا على السماء، فيبدو بأن الدعاوي تخطت الحد المسموح وبقرار إلهي يتم إرسال ملاك لإنقاذ جورج بيلي من الانتحار في ليلة رأس السنة. أحد أعظم الأفلام الطاردة للاكتئاب والمشعة بالأمل والحياة، فهذا الفيلم يعطيك قدر من الإبهاج لربما لن تجده في العديد من المواقف الحياتية.

(The Shawshank Redemption1994)
قد يستغرب البعض، فملحمة سجن أو مقاطعة شاوشنك ليس فيلما بسيطا – أو كما يقولون بوب كورن، ففي فيلمنا هنا.أحتاج أندي ليزحف ونصفه ملئ بالقاذورات والنصف الآخر نظيف نحو حريته، ملحمة أسطورية كان بطلها الأمل ولا غيره.

(Cast Away 2000)

فيلم يعيد ملحمة الأمل عن طريق القدير توم هانكس حينما وقعت طائرته علي جزيرة نائية يحاول فيها العودة للحياة والتكيف مع اليأس، فمن رحم المعاناة، يولد الأمل، محاكاة رائعة لرواية روبنسون كروزو.

(Amélie 2001)
أرشحة وبقوة. فيلم فرنسي جميل باعث للأمل والتفاؤل بشكل إبداعي مختلف بعيد عن خزعبلات الإحباط.

     Gravity)2013   )
ملحمه أخرى عن الأمل كما هو الحال في شاوشنك، طاردة لكل يأس يمكن أن يطرق بابك. فساندرا بولك وحيدة في الفضاء تحاول العودة للأرض! ستشعر في لحظة بأنك تقول الله على نعمه الجاذبية، فأنت تعيش وحيدًا مثلها في ظلام الفضاء المرعب .." وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ” صدق الله العظيم.

وتجد الصين صنعت أداة صينية للتنفيس عن الإحباط.... "غرفة الغضب"، من أجل تنفيس الغضب والإحباط اليومي الذي يواجهه الفرد. ولفتت شبكة "إن بي سي نيوز" الأمريكية، النظر إلى الابتكار الجديد، الذي توصلت له إحدى الشركات الصينية، بعدما ازدادت نسبة من يريدون أي شيء ينفسون فيه غضبهم وإحباطهم.

ويمكن لأي شخص أن يحجز نصف ساعة في "غرفة الغضب"، مقابل 1589 يوان صيني، أي ما يوازي 23 دولار أمريكي.

ويرتاد غرفة الغضب مختلف الطبقات الاجتماعية بدءا من الرعاة حتى رجال الأعمال.