لكي تملك الدنيا ولا تملككَ، وترى ما فوق أحلامك لابد أن تملك القوة، قوة الوصول، والعزم على ذلك، وقوة السير على الهُدى، كثيرون حصّلوا الدنيا، لكن تاهوا في دهاليزها وخسروا الآخرة! وفي كل مرة تخرج من تجربة وتدخُل في أُخرى ومن امتحان لامتحان وسبيلٍ لسبيل، بين السُبلِ هناك من يتوه، فلايعلم بُغية الإنزال والإشهاد من الملك، يختار الطرق الجائرة ثم يجلس في مُنتصفاتها يبكي، حتى تخفطه الفتن، منتظرًا أحدهم يأخذ بيديه ويملي عليه، فإن وجد فهو رزق الله ورحمته، وذلك ليس على اللهِ ببعيد، ولكن لن تجتاز أعلى الأسوار إلا وحدك، ولن تُسئل عما قدمت يداك إلا وحدك، ولكي تستطيع فعل ذلك فليس بالجلوس والبطالة في دنيا العمل، فانفض عنك غبار اليأس، ولا تتبع السُبل التي تفّرقت بك عن سبيلِه واتبِع الهُدى واحذرهُم أن يُضلوك عن بعضِ مَا أنزل الله، واخرج من قوقعتك المظلمة وانهل من النور، يتضح لك خارطة الطريق، وحقيقة الدنيا، وخذ الكتاب بقوةٍ تأتيك الدنيا راغمة، اركض برجلك في الخير واغسل روحك من دنس الذنوب ولاتخف إنه منجيك، ولا تقلق من وحشة طريقٍ الملك أنيسه!
فالهُدى هو ذلك النبراس في الليالي الغبراء المظلمة، هو النجم الذي لايأفل، والبوصلة التي لاتنحرف،
ولا أقول ذلك من نبع القوة إنما من ادراك الضعف فما أنا إلاضعيفة فقيرة لاتعلم شيئًا ولا ترى سوىٰ بضاعة مزجاة من قلب صادق لرب رحيم
و من بيننا قوم اختاروا الهُدى وشدوا الرِحال والترحال وساروا على نهج الصحب الأوُلىٰ حتى صعد غرسهم بهم نحو العُلا، قف على نفسك وقل إنما الأجر علىٰ قدر مشقة الطريق
وفي كُل موقفٍ خذ من الآيات تسليه " وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا " اضرب علىٰ قلبك بقوة وقل مشقات الأنفُس مهما علت فلايكلف الله نفسًا إلا وسعها وإن كنت على قارعة الطريق خائف فسأرجو رحمة ربي ومابيدي من شئ لكنني أطلب ممن بيديه كل شيء، ممن بين يديه الخير كله أفيطالني الشر ، ألا وإني قد هُدت إليكَ ربي، أتقبلني وتعيننُي على أمري ولا تُعينه عليّ ؟