إلي القلب الذي توسد فيه الران، وغرق في بحر الآثام، إلي قلب رويت أرضه بماء أجاج
حتى صار جدبًا، ألم يأن لقلبك أن يحيى؟
لا تطل الغيبة على ربك، عد وأسبل عنده دمعك
لماذا هذا النكران والحجود، وقد أسدل عليك ستره، وأعطاك من خيره، ووقاك من شره،
ياهذا كم قرأت في الآيات زاجرًا، وكم شهدت في القضاء منذرًا، وكم دفنت من الأجساد مودعًا، فما ذرفت مقلتيك الدمع، بل لم تقطرُا،...
وكم من كنت الذنوب فاعلًا ألم تعلم أن الذنب هو ذلك السواد الذي يلطخ بياض صحيفتك، ألم تعقل أن الذنب هو المرض الذي يتعبك ، ألم تفهم أن الذنب هو الخرق فى قعر السفينة والشرخ فى جدار روحك، ونقطة الحبر الاسود التى وقعت فى الماء العذب
ألم تعقل أن هو الذنب جدار عازل بينك وبين روحك فتعيش وحيدة بعيده عن مصدرها ومنبعها الأساسي، فتختنق وتتألم وتنتفض داخل جسدك ولا تستطيع أن تتحدث إلا عبر جسر الدموع، فإذا حرمت الدمع فاعلم إنك في بلاء شديد، وروحك قد ماتت
الذنب ثغرة فى الجدار وخطأ فى اللوحة الجميلة انظر لقول الله "لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ"
خلقك الله بجميل الإيمان فلا تشوه نفسك بالذنب، فالذنب شرخ واضح فى الزجاج
والتوبة هى سد قعر السفينة وترميم الجدار وتنقيه الماء
التوبة هى هدم الجدار العازل لتنطلق روحك حره طليقة بعد أن حطمت قيد الذنوب لتسجد تحت العرش
التوبة هى الثبات داخل الإعصار وإزالة أتربة الماضى وكسر ظلم النفس
رجوع الروح إلى رحابها وبئر الماء العذب فى الصحراء بعد طول انتظار
التوبة هي تزين الروح بأجمل قيم أنزلها الله
فإياك أن تأتيك الرغبة العودة ثم تدفنها بالتسويف، وتظن أنك مالك أمرك، وتفوت اليوم تلو اليوم، والعبرة بعد العبرة، ومواسم الطاعة وراء الأخرى، ثم إذا بك مسلوب مقهور، سرق التسويف عمرك، حتى إذا جاء أجلك، وضيعت ربح تجارتك، وانفض سوقك، وتريد استدارك ما فات فيما آت فتجد أن عداد عمرك صفرًا، فيا مسكين مواسم الخير إذا جاءت مع الفراغ كانت قبلات الحياة، فلا تضيعها،
فليس أضر عليك إلا ذنبك، أوله وآخره، دقُه وجله وإن مَقتَلك ليس بسيف ولا على الفرش
إنما مَقتَلك عند أول ذنب لم تتوجع له نفسك، أو يستوحش منه قلبك، فلاتجد مايحملك على التوبة، فاستعن بالله ولا تعجز وتذكر دومًا أنت مُرَحّب بك عند ربك مهما جنيتَ على نفسك فقط لاتُطِل الغيبة، عد لاتُطِل في البعد فإن ربك غفور رحيم وكذلك شديد العقاب!
والصلاة والسلام علىٰ أشرف المرسـلين