المحدد لإقلاع الطائرة. من هناك اتصل على منزل والد محسن. رد عليه محسن، فأخبره أنه قد وصل إلى المطار ولم يعد بحاجة لمن يقلّه. استغرب محسن من تصرف عالي! وعاتبه لأنه فوت عليه فرصة توديعه، فقد كان سيأتي مع والده لإيصاله إلى المطار. تمنى له النجاح، وذكره بوعده له بأنهما سيركضان معاً يوماً ما، وأنهما سيقذفان بكرسيه المتحرك سوياً من فوق سطح منزله. أشعره كلام محسن بقليل من الحماس. ضاعفت جدران المطار هذا الحماس. إنها توحي له بالانطلاق. وتخبره عما ينتظره من مغامرات وحياة مختلفة. كان ينظر إلى الجدران الإسمنتية تارة، وتارة أخرى إلى الجدران الزجاجية. أعجبه ارتفاعها الشاهق. تخيل أن له قصراً عظيماً بجدران مهيبة كهذه الجدران! شعر بنشوة، وتذكر خيالات محسن التي يعيشها معظم وقته. قد تكون أول مرة يفهم فيها لماذا يريد محسن أن يكون كل شيء! لأنه لا حدود للخيال. لقد حصل على نشوة قصر مهيب في دقائق معدودة! باستطاعته أن يحصل على عشرة أمور عظيمة أخرى خلال ساعة واحدة مع أن كل واحد منها يحتاج لعمر كامل لتحقيقه في الواقع، وفي الغالب ستنتهي محاولة الحصول عليه بالفشل. أخذ يتابع الطائرات التي تقلع وتهبط. شعر أن حياته طائرة ستقلع من هذا المطار إلى عالم مثير مليء بالمفاجآت. كبر حماسه حتى صار أكبر بكثير من حزنه، فصرعه. سقط حزنه بسهولة، وسقطت عمته معه، وسقطت معها روعة، ولم يبق في رأسه إلا محسن، ربما لأنه متفائل دائماً! شعر أنه محظوظ لأنه عرف محسن فلم ير شخصاً يزدري الماضي كما يفعل. سيحتفظ به في رأسه معه في هذا اليوم المختلف. إنه يوم ولادته الحقيقية. اليوم سيتوجه إلى كاليفورنيا في الولايات المتحدة ليدرس إدارة الأعمال. ومن هناك سيبدأ رحلة تحقيق حلم أمه. فتح حقيبته اليدوية، وأخذ يقلب في أوراقه. فتح جوازه الخالي من الأختام. أنه صحراء قاحلة لا يوجد به إلا التأشيرة الأمريكية. قذف به في بطن الحقيبة. فتح ورقة مطوية، إنها نتيجته في اختبار التوفل. شعر بالفخر فقد حصل على درجة عالية في اللغة الإنجليزية دون مساعدة من أحد. ربما هذه إحدى حسنات سنوات الوحدة. لقد اختصر من