الزجاج المحطم وسط الشارع ويلتقطه! بحث عن الشمعة فوجدها لا زالت تذرف الدموع ولكنها في رمقها الأخير. حملها بطبقها الذي ترقد فيه ورماها من النافذة فوقعت على ظهر الشيطان فاحترق. أكمل نومه في مزرعة عنب أبيض تكسو رؤوس ثماره طبقة من الثلج. لم يلتهب صدره! ولم يصبه سعال! بل شعر بصدره يتسع حتى أصبح كونا فسيحاً ملؤه الأكسجين! وشعر أنه يهوي إلى المجهول! إلى اللا قاع! إنه الإحساس الأجمل والذي لا يعرفه من لا يقدر لون الذهب في زجاج شفاف. خرج عصراً من غرفته وقد تخلص دمه الأحمر من كل الذهب الرديء الذي وهبه إياه ليلة البارحة. كان عالي يشعر بصداع رهيب. يخالطه شعور بالندم. وجد عمته قد حضرت له القهوة كما يحبها وكأنها تعلم مدى حاجته لها في هذا الوقت. شرب قهوته وهو يتابعها وهي تسخن لهما الأكل. لقد أجلت غداءها حتى تأكل معه. وضعت الأكل على طاولة الطعام، وبدءا بالأكل. كانت عمته تشعر بالحزن الشديد، فهي آخر وجبة ستتناولها معه قبل سفره. من الغد ستأكل لوحدها. لم تصمد طويلاً. انهمرت دموعها تباعاً. كان عالي ينظر لها بحزن. لم يستطع أن يكمل أكله. اقترب منها وضمها إلى صدره، ثم أخذ يقبل رأسها ويديها. لم يتمالك نفسه وبكي. أخبرها أنه سيشتاق لها كاشتياقه لأمه. تركها على طاولة الطعام، وصعد إلى غرفته. رتب ثيابه في حقائبه وأقفلها. اقترب من أريكة أمه وأخذ يشمها ويقبلها. لا تزال تنضح برائحة أمه رغم رحيلها عنها منذ سنوات طويلة! حمل حقائبه وخرج من غرفته. ما تزال عمته تذرف الدموع على طاولة الطعام. قبلها على رأسها قبلة أخيرة، ثم خرج من المنزل. لقد هرب من دموعها، فما زال الوقت مبكراً على رحلته. كان على موعد مع والد صديقه محسن لكي يوصله للمطار.لكنه لن يحضر الآن فما زال الوقت مبكراً. سحب عالي حقائبه إلى الشارع الرئيسي ومن هناك استقل سيارة أجرة أوصلته للمطار. وصل إلى المطار قبل ست ساعات من الوقت