ذات مرة وجد عالي بقايا حلم على الأرض، فانكب على وجهه وأخذ يلعقه، فأمسكت أمه بجذعه من الخلف ورفعته، ثم حضنته.-ماذا تريد يا عالي من بقايا حلم؟ هل تخشى نضوب الأحلام؟! لا تخف يا بني، فالأحلام تنبع من أفواه شقائق الذات التي لا تموت! ستحلم بكل شيء. في الليل والنهار، وفي الصحو والمنام. لكن إياك يا بني أن تنخدع بالسراب. إنه يأتي مع الأحلام! ثم استيقظ عالي من حلمه، ذلك الذي كان يلعقه! فاكتشف أنه قد انخدع حتى قبل أن يبدأ رحلة الحقيقة. واكتشف ايضاً أن التي كانت في الحلم لم تكن أمه، بل كانت زوجة أبيه "نزوى"، فزالت عنه الحيرة فهو يعلم أن أمه لم تكن تعرف سر السراب!ذات مرة وجد نفسه أمام شمعة قد ذاب نصفها، وأشعتها الخجولة قد انعكست على قنينة شفافة مملوءة بشراب بلون الذهب. مد يده إليها وسحبها برفق وكأنه يقطف وردة قد تسيدت جميلات الحديقة. فتحها، ثم أفرغ جزءاً يسيراً مما فيها في كأس ذات ساق طويل وبطن ضخم. شك للحظة انه في مختبر وأنه يجري تجربة كيميائية. نظر ملياً إلى الشراب الأصفر في بطن الكأس. هز الكأس ليعطيه فرصة أخيرة للرقص، ثم ارتشفه رشفة واحدة. أحس به يتغلغل داخل لسانه ويركب تيار شرايينه، ويجري في نهر جسده في رحلة تنتهي في رأسه لتقتل قليلاً من رزانته، وخجله، وذاته! استمرت التجربة حتى خوت القنينة على عروشها، وخوى معها رأسه، فغنى لكل شيء! لأبيه، لأمه، للسرطان، للعقبان، لمحسن، لروعة، لوحيد، لكوكب جليزا، لنزوى، وللأريكة التي ورثها من أمه! كانت أول ليلة يتناول فيها "المخزي"! أول ليلة ينتهك حرمة بيتهم ويشرب فيها ما قد شبع من سماع تحريمه! أراد في هذه الليلة أن يفعل شيئاً مختلفاً. أراد أن يكون سيئاً جداً. أراد أن يخرج من