Image title
" الفرســــان- ديــدات- نــايك"بقلم د.طــارق رضــوان

كانت ليلة عاصفة، رجع فيها كل الموظفون إلى بيوتهم، ولم يبقَ في المصنع إلا شابٌ فقيرٌ لوحده، فهو من جهة لا يملك أن يترك المصنع قبل أن ينجز عمله، ومن جهة أخرى لم يكن ذلك الشاب المسكين يملك بيتًا أصلًا لكي يرجع إليه! لذلك أخذ ذلك الشاب شمعة صغيرة لكي يذهب بها إلى مخزنٍ مهجورٍ تابعٍ للشركة التي كان يعمل بها، فقد طلب منه رئيسه في العمل أن يرتب البضائع المتراكمة في ذلك المخزن القديم قبل أن يخلد إلى النوم.

فأخذ الشاب الفقير يرتب البضائع القديمة لوحده، وسحابة من الغبار تنطلق من بين ثنايا البضائع المهملة لتملأ أرجاء الغرفة المهجورة، ليضطر أن يحمل شمعته بيده ليفتح نافذة صغيرة موجودة في أعلى الغرفة قبل أن يختنق من الغبار الذي كاد أن يقتله، وما إن استطاع من فتح النافذة، حتى دفعته الرياح العاصفة من الخارج بقوة أسقطت جسمه النحيل أرضًا، لينطفأ بذلك وميض الشمعة الخافت الذي كان ينير له زوايا الغرفة المظلمة.

وانتصف الليل. . . . . والعاصفة في الخارج تزداد شدة وهيجانًا، وصاحبنا ما زال يعمل كالأعمى يتحسس البضائع الملقاة في تلك الغرفة الموحشة.

وعندما أوشك الشاب المسكين على الوقوع أرضًا من شدة الجوع والتعب، حدث شيءٌ غريب!! فلقد ارتطمت قدماه بجسمٍ مجهولٍ على الأرض، فرفعه بيديه ليكتشف أنه كتابٌ ملقى في ثنايا الصناديق المهملة، فحاول عبثًا أن يقرأ عنوان ذلك الكتاب مستعينًا بضوء البرق المنعكس على الغرفة، ولكن دون جدوى. ولكن فضول الشاب وشغفه الشديد بالقراءة دفعه إلى يحمل الكتاب ويذهب به إلى تلك النافذة التي طرحته أرضًا من قبل. وبعد طول انتظار. . . . سقط نصلٌ لامعٌ من البرق، وكأنه سهمٌ انطلق من قوسٍ في علياء السماء، ليستقر على ذلك الكتاب بالتحديد، لتصبح الحروف وكأنها حروفٍ من نور انعكست في عيني ذلك الشاب، فلقد ظهر للشاب الفقير أن اسم ذلك الكتاب هو "إظهار الحق"! وهو نفسه الكتاب الذي سيغير من حياته رأسًا على عقب بعد قراءته، ليتحول بعدها ذلك الشاب المسكين المعدم الذي لا يملك قوت يومه، إلى بطلٍ عظيمٍ من عظماء أمة الإسلام، يملأ عبقه الآفاق ذكرًا وشهرة، ليغير بعد ذلك مجرى التاريخ الإنساني إلى الأبد، فلقد كانت هذه الليلة العاصفة وتلك الغرفة المظلمة بداية الانطلاق لأسطورةٍ إسلاميةٍ حيةٍ اسمها: الشيخ أحمد ديدات!


وُلد مؤلف هذا الكتاب في الهند في غرة جمادى الأولى سنة 1233 هـ الموافق التاسع من مارس سنة 1818 م، وهو الشيخ (محمد رحمت اللَّه -بالتاء المفتوحة- ابن خليل الرحمن الكيرانوي العثماني الأموي الهندي ثم المكي)، ونسبه الأموي ينتهي إلى عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه.

 فبعد أن احتلت بريطانيا الهند، أيقن الإنجليز أنهم إذا تعرضوا لأية مشاكل في المستقبل فلن تأتي إلا من قبل المسلمين الهنود، لأن المسلمين هم وحدهم الذين لا يسكتون على ضيم، بعكس الهندوس، فإنهم مستسلمون ولا خوف منهم. وعلى هذا الأساس خطط الإنجليز لتنصير المسلمين للبقاء في الهند لألف عام، وبدؤوا فعلًا في استقدام موجات المنصرين إلى الهند، هدفهم الأول في ذلك هو تنصير المسلمين الهنود بالتحديد، مستعينين بذلك بقسيسٍ فصيح اللسان اسمه (الأب فندر)، فكان هذا القس يتحرش بالمسلمين في الغداة والعشي يريد تنصير المسلمين بأي شكلٍ من الأشكال، فأخذ يكيل الاتهامات وينشر الشبهات في صفوف المسلمين، والمسلمون عاجزون عن الرد إما خوفًا من بطش الجنود الإنجليز أو جهلًا باللغة الإنجليزية، حتى ظهر هذا الصقر الأموي من على قمم الهملايا، فطلب مناظرة القس فندر علانية أمام الملأ، فتجمع عشرات الآلاف من الهنود المسلمين والهندوس في الساحة الرئيسية للعاصمة الهندية دهلي (دلهي) في أكبر مناظرة دينية عرفتها الهند، فظن القس النصراني أن الفرصة صارت مواتية له لتنصير عشرات الآلاف من المسلمين دفعة واحدة، فبدأ فندر المناظرة بكيل سيل من الاتهامات في شرف النبي وسمعته، ولما انتهى من كلامه تقدم الشيخ رحمت اللَّه العثماني الأموي أمام الملأ ليفند تلك الاتهامات واحدة بعد الأخرى، حتى إذا ما انتهى من تفنيدها بدأ مرحلة الهجوم الكاسح على القس، ليقرأ له من كتابه المقدس ما يثبت نبوة محمد -  صلى اللَّه عليه وسلم- وبطلان ألوهية عيسى، لتعلوا صيحات اللَّه أكبر من عشرات الآلاف من الجمهور، والشيخ رحمت اللَّه يقرأ أسفار الكتاب المقدس سفرًا سفرًا لمدة ساعات من دون أن يتلعثم ولو في كلمة واحدة، حتى إذا ما فرغ من كلامه، تقدم مئات الهندوس من المستمعين ليعلنوا إسلامهم أمام القس الذي ولّى القهقرة، لينتصر رحمت اللَّه الأموي في مناظرته الشهيرة، وتنتشر أخبار هذه المناظرة في أرجاء الهند من دكا إلى كراتشي تحت اسم "المناظرة الكبرى"، قبل أن يُجبر الشيخ البطل رحمت اللَّه الأموي إلى الهروب متخفيًا إلى مكة بعد أن صار المطلوب رقم واحد للإمبراطورية البريطانية، فرصد الإنجليز ألف روبية لاعتقاله (مبلغ ضخم وقتها. ليطلبه الخليفة العثماني (عبد العزيز خان) رحمه اللَّه شخصيًا لمقابلته في "إسطانبول". وطلب منه أن يدون أحداث تلك المناظرة الكبرى في كتاب بتمويل من الخليفة نفسه حتى يستفيد منه المسلمون في سائر أرجاء الخلافة الإسلامية، وفي كل الأزمنة، ليدون الشيخ محمد رحمت اللَّه الكيرانوي العثماني الأموي الهندي ثم المكي هذه الأحداث في كتابٍ أسماه "إظهار الحق".

 كان الشيخ أحمد ديدات مجرد صبي فقير لا يعرف في الإسلام غير "الشهادة" على حد قوله، ففي أربعينات القرن الماضي كان المنصرون في مدينة "ديربن" في جنوب أفريقيا يمرون عليه في دكان الملح الذي كان يعمل به ليوجّهوا له أسألة استفزازية من قبيل:
"
يا هذا. . . هل تعلم أن نبيك محمد سرق قرآنه من التوراة والإنجيل؟
يا هذا. . . هل تعلم أن نبيك محمد كانت له نساء كثيرات؟
هل تعلم أن نبيك نشر دينه بحد السيف؟
"
والحقيقة
أن أحمد ديدات لم يكن يعرف ماذا يريد أولئك المنصرون بالضبط، فهو بالكاد يعرف أن اسم نبيه هو محمد، فضلًا من أن يعرف عدد زوجاته! ولكن ذلك الصبي الفقير لم يكن يحتاج إلى كثيرٍ من الذكاء ليستنتج أن هناك نبرة استهزاء وعنصرية في كلام أولئك المنصرين، ففهم أن سبب عجزه عن الإجابة ينبع من جهله، فقام بتنفيذ أول أمرٍ إلهي للمسلمين "اقرأ"!

فقرأ في التاريخ والأدب والفيزياء والهندسة واللغات وكل ما يخطر على بال إنسان، ثم قرأ عن المسيحية: كتبها - تاريخها - فلسفتها - تفاسيرها، كل شيء من دون استثناء، حتى جاء وقت على الشاب أحمد ديدات لم يجد به كتابًا يقرأه في مكتبة ديربن بعد أن قرأ كل الكتب والمجلات والوثائق الموجودة في المكتبة! فأصبح ذلك الشاب القارئ يمتلك حصيلة لغوية وموسوعة معرفية واضطلاع ثقافي واسع، وعندما انتهى الشاب أحمد ديدات من مرحلة بناء الشخصية، بدأ ديدات مرحلة الهجوم المضاد، فصار ينتظر أولئك المنصرين انتظارًا في دكان الملح الذي كان يعمل به أجيرًا، ليرد على أسألتهم، فيفحمهم بإجاباته،
فقد حفظ الشيخ الأناجيل الأربعة "لوقا - يوحنا - مرقص - متّى" عن ظهر قلب، بعد أن حفظ القرآن بأرقام آياته وسوره، ليتحول هذا الشاب الفقير بفضل أولئك الحمقى إلى ماردٍ إسلامي ضخم، فامتنع القساوسة من المجيئ للدكان بعدما رأوا ما رأوه منه.

أصبح الشيخ أحمد ديدات أهم مناظر إسلامي على وجه الكرة الأرضية، ليجوب القارات مناظرًا للنصارى وداعية للإسلام، عندها قرر المنصرون أن يرموه بأعظم منصر في العالم، وهو المنصر الأمريكي (جيمي سويغارت)، فاستخدم ذلك المنصر الخدعة المستهلكة في الطعن في شرف النبي، فناظره الشيخ أحمد ديدات في عقر داره في "الولايات المتحدة"، ليقضي عليه بالضربة القاضية وينتصر عليه في المناظرة. (قبض على سويغارت عام 1988 وهو يمارس الجنس مع مومس محترفة في سيارته!)، ليحاول عبّاد الصليب محاولة أخيرة مع الشيخ ديدات، فبعثوا إليه بأكبر منصر عربي، هو المنصر الفلسطيني الصهيوني (أنيس شروش)، فلقنه بطلنا درسًا في فنون اللغة العربية وانتصر عليه. (قبض على شروش عام 2008 في ولاية ألاباما الأمريكية وهو
يحاول حرق وثائق تثبت اختلاسه لأموال الكنيسة متخفيًا بزي عربي لإيهام السلطات بأن الفاعل إرهابي عربي مسلم قبل أن يُكتشف أمره ويوضع في غياهب السجون مع المجرمين من أمثاله).

فقام الشيخ الجليل بتسجيل هذه المناظرات وغيرها على أشرطة فيديو، لتنتشر هذه الأشرطة في العالم الإسلامي من أندونيسيا إلى السنغال. وفي إبريل عام 1996 أصيب بجلطة في الدماغ، فأصبح داعيتنا البطل طريح الفراش لا يستطيع أن يحرك إلا عينيه، ولكنه رغم ذلك لم ييأس، فقد استخدم لوحة ضوئية يختار منها بعينيه حروف الكلمات التي يريد التعبير بها، ليستمر هذا الأسد الإسلامي في مسيرة العلم . ويبقى على تلك الحالة الثابتة مدة تسع سنوات يعلم تلاميذه بنظرات عينيه. وفي صباح يوم الاثنين الثامن من أغسطس 2005 م الموافق الثالث من رجب 1426 هـ فقدت الأمة الإسلامية الداعية الإسلامي الكبير، أسد جنوب أفريقيا الإسلامي، الشيخ المجاهد أحمد ديدات، فعليه من اللَّه جزيل الرحمات، وواسع المغفرة والكرامات.
من أقوال أحمد ديدات

" -أيها العرب. . . إنهم يريدونكم أنتم بالذات! فأنتم الهدف الأول لحملات التنصير العالمية، أيها العرب، أقولها لكم بكل وضوح. . . أنتم التحدي القادم! "
)
الشيخ أحمد ديدات).

- إن أكلت طعاماً فاسداً يصبح جسدك فاسداً , وإن قرأت كتاباً فاسداً يصبح عقلك فاسداً , فاحذروا جيداً مما يفعله الاعلام بعقولكم.

- السلاح ليس الحل لأن من عاش بالسيف مات بالسيف, ولكن يجب علينا تسليح أنفسنا أولاً بالعلم والحكمة والموعظة.

-  عليك أن تتوقع من الله ما لم يتوقعه عقلك ، إنه على كل شيء قدير.

لَمْ يَخلقنا الله لنَحزَن ، هَو فقطْ يعلِّمُنا الرُّجوع إلَيه عِندمَا ننْكسِر.

- لم يولد الإنسان وهو مخير بين لونه ونسبه وغناه وفقره ، فإن لم تحترم الخلق ، فاحترم الخالق.

- عندما يخونك أحد من الناس , قف رافعاً رأسك ولا تنحني لأنك أنت من فزت بالوفاء.

- الانسان الملوث داخلياً لا يستوعب وجود بشر أنقياء.

‏- أنا مسلم والإسلام دين كامل لكنني لست إنساناً كاملاً، إن أرتكبت خطأ فلا تلوموا الإسلام لكن لوموني أنا.

‏- نحنُ لسنا متخلفون عن الغرب ولكن متخلفون عن الإسلام، وما تخلفنا عن العالم إلا بعد تفريطنا في ديننا.

- لا تكن هشاً، أي ضربة تسقطك، وأي صدمة تضعفك، وأي فشل يعقدك، وأي خطأ يقتلك، كن قوياً، فلا مكان للضعفاء في هذا الوقت.

أُطلِقت العديد من الألقاب على أحمد، منها: "قاهر المنصِّرين"، و"الرجل ذو المهمَّة"وفارس الدعوة.
كما علَّم ديدات العديد من التلاميذ الذين ساروا على دربه، ومضَوا في طريق الجهاد في سبيل الله ضد المنصِّرين والقساوسة، من أبرزهم الدكتور زاكر نايك، والذي قال عنه ديدات: "ما قمتُ به في أربعين سنة، قام به زاكر في أربع سنوات!".

فمن هو ذاكـــــر نايك

ذاكر عبد الكريم نايك (Zakir Abdul Karim Naik).. تاريخ ميلاده 18 أكتوبر عام 1965، مهنته الأصلية طبيب بشري، لكنه هجر الطب وتفرغ للدعوة منذ عام ١٩٩٣ وهو مدير مؤسسة البحث الإسلامية في الهند. ويقال أنه يحفظ القرآن الكريم والإنجيل بجميع نسخه والتوراه والهندوسية كاملين، وأيضاً ترجمة معاني القرآن بالإنجليزية، ويعتبر واحد من أقوى المناظرين في مقارنة الأديان حالياً على مستوى العالم، لذلك يعتبر التلميذ النجيب والخليفة القوي للشيخ أحمد ديدات. اثنى عليه أستاذه الداعية الشيخ أحمد ديدات الذي سماه ديدات الأكبر وأثنى عليه ذات مرة فقال له “ما فعلته يا بني في أربع سنين استغرق مني أربعين سنةً لتحقيقه".

يقول نايك إن هدفه هو "التركيز على الشباب المسلم المتعلم الذي بدأ يشعر بأن الدين قديم".  إنه يعتبر أن من واجب كل مسلم إزالة المفاهيم الخاطئة المتصورة عن الإسلام ومواجهة ما يراه التحيز ضد الإسلام في وسائل الإعلام الغربية.وصف نايك وسائل الإعلام بأنها "الأداة الأكثر أهمية والأكثر خطورة في العالم، والتي تحول الأسود إلى أبيض وشرير إلى بطل". اقترح أنه "يجب أن نستخدم نفس الوسائط لإزالة المفاهيم الخاطئة والاقتباسات والتفسيرات الخاطئة والتضليل حول الإسلام".

ينتقد تصوير المسلمين في الأفلام، حيث يقول: "تم إنتاج مئات الأفلام في هوليود لتشويه صورة الإسلام لدرجة أن يخاف غير المسلم عندما يسمع مسلماً يقول "الله أكبر"، معتقداً أنه سوف يقتله. إذا أراد أي شخص حقًا معرفة مدى جودة الإسلام، فعليه أن يدرس مصادره الأصلية؛ القرآن الكريم والحديث المجيد بدلاً من النظر إلى أتباعه (المسلمين). ". كما انتقد وسائل الإعلام "لالتقاطها للمسلمين الذين انتقدوا الإسلام مثل سلمان رشدي، وإعطاؤهم الجوائز" ، قائلاً: "إذا فعل المسلم شيئًا عظيمًا، فقد يعطونه الفضل لكنهم يتجاهلون دينه أو يغيرون اسمه المسلم"، مثل أرسطو الشرق، أفيسينا (Avicenna)، والذي كان اسمه الحقيقي "علي بن سينا".

كثيرا ما تعرضت آراءه وتصريحاته بشأن الإرهاب لانتقادات في وسائل الإعلام. في حديثه عن أسامة بن لادن، عندما سئل نايك عما إذا كان بن لادن إرهابيًا، ذكر أنه ليس لديه رأي لأنه لم يقابله ولم يستجوبه ، وليس صديقًا ولا عدوًا. وقال أنه يؤمن بفحص المعلومات قبل نقلها إلى شخص آخر.وفي 11 مايو 2019، في مقابلة مع مجلة Week، انتقد ذاكر نايك بقسوة ناريندرا مودي وحزب بهاراتيا جاناتا بسبب ما اعتبره اتهامات كاذبة ودعاية ضده لأغراض سياسية، وقال إنه مستهدف بسبب شعبيته.

الوسوم

ديدات- الفقر- والريادة- نايك

إظهار الحق -المناظرة الكبرى- (الأب فندر)- الخليفة العثماني (عبد العزيز خان