Image title

هانحن ذا في مطعم أوليڤ غاردنز نحظى بعشاء عائلي فاخر بمناسبة تخرج أختي هيلن من جامعة رايس، فلقد أعتاد أبي على أحضارنا هنا للأحتفال بالمناسبات الكبيره.

لطالما أحببت أن يصطحبنا والدي الى أوليڤ غاردنز، فعلاوة على كونه بعيدآ عن صخب المدينه، فهو يمتاز بطابع ايطالي عصري تغمره أجواء هادئة تحت سقف من الأضاءات الخافته.

كنا نجري حوارآ عن رغبتتا في أن نقضي العطلة الصيفية سويآ خارج المدينه.كنت قد خططت مسبقآ مع أختي هيلن على أختيار الذهاب لأحدى المحميات الطبيعيه قرابة الساحل الغربي للتخييم، فلم نكن قد قمنا بذلك سويآ منذ أعوام، ولكنني كنت خائفآ من أن يقع أختيار اخي الصغير مارڤن ( مفسد المهمات) على منزل خالتي جين، فلطالما رغب مارڤن بالتواجد مع أبناء خالتي أثناء العطلات.

قدم النادل بأتجاهنا وبيده طبق لحم الضأن المشهور لديهم، كانت رائحة عشبة أكليل الجبل المميزه تنبثق منه. شرعت أمي بتشريح لحم الضأن حينما بدأ المشاغب الصغير مارڤن بالحديث عن مدى أشتياقه لأبناء الخاله جين.كان دائمآ يجذب أنتباه والديّ ويستعطفهما بصوته الطفولي ونظراته البريئه ليلبيا رغباته. كنت قد يأست حينها من الذهاب للمحميه، فهم دائمآ مايلبيان رغباته ويتجاهلان ماأريد. ولكن عجبآ، فأمي وأبي تجاهلوا مارڤن للمرة الأولى في حياتهم حين سألاني عن أختياري، لم أصدق نفسي حينها.

أخبرتهم عن المحميه قبالة الساحل الغربي فوافقا على الفكرة وعمت الفرحه في المكان.

أنه اليوم المنشود. نصبت الخيمه مع أبي كما أشعلنا نارآ لتدفئ المكان. كانت بقعتنا في المحميه جميلة جدا فالأشجار خلفنا والمحيط أمامنا. وقعت في حب منظر السماء والنجوم المتلآله وسرقني صوت الأمواج المرتطمة بصخور الشاطئ.. يالها من صورة جميله تكاد تكون كالحلم الذي لايمكن تحقيقه.

كان الجميع مشغول بشئ ما، فأمي تحضر وجبه خفيفه، أختي هيلن تقرأ روايتها، أخي مالڤن مازال غاضبآ على أفساد عطلته في السياره، أما أبي فاأكتفى بالأستلقاء على الشاطئ.

قررت أن أتجول بقرب الأشجار لأحظى ببعض الوقت مع نفسي فالقمر كان مكتملا تلك الليلة.

لم أستطع الا أن أبتعد عن بقعتنا، فشعور قدميّ الحافيتيين ببرودة التربة وأستمتاعي بحفيف أغصان الأشجار مع نسيم المحيط العليل كان شعورآ غامرآ. لم أرغب لتلك اللحظات بأن تزول، ولكن كان لابد من العوده للشاطئ الآن، فلابد أن عائلتي تتسائل عني.

سرت على خطاي السابق متجها جنوبا لبقعتنا. سرت كثيرآ، سرت وسرت وسرت حتى بدأ الذعر يتملكني فلايعقل أن أكون قد قطعت هذه المسافه كلها! هدأت من نفسي فلربما لم أشعر بالوقت و بالمسافه لأنني كنت مستمتعا حين ذهابي... أكملت سيري ولكن كان الأمام كالخلف والشرق كالغرب. جميع الأشجار متشابهه ولااأعلم أن كنت أسير فعلا لجهة الشاطئ.

توقفت لبرهه، أغمضت عيني، و أخذت نفسآ عميقآ لأفكر قبل أن أخطو خطوة أخرى،فهذه الغابه غدت كالمتاهه الكبيره.

قررت أن أحدد أتجاه الرياح كي أسير عكسها وأصل للشاطئ...كنت أسير مطمئنا نفسي فلابد ان يكون هذا هو الأتجاه الصحيح...ولكنني قطعت أميالآ كثيرة دون جدوى فلا يوجد أي دلاله على أقترابي من الشاطئ.

تملكني الذعر، تعبت وأجهدت من كثرة المسير فقررت أن أستريح تحت أحد الأشجار،فلربما المساعده آتية في الطريق والأفضل أن لاأبتعد أكثر.

غفيت في مكاني و لاأعلم لكم من الوقت قد غفيت.كانت أصوات الحيوانات البريه محيطه بي من كل جانب.كان لايوجد مايدل على بحث عائلتي عني، فكان بقائي تحت الشجره أمرآ غير آمن. أعدت التفكير ثم قررت أكمال سيري فلعلني أصل لعائلتي.

كنت أتنفس بصعوبه و قلبي ينبض سريعآ ...فهاأنا لاأراديآ أخطو خطوات كبيره من شدة ذعري.

هيئ لي مابدا كالكوخ الصغير على بعد نصف ميل، لاأعلم أن كانت هي مخيلتي او كان كوخآ حقيقيآ.

سرت بأتجاه الكوخ.كنت أشتم رائحة عشبة أكليل الجبل الزكيه كلما أقتربت، فكانت رائحه عطره تبعث على الأرتياح. وصلت أخيرآ الى الكوخ، رميت بنفسي على باب الكوخ الخشبي لطلب المساعده وطرقت بكل قوتي... فتح الباب.....دخلت الى الكوخ مسرعآ فأذا بأمي جالسه أمامي مقدمة لي شريحة من لحم الضأن قائله : لقد ناديتك كثيرآ الا تسمعني ؟؟؟ الا تسمعني؟؟؟؟ يآلهي أنك تتصبب عرقآ.....هل أنت بخير؟

لابد وأنك كنت تحلم مجددآ أليس كذلك؟ الى أين شرد بك ذهنك ؟؟ تفضل طبقك يابني. أن أحلام اليقظه تراودك كثيرآ هذه الأيام ياعزيزي، لابد وانه أجهاد مابعدالأمتحانات.


إذآ مارأيك؟ أخوك مالڤن يريد الذهاب لخالتكم جين هذه العطله وأختك هيلن تريد الذهاب للساحل الغربي فماتقول أنت؟ فمالڤن مشتاق كثير لأبناء خالتكم ولايمكنني أن أرفض طلب لهذا الوجه الجميل، فمأختيارك؟ لابد وأنك ترغب للذهاب الى الخاله جين كذلك، اليس كذلك؟ اليس كذلك ياعزيزي؟

فأجبت متلفتآ لأفراد عائلتي وزوايا مطعم أوليڤ غاردنز الدافئة حولي: بالطبع ياأمي، فلا يوجد ماهو أفضل من منزل الخاله جين!