كنت كلما قرأت كتابا جميلا وددت لو انوجد في حياتي أحد أخبره عن الكتاب وأشاركه العبارات التي خططتها بقلمي الرصاص. أناقشه في بعض الأفكار التي استوقفتني. أعرض عليه قراءة الكتاب وأطلب منه أن يعدني أن نتحدث عنه طويلا حين ينتهي من قرائته. ويقرؤه ويحبه كما أحببته. وتستوقفه مثلي الأفكار نفسها وتروقه مثلي العبارات التي خططتها. وأسعد بهذا التشابه والتماثل، وأعد نفسي بأن أبتاع من كل كتاب نسختين، أهديه واحدة وأترك لي الأخرى، أقرؤها وأضعها في مكتبتي التي بنيتها على مدى سنوات وصار فيها من الكتب نسخا تشبه الكتب في مكتبته.
سنوات كثيرة مرت منذ راودتني تلك الأفكار أول مرة، وبقيت في رأسي وقلبي طويلا حتى التقينا. أنا والشريك في الكتب والقراءة. لم نكن متماثلين كما حلمت لكننا على الأقل نتشارك حب القراءة واقتناء الكتب. لم تستوقفنا العبارات نفسها وقلما قرأنا كتابا واحدا في الوقت نفسه كما حلمت لكننا ولحسن حظي نقرأ ونتناقش ونتحدث. نبتاع الكتب ويعرف كلانا ما يحب الآخر وما سيحب بمجرد تقليب صفحات الكتاب.
وليس انتقاصا من الناس الذين لا يقرؤون فلكل هوى وهواية، لكنني دوما أجد سهولة في التعامل وارتياحا مع الشخص الذي يقرأ. هنالك لغة مشتركة نفهمها ويمكننا أن نتحدث بها وهنالك -وهذا هو الأهم- شغف مشترك، وعالم ساحر من الكلمات والحروف اللامنتهية والمرصوصة في الكتب. فحمدا لله على الكتب وحمدا لله على القراءة وحمدا لله على الشغف المشترك.