زار الملك سعود رحمه الله (تيماء )وكان القاضي الشيخ عبدالعزيز بن خلف معه ورغب الملك في إستبدال سواني (بئر هداج تيماء ) من الإبل بمكائن وتعويض الأهالي لكن القاضي أشار على الملك بعدم التعويض.
فماذا كان رد الملك سعود؟
القصة كاملة يرويها القاضي نفسه ابن خلف في كتابه (دليل المستفيد ).
يقول الشيخ عبدالعزيز في كتابه (انني كنت في وقت جولته المباركه ،فقد فقدمها أيده الله من جهه الشمال بالسيارات بعد ان قفل من تبوك و في ساعة قدومه وفقه الله اخذ يتجول في البلاد وكانت بلدة تيماء قريه صغيره بعد ان هدم اكثرها عبد الكريم ابن رمان بحروبه ، وفتنه ، وكانت كلها بساتين واهلها كلهم من الفلاليح .
وتسقى البلاد كلها من بئر واحده وهي البئر العظيمه التي تسمى بئر هداج وكانوا يسنون الابل على هذا البئر من جميع جوانبه الاربع بحيث تعمل عليه 80 بعيرا تسحب المياه فكان بصوره عجيبة غريبة
في كيفيته وعظمته وغزاره مائه وسعته واستعماله ، فلما وقف عليه الملك سعود ونظر الى أحوال الناس عليه وهم في فقر مدقع ، وكلفة ومشقة في أعمالهم ، الى اقصى الحدود عطف عليهم ، وبعد ان انصرف من الاشراف على هذه الاوضاع ، وقد هيئت له القهوه المعتادة ، فجاء الى بيتي ومعه رجاله ومستشاروه تلبيه لطلبي .
فما إن جلس ، حتى قال لي انني قد عزمت على ان اعوض اهل هذه البئر عن جميع استحقاقاتهم بها ، كل حق بثمنه لأجلها ( وقفاً ) على اهالي تيماء ، واضع لهم عليها مكائن لتسقي لهم بلا اي مقابل رحمة لهم ، ولنا الثواب عند الله تعالى ، وسنضع لها ما يؤمنها من العقارات ونحوها للمستقبل وأمرني مع امير تيماء بان نتفاوض مع اهالي تيماء حول تسليمهم مايطلبون من التعويض عن حقوقهم وهي وقفٌ عليهم ، ويتعهد بتأمين جميع بساتينهم واراضيهم بالمياه بدون اي مقابل ولا كلفه ، وحيث انني اعلم بضعف التفكير من اهالي تيماء بحيث لا تتحمل قواهم العقليه هذا العطف الباهر ، وانهم لن يتقبلوه كعطف أبوي رحيم ، اجبته بحقيقته فهم المجتمع ، وما اتفرسه من نتائج أفكارهم وانهم لن يتحملوا هذا العطف ولن يقابلوه بالشكر ، لأن احاسيسهم لا تتحمل هذا العطف الباهر ثم قلت للملك سعود انني ارى ان تتفضلوا باربع مكائن تكفي لسقيا بساتينهم ، ويضعون بها عن أكتافهم مشقة استعمال الابل ، وان يلغي طلب التعويض .
وعندما سمع المستشارون والمرافقون ماقلته للملك استصوبوا هذه الفكره ، ولكن الملك بمايضمره من العطف والرحمه اصر على انه لا بد من مفاوضتهم بذلك ، وفعلا فقد رتبنا الإجتماع بالمجموع من رجالات اهالي تيماء ، وكان ذلك بعد صلاه الجمعة وما أن شرحنا لهم الفكرة الكريمة إلا وتنافروا عن الإجابة بالقبول ، ثم أبلغنا الملك بالنتيجة فأمر لهم باربع مكائن ضخمة على حسابه الخاص للمجموع ، وفعلاً بأسرع وقت جاءت المضخة الضخمة ، وركبت على البئر المذكورة ، وجميع تكاليفها على حسابه الخاص ، وسلمت لأهالي تيماء كاملة تروي جميع أملاك المشتركين في هذه البئر الضخمة .