لا أعلم حقا ما السبب ؟
لقد مرت سنوات طويلة ونحن نسير مع بعض وتربطنا علاقة قوية جدا ولكن لا أعلم حقا ما السبب ، الذي جعله يترك يدي ، ويذهب بعيدا ، ما ترددت قط أن أمد يدي له و أن أتوقف من أجله ، لأني تعلمت أن الوقوف لأجل عمل نبيل لا يعتبر وقوف بحد ذاته بل هو اندفاع وسباق ، ثم هو رفيق دربي ،و إن الوصول للطريق وأنت وحيدا دون رفيق الدرب يفقدك لذة الوصول ، فقررت التوقف وتبعته وسألته بلهفة عما أصابه ولا تعلموا أنه عندما ترك يدي وذهب بعيدا ، أنه توجه إلى طريق النقطة التي بدأنا منها ، أعني قبل سنوات طويلة ، ثم أخذت بيده حتى يطمئن وأخذت أتحدث معه وأنا أنظر إلى عينيه لعلي ألمح نظرات أعرف من خلالها ما أصابه ، وبينما وأنا أسير معه بالاتجاه المعاكس إلى نقطة الصفر وأنا أنظر إلى عينيه ، تغافلت عن كل تلك المسافة التي قطعتها والتي أخذت من عمري الكثير وكما أنني قد أوشكت على الاقتراب من الهدف ، وتغافلت عن رؤية ما حولي وأنا أديم النظر إلى عينيه ، وبينما نحن نسير وأنا كلي لهفة لفعل ما يفرحه ويخفف عنه ، وبعد مرور وقت طويل للعودة إلى نقطة الصفر وقد ظهرت علي ملامح المرض وأصبح جسدي متعبا ولا يستطيع الاستمرار ، فقد ذهب مني كل شيء لأجله ، لكني لم أنتبه لهذا الأمر فقد أصبحت مشغولا به ، حتى إذا وصلت إلى نقطة الصفر ، تفاجأت أنه ترك يدي وذهب بعيدا ، ولكن هذه المرة لم أستطع اللحاق به فقد ذهبت قوتي ومرحي وفرحي كلها أثناء الطريق ، لم أشعر بأي شيء سوى صفعة قوية جاءت نحو وجهي حتى استيقظت على واقع مؤلم ، لم أستطع حتى اللحاق به لأسأله عن السبب لفعله هذا ؟! ، لا أعلم حقا ما السبب ...
هذه هي الحقيقة التي يعيشها الكثير ، وربما نحن سوف نعيشها إذا لم نتعلم ، أن هناك الكثير من البشر من يتركونك في نصف الطريق ويكونوا سببا لإراجعك إلى الوراء دون حتى أن يعلموا بك ودون أن تعلم أنت أيضا ، وكل هذا بحجة الاهتمام والتقدير ولكن لا يكون الأمر هكذا ، لم يكن ما قمت به سيئا وأنت تسعى خلف شخص تظن انه متعب ويحتاج للمساعدة ولكن اخطأت بحق نفسك عندما لم تخبرها أنه لا يوجد رفيق يحب أن يتوقف رفيقه لأجله بل يحب أن يراه متقدما فضلا أن يرجعه إلى الوراء وأيضا من يعود إلى الخلف إنما يريد الهروب منك ، لا يكون الهروب إلا من الخلف وأما الأمام فهو مضمار المتنافسين ، لم تحسم الأمر معه وتسأله عن سبب تركه يدك ورجوعه إلى الخلف ، وصدمة ساعة والتألم من الحقيقة خير من أن تنصدم متأخرا ؛ هانت عليك نفسك ، فلن يحزن عليها سواك ، إن استمرارك في الطريق وحيدا نحو الهدف لن يفقدك لذة الوصول كما قلت في البداية ، لأن عند نقطة الوصول يوجد من ينتظرك وأنت لا تعلم ، إنه تعويض الله لك عما فات، ليست الحياة مربوطة بأشخاص بل هي مربوطة بك ، هي حياتك وهي قصتك !
محمد النجاري الحضرمي