Image title

د. علي بانافع

   في بداية هذا الأسبوع تقدمت وحدة الأزمة الإيطالية بمقترح إجرامي عجيب لمواجهة كورونا يقضي بـ"إيقاف العلاج عن كبار السن"، وما أكثرهم بالقارة العجوز، حيث يشكل من هم فوق سن الـ80 واحدا من كل 20 شخصا بحسب احصاءات 2015، نسبتهم الأعلى أوروبيا في إيطاليا التي قدمت المقترح، اذ يشكل كبار السن فوق الثمانين -فيها- ما نسبته 6,5 % من عدد السكان، فما بالك بمن هم دون الثمانين ممن تتراوح أعمارهم بين 65 - 79 عاما؟!

    اليوم تواترت أنباء مثيرة للقلق والريبة من فرنسا، عن تسرب الفيروس لعدد من دور المسنين ووفاة ٧٠ منهم اليوم فقط، فهل  البشرية اليوم تشهد نهاية الرأسمالية، أم أن الرأسمالية المتوحشة تستغل الفيروس لتجديد شباب القارة العجوز، والتخلص من كبار السن الذين لا يدفعون ضرائب ويتمتعون بنظام تقاعد سخي، تحدثني عن إيطاليا وفرنسا وليس دولة من دول العالم الثالث لتهمل حماية دور المسنين باجراءات حمائية خاصة، وصدق من قال: "كاد المريب أن يقول خذوني!!"

   هنا لا تملك الا ان تدرك جليا بأن ملف حقوق الإنسان ورعاية الحيوان في أوروبا الذي صدعوا رؤوسنا به مجرد حبر على ورق!! وليعلم الجميع بأن تطبيق هذا المقترح في أوروبا والأمريكيتين حاليا لمواجهة كورونا الجديد من شأنه أن يستمر مستقبلا، ليصبح عرفا سائدا عندهم تؤمن به كل شرائح المجتمع بمن فيهم المسنون أنفسهم ولعقود مقبلة، وقد يُدرج ضمن المناهج الدراسية ولجميع المراحل بما فيها كليات الطب، كذلك ولا استبعد البتة من ظهور ألعاب الكترونية تشجع على قتل كبار السن لتأمين العلاج وضمان الحياة للشباب، بل ولا استبعد من تساهل القانون الأوروبي والأمريكي مستقبلا مع كل من يقتل عجوزا طمعا بماله وثروته لأنه أحق بالحياة والانتاج منه بحسب العرف الشيطاني الوضعي المقبل!!

   علما ان "ملف حقوق الإنسان الأوروبي" هذا لا يُخدع به ولا ينطلي الا على من عاش هناك بينهم، أما من عاش في بلاد أخرى استعمرتها أوروبا وما زالت يدرك مليا انه ملف كاذب ومزيف ومخادع إلى أبعد الحدود، اذ لا توجد شعوب على سطح الكرة الأرضية انتهكت حقوق الإنسان كالأوروبيين ومن نسلهم الأمريكان عبر التاريخ، اقرأ التأريخ كله جيدا لهذا الغرض وتمعن كيف صنعوا بهذا الشأن، لقد اهلكوا الحرث والنسل وأبادوا الشجر والحجر في كل بقعة مروا بها، واقتادوا الأقوياء فقط من الأفارقة بعد ان ارتكبوا بحقهم المجازر تلو الأخرى وحملوهم -على ظهر سفنهم- ليعملوا عبيدا في بلدانهم، كذلك فعلوا بالهنود الحمر وبالجنس الأصفر وبالعرب في الأندلس، عن محاكم التفتيش ضحاياها 12 مليون، عن الحروب الصليبية ضحاياها بالملايين، عن الحربين العالميتين مجموع ضحاياها 110 مليون إنسان، فإذا علمت أن سكان العالم حتى انتهاء الحرب العالمية الثانية لم يتجاوز لـ 2 مليار نسمة، أى أن الخسائر البشرية وقتها كانت تمثل تقريبا 6 % من سكان العالم، تخيل نفس النسبة الآن بالنسبة لـ 7 مليار نسمة!!

   لن اتحدث عن سياسة التمييز ونظام الفصل العنصري "الأبارتايد"، علما ان أخس طغاة الأرض أوربيون: "نابليون، هتلر، موسوليني، ستالين، هونيكر، تيتو، تشاوشيسكو، بوش، وغيرهم"، كورونا الجديد يُعيد ترتيب التاريخ حاليا ويعيد قراءته من جديد!!