عاث بعض الساسة فسادا في بلاد الرافدين ؛ و لم تسلم مؤسسة من هذا الفساد قط بما فيها البرلمان ؛ فقد أضحى وكرا لبعض الفاسدين والمخربين والعملاء المنكوسين ؛ ومكانا امنا للمرتبطين بالاجندات الخارجية والدوائر الدولية والاقليمية المعادية , لذا كان جل اهتمام البعض داخل قبة البرلمان ؛ تشريع القوانين التي تصب في صالح النواب والوزراء واصحاب الدرجات الخاصة وتمرير الاتفاقيات السياسية المنكوسة ؛ واهمال مصالح الشعب والوطن والمكون ؛ وبسبب هذه الامتيازات والاهمال المتعمد لمطالب الجماهير وهموم الشعب ؛ ثارت الجماهير ولاكثر من مرة ضد البرلمان والنواب , بل وطالبوا بإلغاءه او تقليل رواتب وامتيازات النواب وقطع التقاعد عنهم ... الخ ؛ وفي احدى التظاهرات الشعبية دخلت الجماهير الى قاعة البرلمان وقاموا بضرب بعض النواب .
وقد جاء في الدستور العراقي / المادة (49) : أولاً:- يتكون مجلس النواب من عدد من الأعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مائة ألف نسمة من نفوس العراق يمثلون الشعب العراقي بأكمله، يتم انتخابهم بطريق الاقتراع العام السري المباشر، ويراعى تمثيل سائر مكونات الشعب فيه ... الخ ؛ وقد أثارت نتائج التعداد السكاني في العراق، العديد من التساؤلات عن كيفية تأثيرها على المشهد السياسي في البلد، الذي من المقرر أن يشهد انتخابات برلمانية في عام 2025، ومن ثم ضرورة إجراء تعديلات على القانون الانتخابي حتى يتناسب مع الواقع الجديد... ؛ اذ أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني : أن عدد سكان البلاد بلغ 45.4 مليون نسمة ؛ بما فيهم الاجانب واللاجئين في العراق , ولا أدري هل التعداد يخص أهل البلد فحسب اما انه يشمل الاجانب والغرباء والدخلاء والعمالة الاجنبية واللاجئين ؟!
وبما ان الدستور العراقي يشترط وجود نائب لكل مئة الف مواطن كي يمثلهم داخل قبة البرلمان ؛ بمعنى أن عدد النواب سيرتفع من 329 نائبا إلى 454، وذلك وفقا للزيادة الحاصلة للنسبة السكانية ... ؛ والنائب الواحد وبمعية حماياته الشخصية وامتيازاته يكفل الدولة العراقية مبالغ طائلة , اذ قال القاضي وائل عبد اللطيف : (( ان النائب وحمايته يتقاضى راتبا مقدراه 30 مليون شهريا )) والعجيب ان الاجانب واللاجئين تم احتسابهم في التعداد الاخير , ولنفرض انهم 3 مليون ؛ يعني اضافة 30 نائب , وهذا لعمري من العجائب , اذ المفروض ان النائب يمثل المواطن العراقي لا غير , ولا ادري لماذا تم احتساب هؤلاء , هل من اجل تجنسيهم فيما بعد وتوطينهم في العراق ام لغاية منكوسة اخرى ؛ في الوقت الذي تتشدد الدول والانظمة في اجراءات الاقامة فضلا عن التوطين والتجنيس بل ان بعض الانظمة العربية كالكويت والاوربية سحبت الجنسية من الكثير ؛ تعمل الحكومة على تسهيل دخول الاجانب والاستفادة من خيرات البلد , بل وتقديم كافة التسهيلات ؛ مما انعكس وسينعكس سلبا على سلامة النسيج الاجتماعي والثقافة الوطنية والاوضاع الاقتصادية العامة ؟!
وبما ان اعداد العراقيين تزداد سنة بعد اخرى , و امتيازات ورواتب النواب تثقل كاهل الميزانية العامة وكذلك تقاعدهم , ستكون النتيجة الحتمية لهذا التمدد البرلماني والتغول المالي , الانهيار الاقتصادي والعجز المالي ؛ فلو فرضنا ان النائب يتقاضى في كل دورة برلمانية اكثر من مليون دولار , ولو ضربنا العدد بعدد النواب , لصار الناتج يساوي بحدود نصف مليار دولار ؛ ناهيك عن تقاعدهم , ففي كل دورة يضاف اكثر من 500 شخص الى التقاعد فضلا ان تقاعده اعلى من موظف خدم الدولة لمدة 40 عام ؛ والطامة الكبرى ان هذه الاعداد الكبيرة حتى قاعة البرلمان الحالية لا تستوعبهم جميعا , وان كنت اعلم ان اغلب النواب لا يحضرون جلسات البرلمان , اذ ان وجود البعض وجود تشريفي شكلي وليس حقيقيا فاعلا .
واعتبر البعض : ان التعداد السكاني "لا يمكن اعتماد العدد المعلن فيه و البالغ 45 مليون نسمة في تعداد 2024 لتغيير عدد أعضاء مجلس النواب من 329 إلى 453 نائباً، لأن ما جرى هو تعداد سكاني وليس إحصاء شاملا، كما ينص الدستور"... الخ ؛ كما أن المادة 49 من الدستور تعد من المواد القابلة للتعديل، وأن تغيير عدد المقاعد البرلمانية وفقاً للنسبة المعلنة سيكلف الدولة ميزانيات ضخمة، وأن العديد من الدول المستقرة دستورياً أبقت على عدد مقاعد مجلس النواب ثابتاً بغض النظر عن الزيادة السكانية"... ؛ فما الضير لو ان كل 250 الف نسمة يمثلهم نائب واحد ؟
من جهته، بيَّن عضو البرلمان العراقي عبد كريم عبطان، في تصريح صحافي، أن "نتائج التعداد السكاني في العراق لن تؤثر على زيادة مقاعد مجلس النواب الانتخابات المقبلة لسببين، الأول يتعلق بوجوب تعديل المادة الدستورية من خلال زيادة عدد السكان الممثلين بمقعد نيابي، والسبب الثاني يكمن في أن زيادة المقاعد سيكلف خزينة الدولة مبالغ مالية كبيرة" ... ؛ و قانونياً، قال الخبير القانوني علي التميمي : إن "تفسير المادة 49 سيُحدد آلية العمل في المستقبل، ما إذا ستتم زيادة عدد المقاعد البرلمانية ؛ وبكل الأحوال فإن انعكاس نتائج التعداد السكاني في العراق وزيارة عدد النواب إلى 450، هو عدد كبير، بالتالي لا بد من تدخل المحكمة الاتحادية وحل هذا الإشكال".