المتابع لكل هذا الزخم الإعلامى ،والهلع العالمى ،والجدل العلمى حول فيروس كورونا، والذى امتدت آثاره _هذا الجدل _ إلى وسائل التواصل الاجتماعى، التى تعد متنفس الناس تعبيرا عن آرائهم مدحا وقدحا، وفكرهم خوفا وطمأنينة ،بل وتعدى ذلك الجدل أوساط النخبة ليجد له بيئة خصبة فى أعماق الجماهير غير الواعية، التى تسخر من كل شئ، وأى شئ لا لشئ إلا لجهلهم به والناس _ كما قيل قديما _أعداء ما يجهلون .
المتابع لتلك الحالة غير الطبيعية التى اجتاحت الجميع، لا يسعه إلا العجب مما يقرأ، والحزن لما يسمع والخوف لما يرى؛ ذلك أن كل دول العالم بلا استثناء اتخذت الاجراءات الاحترازية، والحكومات فرضت الطوارئ وساعدتها شعوبها على ذلك إلا فى مصر !!.
الناس فى مصر _إلا من رحم ربى_ يعيشون حياتهم بشكل طبيعى تماما، وهم فى ذلك يطبقون_ دون أن يعلموا _نظرية يحدث للآخرين فقط .
هذه النظرية المرضية هى نتاج موروث فكرى قديم، وعميق متجذر له أبعاد كبيرة جدا، أضخم من أن تحتوى فى مقال واحد ولا حتى عشرة مقالات، هل يعتقد المصرى حقا أن كل شئ وأى شئ يحدث للآخرين فقط؟
الإجابة تأتيك حاملة كل المرارة: نعم للأسف، الناس يتجمعون فى المقاهى، يتبادلون الزيارات يحتفلون بالأفراح الشعبية ،والمناسبات دونما وعى بأبعاد الكارثة، وعندما تتحدث معهم يرددون مقولة واحدة إن مصر محروسة بإذن الله !! نعم مصر محروسة بفضل الله وهى كذلك محروسة بأهلها ،وحفاظهم عليها ،وحفظهم لأمنها واقتصادها ،وحفاظهم على صحتهم ووعيهم بأخطار الأمراض المتفشية فى العالم كله ومصر ليست استثناءً من القاعدة لو يعلمون.
وبعدما تنتهى من حالة تقصى المشكلة ومعرفة أبعادها
وصولا لمرحلة إيجاد الحلول، ترى أنك فى الأساس أمام معركة وعى بكل المقاييس ،كيف تقنع الناس بالبقاء فى منازلهم ؟ كيف تقنعهم بخطر مايحيط بهم وما ينتظرهم لو أصروا على ما هم عليه لاقدر الله من تفشٍ للوباء وخروجه عن السيطرة ؟ كيف تقنع من يستغل الظروف ليغلى ثمن بضاعته بجرم ما يفعل وإثم مايقترف وفداحة ما يصنع ؟ أم كيف تحاور من يرى أن كورونا مجرد شائعة وكذبة عالمية مصنوعة لأهداف مبهمة ؟!!
كما قلت فالمعركة _ فى الأصل _معركة وعى وما أصعب تغيير الفكر إن كان نابعا من وعى معلب !!