في الندوة الصحفية مع الصحافة الوطنية التي دأب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون على تنظيمها، التي عقدت يوم السبت 05 أكتوبر 2024، وفي رده عن سؤال هل انت ذاهب الى فرنسا فرد الرئيس بالفرنسية: "لن أذهب الى كانوسا" فما معنى هذه العبارة؟ وما دلالتها؟

قال الرئيس تلك العبارة ردا على سؤال يتعلق بزيارته إلى فرنسا، والتي كانت مقررة في أكتوبر 2024. وقد لفت هذا الجواب على الفور انتباه وسائل الإعلام الفرنسية مثل TF1 ولوفيجارو، عبارة تستمد جذورها من حدث تاريخي له أهمية رمزية كبيرة.

"لن أذهب إلى كانوسا": القصة وراء كلمات الرئيس

لفهم أصل ومعنى العبارة الغامضة "لن أذهب إلى كانوسا"، يجب أن نعود إلى عام 1077، ونتعمق في فترة العصور الوسطى، حيث حدث أحد أكبر صراعات السلطة بين الكنيسة والإمبراطورية، وكان في ذلك الوقت البابا غريغوريوس السابع والإمبراطور الروماني المقدس هنري الرابع. يتنافسان من أجل الاستيلاء على مقاليد السلطة في أوروبا.

من جهته أراد البابا إشراك الأساقفة في شجار التنصيب لتعزيز القوة الروحية للكنيسة، وهنري السادس من جهته، كان يهدف إلى تعزيز القوة الإمبراطورية ومد نفوذها في جميع أنحاء أوروبا.

وصل الصراع إلى ذروته عندما حرم البابا غريغوري السابع الإمبراطور هنري الرابع كنسياً. وهكذا حرمه من دعم الكنيسة ودعم النبلاء، وتعريض موقعه على العرش للخطر.

شعر هنري السادس بأن حكمه يتأرجح، ولم يجد حلاً آخر سوى الاعتذار للبابا، وكان عليه لفعل ذلك أن يرتدي ملابس التائب، ويسير حافي القدمين، ويذهب إلى كانوسا، وكانوسا هذه هي قلعة صغيرة في إيطاليا حيث كان البابا مقيم فيها، وكان الشتاء قاسياً، والثلوج تتساقط، وانتظر هنري السادس ثلاثة أيام أمام الكنيسة، متوسلاً رفع حرمانه الكنسي.

انتهى غريغوريوس السابع بمنحه العفو. لكن مشهد ركوع الإمبراطور أمام البابا ترك انطباعا، ليصبح "الذهاب إلى كانوسا" منذ ذلك الحين، رمزًا للخضوع والإذلال، واعترافًا بالضعف.


ومع ذلك، مع مرور الوقت، اتخذ التعبير أيضًا دلالة التحدي مع النفي، لقد أصبحت عبارة "لن أذهب إلى كانوسا" مرادفة لرفض الانحناء أو الانصياع لأي سلطة.

وعلى الرغم من أن هذا التعبير له أصوله في العصور الوسطى، إلا أنه لا يزال يعيش في الخطاب السياسي الحالي. ولذلك فإن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، باختياره هذه الصيغة، يرفض فكرة الاستسلام أو التسوية القسرية. وبالتالي فهو يبعث برسالة واضحة: رفض الاستسلام للضغوط أو أي شكل آخر من أشكال الخضوع على المستوى الدبلوماسي.