بعض القادة قد يلجأون في سبيل تحقيق أهداف منظماتهم إلى بعض المناورات الجريئة عند مواجهتهم لمواقف تتطلب تحركات سريعة أو عند تعاملهم مع نظام بيروقراطي قد يعيق تنفيذ ابتكاراتهم لعدم قدرته  على استيعابها في وقتها.  وحجتهم في ذلك أنهم في تمردهم على النظام يعملون ضمن روح النظام لخدمة النظام وأن الاعتذار أفضل من الاستئذان أحياناً.  

وهم في مناوراتهم التي تعد خارج النظام قد يحققون مكاسب متميزة لمنظماتهم وينقلونها إلى آفاق أوسع تتجاوز أوضاعها الرتيبة وفي غالب الأحيان يشكرهم رؤسائهم على ماحققوه من منجزات تجعل رؤساءهم يبدون أكثر حكمة وبصيرة. وقد يرافق ذلك الشكر كلمة عتاب بسيطة على مشاغبتهم فيجيبون عليها بجملة اعتذارية دافئة تطيب خواطر رؤسائهم وتختم المغامرة بنهاية سعيدة لهم ولمنظماتهم. ثم تغدو تلك التجارب قصصًا بطولية ملهمة يزهو بها القائد أمام أتباعه .

المثير للدهشة  أن نفس القادة المتمردون إن صح التعبير قد يكون لديهم أيضًا أتباع متمردون يمارسون معهم نفس الحيل ولنفس الأسباب، فتجدهم يتوترون من اجتهاداتهم  البريئة ويلومونهم عليها ومن ثم يحاولون التحكم في مساحة حريتهم بفرض مزيد من القيود خوفًا من انتقال العدوى وشيوع الفوضى وتقويض النظام أحيانًا أو لمجرد التأكد من جودة القرارات أحيانًا أخرى. ويغفلون النظر عن أن مرؤسيهم قد بادروا في مجالات ريادية خارج السياق العام أو حققوا نجاحات لم تخطر على بال وإن أخفقوا فسيتحملون نتيجة أخطائهم ويتعلمون منها دروسًا مهمة.

ردود الأفعال المتشنجة والملامة المتكررة تخنق الابتكار وتضعف القيادات الصاعدة فينشأ منهم جيل خائف متردد لايجرؤ على المبادرة أو التغريد خارج السرب بل وحتى قد يحجم عن طرح الأفكار الجديدة مهما طُلب منه ذلك ليبقى صوت القائد هو السائد. فكيف ينسى هؤلاء القادة أن رؤساءهم قد منحوهم الحرية وتسامحوا معهم وغضوا الطرف عن بعض مغامراتهم الجريئة التي تعلموا منها دروسًا عظيمة ساعدتهم في الوصول لما هم عليه من خبرة ومكانة.. ألم يأن لهم أن يحذو حذو سابقيهم لتبقى منظماتهم شجاعة متجددة ..أم أن الجرئ لا يقبل الجرأة؟