مثّل الحشيش في الأدب رمزاً لهروب المجتمع من الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الأليم أو هروبا من عاهة جسدية ومشاكل نفسية. وتعرض الأدب لموضوع شرب الحشيش والمتاجرة به ومشكلاته وعواقبه، وتفاوتت هذه المعالجات الفنية ما بين المرور السريع والسطحية والجدّية الوعظية، فسرعان ما أخذ يظهر على الشاشة الكبيرة متعاطي الحشيش "الجدع" وسط حالة من الأنس والسعادة والضحك الصاخب، بخلاف متعاطي المخدرات التقليدية الذي أظهرته السينما في صورة الإنسان المدمّر، الذي يفضي به الإدمان إلى الموت أو التيه والانهيار. ومن هذه الأعمال السينمائية فيلم "الشيخ حسن" لحسين صدقي: الواعظ الأخلاقي وخطيب السينما المصرية، فيلم "رصيف نمرة خمسة"، فيلم "ابن حميدو" (1957)، فيلم "ثرثرة فوق النيل" (1971) المأخوذ عن رواية الأديب العالمي، نجيب محفوظ، فيلم "الكيت كات" للمخرج داوود عبد السيد (1991)، "الكيف" الذي ظهر العام 1985، فيلم "العار" 1982.
مع دخول عقد التسعينيات أخذت السينما المصرية تبتعد عن جدية التعامل مع هذه الظاهرة المستشرية إلا من بعض الاستثناءات، كما في المساطيل (1991) وويجا (2005) وكباريه (2008) والفرح (2009)، فتدريجياً أصبحت المعالجة تأخذ منحى أقرب ما يكون إلى "الترويج" لتعاطي الحشيش بحجة الكوميديا والإضحاك، حتى أنّه لا يكاد يخلو أي فيلم لـ "المضحكين الجدد" من مجموعة من جلسات التحشيش المليئة بـ "الأفّهات" التي تستبطن صورة "بريئة" حول التعاطي باعتباره مزيلاً للهموم وهروباً غير مؤذِ من الواقع. مدمن الحشيش مع الكوميديا الجديدة شخصية ظريفة غير مؤذية لا تكف عن إلقاء النكات وإضحاك الناس.
فن المنولوج
غنى الفنان حسن فايق، الممثل والمونولوجست 1998-1980، من ألحان يوسف وهبي، عن الكوكايين وفي مطلعه “شم الكوكايين خلاني مسكين.. مناخيري بتوِّن وقلبي حزين.. وعينيا في رأسي رايحين جايين
هل من الممكن أن نطلق على تأثير الكوكايين “سُطَل“؟
وفقًا لفرويد، لا يشعر متعاطي الكوكايين أن مناخيره طولت شوية “تشعر معه بالسيطرة على النفس، ويمنحك حيوية وقدرة على العمل، ويجعل الشخص الخجول أكثر جرأة، وينمي مهارات الجدل، ويجعل من الشخص الضعيف قويًّا“.. وهو ما يختلف تمامًا عن السُطَل الذي من بين عوارضه فقدان الانتباه والتراخي… وقد كان للسُطل نصيب في أغنية أخرى لسيد درويش؛ وهي أغنية الحشاشين “ياما شاء الله ع التحفجية، أهل اللطافة والمفهومية.. اجعلها ليلة مملكة يا كريم.. دا الكيف مزاجه إذا تسلطن أخوك ساعتها يحن شو شو شوقا.. إلى حشيش بيتى نيتى نيشى.. اسأل مجرب زي حالاتي.. حشاش قرا قرارى يسفخ يوماتي خمسين جراية.. ستين.. سبعين“..
تعاطى الشعراء في العصر المملوكي الحشيش، وإن لم يتفقوا فيما بينهم حول أهمية الحشيش وقيمته، فمنهم من فضله على الخمر وأظهر مزاياه، ومنهم من ذمه، ومنهم من ساوى بينهما، ثم عاد وفضل الخمر عليه، وليس هناك مقياس إلا المزاج، حسبما جاء في كتاب ياسين الأيوبي " آفاق الشعر العربي في العصر المملوكي".
الحسن بن الصباح
ولد الحسن بن الصباح، فى عام 430هـ وقد نشأ متبعا المذهب الشيعى واتخذ الطريقة الإسماعيلية الفاطمية وعمره 17 سنة. وكانت لـ الحسن الصباح طريقة غريبة فى تجنيد أتباعه إذ كان يأخذ الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين الثانية عشرة والعشرين لينشئهم تنشئة عجيبة تعتمد على تخديرهم بمخدر خاص يقال إنه الحشيش، وبعد ذلك يعمد إلى إدخالهم بعد أن تأخذهم السكرة إلى حدائق خاصة أنشأها لهذا الغرض تحتوى على ما لذ وطاب من المأكولات والجوار الحسان، ويخلى بينهم وبينها للاستمتاع فيها، ثم بعد ذلك يعمد إلى إيفاقهم من سكرتهم وإعادتهم إلى حضرته ليطلب منهم بعد ذلك إن أرادوا خلوداً فى الجنة التى أذاقهم جزءاً من نعيمها أن ينفذوا ما يطلبه منهم شيخ الجبل، وهذا هو لقبه الخاص دون استفسار أو تردد، ومن أبرز تلك الأعمال الاغتيالات المنظمة للشخصيات التى كان يحددها لهم سلفاً والتضحية بالنفس فى سبيل ذلك أو فى سبيل ألا يفشى سراً من أى نوع كان، ومن ثم فهم ينشأون على تنفيذ أوامره وأوامر القيادات الأخرى فوراً بدون إدراك أو تساؤل عن عواقبها باعتبارها واجباً جهادياً لا يعذر الفرد منهم بالتساؤل عن جدواه فضلاً عن وجوب تنفيذه.
ووصف العديد من الشعراء والأدباء «الحشيش» في شعرهم، فقد وصفه الأديب محمد بن على الأعمى الدمشقي في أبيات منها: " دع الخمر واشرب من مدامة حيدر.. معنبرة خضراء مثل الزبرجد.. يرنحها أدنى نسيم تنسمت.. فتهفو إلى بر النسيم المردد".
أما القسطلاني فقد نظم أبياته لمكافحة الحشيش: «لا تصغين لمادح شرب الحشيش.. فإنه في القول غير مسدد"، وقال في أبيات أخرى: «قل ضل من أفتى بحل شرابها.. فيما عُزا للشافعى وأحمد".
وقال الأديب الفاضل شرف الدين أحمد بن يوسف في الحشيشة، موضحًا أنها طعام وشراب: "جمعت محاسن ما اجتمعن لغيرها.. من كل شىء كان في المعمور.. منها الطعام والشراب كلاهما.. وبالبقل والريحان وقت الحضور".
وتحدّث أديب نوبل، نجيب محفوظ، في كتاب رجاء النقاش، "في حُب نجيب محفوظ"، الصادر عن دار "الشروق"، بطبعته الأولى، سنة 1995، عن مُخدر "الحشيش"، وقال إن الصوفيين هم أول من اكتشفوا "الحشيش" واستخدموه، بعد أن وجدوا أنه يعطيهم شعورًا بالانبساط، مما يساعدهم ويسعفهم في تجربة التجلي والوصول. وفي بدايات هذا القرن، كان "الحشيش" من المواد المحتقرة في مصر، ولا يستخدمه سوى أراذل الناس، ولا تقربه الفئات المحترمة، وكانت كلمة"حشّاش" تعني أن صاحبها أقرب إلى فئات الحرامية والنشالين، ثم انقلب الوضع، فعندما قامت الحرب العالمية الأولى اختفت الخمور الجيدة من السوق، ولم يكن أمام الفئات العليا من المجتمع إلا استخدام الحشيش، وأصبح في بيوت كثيرة «غرزة» صغيرة للحشيش بدلًا من البار، وساعد على انتشار الحشيش أنه لم يكن ممنوعًا بحكم القانون، بل كان الناس يدخنونه في المقاهي، وأكثر عقوبة لحشاش هي الغرامة وكانت قروشًا معدودة.
حرب الأفيون والإمبراطوريات
حرب الأفيون أو كما يطلق عليها آخرون اسم الحرب الأنجلو صينية الثانية، أو الأنجلو فرنسية على الصين، وهى حرب بين الإمبراطورية البريطانية والإمبراطورية الفرنسية ضد حكومة تشينج الصينية، فى الفترة من 1856 حتى 1860.
وبحسب كتاب "حرب الأفيون" الصادر عن سلسلة تاريخ الصين، عن دار الشعب الصينية، فإن حروب الأفيون، بدأت مع عام 1840، وكان السبب فى اندلاع الحرب، هو أحلام الرأسماليين الإنجليز، بفتح أسواق تجارية فى الصين، لكن دائمًا ما كانت تحقق تلك التجارة خسائر، خاصة فى المنتجات القطنية والمنسوجات، وهو ما أقلق رجال التجارة البريطانيين، واعتبروا ذلك نتيجة سياسة الباب المغلق التى تسلكها حكومة تشينج الصينية فى ذلك الوقت، فحاولوا إغراء الحكومة بأى وسيلة لفتح المؤانئ، لكن الصين رفضت.
ومع حلول النصف الثانى، من القرن الثامن عشر، وجد البريطانيون ضالتهم فى تجارة الأفيون، والتى كان لها رواج بين الطبقات الارستقراطية وملاك الأراضى، لوضع قدمهم داخل السوق الصينى، والتى جلبت لهم هناك أرباحًا هائلة، ونظرًا لاتساع حركة تلك التجارة، وزيادة عدد متناولى الأفيون، حاولت الحكومة منعه عدة مرات، لكنها فشلت، ولكن ذهب ممثل الإمبراطور إلى مركز تجارة الأفيون وأجبر التجار البريطانيين والأمريكيين على تسليم ما لديهم من الأفيون الذى بلغ ألف طن وقام بإحراقه فى احتفالية كبيرة
الوسوم:
فيلم "الشيخ حسن" لحسين صدقي: الواعظ الأخلاقي وخطيب السينما المصرية، فيلم "رصيف نمرة خمسة"، فيلم "ابن حميدو" (1957)، فيلم "ثرثرة فوق النيل" (1971) المأخوذ عن رواية الأديب العالمي، نجيب محفوظ، فيلم "الكيت كات" للمخرج داوود عبد السيد (1991)، "الكيف" الذي ظهر العام 1985، فيلم "العار" 1982.حرب الأفيون/نجيب محفوظ/ المساطيل (1991) وويجا (2005) وكباريه (2008) والفرح (2009)/ سيد درويش/حسن فايق.