إن كنت مغربيا ، فإنك بالضرورة من الكثيرين جدا الى حد "الكل" الذين لم يفهموا تلك الكلمة السحرية الوحيدة التي يخطها المعلم في كراساتنا و دفاترنا البئيسة دليلا على أنه مر من هنا! تلك الكلمة التي تعفيه من إعطاء النقطة التي ننتظرها بلهفة ، و تعفينا من غضبه لأنه عادة ما يخطها دون أن ينتبه لأخطائنا أو فضائحنا!
أكاد أجزم أن التلاميذ المغاربة حينها لم يكونوا يقرؤونها جيدا.. و أنا من هؤلاء الذين استمروا ردحا من الزمن وهم يتهجونها بفتح النون "نـَـــظِــرْ" .. دون ان يدركوا لها معنى أكثر من لونها الأحمر و رائحة عرق الاستاذ أو عطر الأستاذة واحدهما يقترب الى حد الحميمية من أجسادنا الصغيرة!
"نـَـــظِــرْ" هذه ، كانت مأساة حيث يمكن أن تكتب أكذوبة و تنسبها لشاعر متخيل ما عرفته أزمنة و عصور الشعر العربي قديمه أو حديثه ، ويخط الأستاذ المسكين (المستعجل مراقبة دفاتر العشرات المعشرة من التلاميذ) فعله ذاك الذي كان آخر فعل مبني للمجهول يدخل أبواب المعلوم عندنا...
عند بقال الحي أو عطاره ، وفيما بعد عند "مول الزريعة" ، حيث تنتهي دفاترنا و أوراقنا المدرسية ، يستحيل أن تجد ورقة فيها تقويم أو نقطة.. فنحن ، نقتلع كما الأضراس كل ما يمت بصلة لأسمائنا أو النقط التي حصلنا عليها تاركين الأكثرية من الاوراق التي تحمل الدليل على أن كل شيء "نُــظِـــر"!
الآن ، و نحن نتذكر حكاياتنا مع هذه الكلمة المحورية في تعليمنا ، و نبتسم او نقهقه حتى ، نعرف أنها من ظواهرنا التعليمية الخاصة..لنا فيها براءة اختراع .. ودليل على نظام تعليمي بدأ يتداعى لأن كل شيء فيه يمر بنفس العبارة ... "نُـــــظِـــــر"!
لهذا كله ، فقد اخترت أن أطل على بعض ظواهرنا المدرسية المغربية في هذه الزاوية و اسجل عليها بالخط نفسه الذي يسكنني منذ كتبها أستاذي الأول .. و بالعطر الذي يذكرني بمعلمتي الأولى ... بعد أن فهمت في النهاية أن كل ما روقب فقد "نــُـــظــِــــر"!!
غدا نلتقي..
محمد المراكشي