غَسَّان سَلَامِه الموفد يستقيل واِنْفِرَاج الْأَزْمَة اللِّيبِيَّة بِطَلَب إِعْفاءه
من المؤكد بأن طلب المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة من الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش كانت الحصيلة التي تحققت خلال السنيين الماضية التي مرت على ليبيا من أزمات متلاحقة بعد ثورة الشعب الليبي من عام 2011 ميلادي، ولم تكون من الأسباب الصحية التي ذكرها لنا الموفد إلى ليبيا حتى لو صح القول.
الأمر لا يتعلق بالصحة الذي يمر بها الموفد الخاص إلى ليبيا التي كانت هزلية جدا، وإنما يتعلق الأمر بالمبعوثين الذي جاءوا من قبله والذين سوف يأتون من بعده بنسبة الفقر والتخلف والبطالة المرتفعة جدا في اقتصاد ليبيا المنهار.
ليبيا تمر بأزمة سياسية واقتصادية واجتماعية ولم يكن لنا العقليات تتغير إلى الأحسن بعد مرور سنوات من غياب دولة المواطنة الدستورية فحدث ما حدث من حروب وصدمات أهلية في جميع بقاع ليبيا ولا حرج على من استمر في مواصلة الحرب الأهلية.
المنصب الأممي كمبعوث إلى ليبيا يعني استمرار المفاوضات المستمرة وليس فشل مبعوث واستبداله بمبعوث أخرى حتى يطيل الخيط ونفقد إبرة الحياكة ويطول الأمد في الأزمة الليبية، وهذا الفشل المتعدد الأوجه بين الساسة الليبية والأمم المتحدة التي لم تستطيع تنفذ القرارات.
فلا يمكننا أن نقول خروج غسان سلامة من المشهد السياسي لا يعمل على انفراج الأزمة الليبية، بل القول آن حان الوقت لساسة الليبية أن يستعيدوا رشدهم مثلا بأن هناك أسباب معنية في ما بينهم أدت إلى فشلنا في إخراج ليبيا إلى بر الأمان.
وان هناك سببا مختلفا عن كل تلك الأسباب في فشل الدولة الليبية الدستورية هو الذي أدى إلى فشلنا في استرجاع القانون والدستور الليبي إلى حيز التطبيق في محاولة ظاهرة الفوضى المسلحة وانتشار السلاح في كل مكان.
يحاول البعض أن يقول بان الثورة الليبية هي التي كانت وراء فشل الدولة الليبية واستعادة هبة الدولة من ألا دولة كما كانت عليها في عهد الجماهيرية الليبية التي تؤمن بالسلطة الشعبية ومؤتمراتها الأساسية.
واني من الذين يرون الأمور في ليبيا برجوع الدستورية الشرعية الغائبة عن الدولة الليبية في القضاء الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والى الاسترقاق لنفس الأسباب التي أحاطت بليبيا في الماضي التي أدت بها إلى الفشل في التعليم والصحة ومحاربة الفساد والفقر المنتشر في أنحاء الوطن.
وهناك طرح أخر يرى بالرجوع إلى الملكية الليبية الدستورية ليكون الحل الأمثل والرجوع بليبيا إلى الوراء مئات السنين حتى تستعين قواها الدولية بين أمم العالم، لكن هناك شريحة من شرائح المجتمع الليبي تنادي بعودة الجماهيرية الليبية.
تقضى كل المكونات والشرائح الليبية الأخرى من خيرات وحدة البلاد والوطن بجملة الأمور من الشرائح المذكرة وتعدد وجودها في داخل وخارج البلاد فلا تستطيع التحكم في كل شيء إلا بتقبل البعض والبعض الأخر.
وفي ختام مقالتي هذه هنالك غبن وهنالك تعدد الشرائح الاجتماعية لم نستطع التوصل إلى حل سلمي يعمل على تبني منهاج وطني جديد يعمل على استيعاب جميع الأطراف المعنية لتحقيق الدولة المنشودة.
ولقد آن الأوان لان يعمل النظام الدستوري الجديد والمجتمع الليبي بعملية التسامح المصالحة وان يجعلا ذلك الولية من الأولويات، ولكن ليس من الإنصاف ولا من العدل ولا من الحكمة أن نترك من افسد البلاد والعباد بدون محاكمة عادلة تحت القانون الليبي والتشريعات الليبية النافذة.
يعتبر غسان سلامة سادس مبعوث أممي خاص وثاني مبعوث لبناني يتولى رئاسة البعثة الأممية في ليبيا، لكن الفشل اليوم في ليبيا هو عدم القضاء على خلافاتنا في تشكيل الدولة الليبية الدستورية العصرية.
بقلم / رمزي حليم مفراكس