نعم للحرية قيمة أعلى من قيمة الخبز , الا ان الحرية بحد ذاتها و اذا اقترنت بانعدام الخبز وانتشار الفقر والعوز والمرض والجهل ؛ قد تنتج الفوضى وتفشي الجريمة ؛ وعليه لا قيمة فعلية وحقيقية لها في ظل تلك الظروف والملابسات ؛ وقد نسب الى رئيس وزراء بريطانيا السابق مع أول تفجيرات في بلده ؛ مقولة : حين يتعلق الأمر بالأمن القومي ، فلا تحدثوني عن حقوق الإنسان ... ؛ ونفت السفارة البريطانية في القاهرة صحة هذا التصريح ؛ وبغض النظر عن صحة الخبر او نفيه ؛ فأن القوم وان لم يصرحوا بذلك ؛ سلوكهم العملي واجراءاتهم الواقعية تؤكد ذلك النهج السياسي ؛ وقد رأينا الكثير من الدول الغربية وغيرها , قد قامت بحضر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الاعلامية , والغت الكثير من الاتفاقيات الاقتصادية والقرارات السياسية السابقة التي تتعلق بالحريات العامة وحقوق الانسان وغيرها ؛ فالأمن القومي والاستقرار السياسي في نظرهم أهم ألف مرة من تلك الحريات ؛ فما قيمة حرية وسائل الاعلام ان تم اختراقها من الاعداء او تسخيرها لصالح الاجندات الخارجية المشبوهة والتي تؤدي فيما بعد الى اسقاط التجربة الديمقراطية والعودة الى مربع الخوف والرعب والدكتاتورية ؟!
وعليه نرجو من الحكومة العراقية من حظر كافة المواقع والمنصات البعثية الاجرامية والطائفية والتكفيرية والارهابية , كما حضروا المواقع الاباحية , فها هي الحكومة و كعادتها تمنع القضايا الجنسية التي تتعلق بالفرد نفسه لا غير بينما تغض الطرف عن التهديدات التي تؤدي الى نسف العملية السياسية وجر المجتمع الى ويلات النزاعات الاهلية والصراعات الطائفية والقومية ...؟! ؛ ومتابعة الاعلاميين المشبوهين والمرتزقة المنكوسين وعملاء المدونين والذين يرتبطون بالدوائر المخابراتية المعادية ويعبثون بالأمن المجتمعي والسلم الاهلي , واقرار قوانين تنظم عمل الاعلام والاعلاميين وغيرهم بما ينسجم ورؤية الدولة الاستراتيجية ويتفق مع المبادئ والمصالح الوطنية العليا , وتنزل العقوبات المناسبة بالمرتزقة المجرمين والقتلة الارهابين والمحرضين الطائفيين والانفصاليين , وتقطع يد العناصر الاجنبية وتبطل سموم الاقلام المأجورة الغريبة التي تستهدف وحدة العراق وأمن الامة والاغلبية العراقية .
وفي ظل الظروف الامنية الحالية والتحديات السياسية والامنية والازمة السورية والتحركات الارهابية ؛ فضلا عن التهديدات الصهيونية والمؤامرات الامريكية والغربية ضد العراق والامة والاغلبية العراقية ؛ تمكنت الحركات الطائفية والخلايا النائمة والشخصيات المغتربة الهجينة وبعض المواقع والمنصات الاعلامية الحاقدة ؛ من اثارة النعرات القومية والمناطقية والعنصرية والطائفية من جديد ؛ والتحريض ضد الحكومة والاغلبية العراقية والدعوة الى اسقاط العملية السياسية والتجربة الديمقراطية , والتبشير بالعودة الى مربع الجور والطغيان والطائفية والدكتاتورية والقتل على الهوية ؛ بحجة محاربة الفساد والاحتلال وبذريعة الاصلاح والثورة والتغيير .
و تتعدد أشكال طائفية الإعلام العربي ما بين الانحياز للطائفة السنية الكريمة والتحريض ضد الطائفة الشيعية ، أو التحيز للأنظمة العربية والاقليمية كالأتراك بل وحتى الصهاينة والامريكان والحركات الارهابية والفصائل الطائفية والاحزاب والحركات السنية والقومية والبعثية ... الخ ، وتخوين كافة الدول والانظمة والمجتمعات والاحزاب والجماعات الشيعية ، ويمكن القول إن ظاهرة الإعلام المتحزب تعد من الظواهر العالمية ولا تقتصر على منطقة الشرق الاوسط فقط , الا انها في الشرق الاوسط مقترنة بالأحقاد الطائفية والقومية والعرقية والتاريخية والعقد الاجتماعية والامراض النفسية , ومحفوفة بالاحتقانات الدينية والسياسية ... ؛ ولعل تجربة العملية السياسية والتداول السلمي للسلطة في العراق بعد العام 2003 , من الشواهد الواضحة والتي كشفت تلك التوجهات الطائفية والعدائية الاعلامية وسلطت الاضواء عليها ؛ اذ كانت البرامج الدينية للطائفة السنية وحلقات الذكر والدروشة والتي تبث من وسائل الاعلام الحكومي وغيره وطوال 83 , مستساغة ومقبولة ولا ضير فيها ؛ وعلى الرغم من ان بعضها تحرض على الشيعة وتسفه عقائدهم وتتهم الطائفة بالخيانة والتبعية ... الخ ؛ وبمجرد ان تنفس ابناء الاغلبية العراقية والشيعة الصعداء , وظهروا في الاعلام , و تكلموا بعقائدهم كما تكلم رجال الدين والتكفيريين والوهابيين والارهابيين فيما يخص فتاواهم وعقائدهم من قبل ؛ قامت الدنيا ولم تقعد واتهموا بالطائفية والشعوبية والصفوية والخمينية والشرك ... الخ ؛ وهذه المعضلة ذكرتني بالمثل الشعبي العراقي : (( من صوبك غفور رحيم ومن صوبي شديد العقاب )) ...!!
وطوال 83 عام من الفشل السياسي والازمات والانقلابات والنكبات والحروب والمعارك والسجون والمعتقلات والاعدامات والدكتاتوريات ... الخ ؛ كان الاعلام الحكومي المدعوم من الاعلام العربي والعالمي , يظهر ساسة وقادة العراق بمظهر الوطنية والحنكة السياسية ويشهد الله على انهم من ألد العملاء الخصام ومن أغبى واتفه وافشل ساسة الارض , اذ كانت عمالتهم وخيانتهم تترجم الى وطنية وقومية , وفسادهم وتحكمهم بالبلاد والعباد الى نزاهة وعدالة , وخسائرهم وهزائمهم الى انتصارات , وفشلهم وتخبطهم الى نجاح وانجازات , واتباعهم الذليل للآخرين بحجة العروبة وغيرها الى استقلال وسيادة وقوة ... الخ ؛ الا ان الطاولة قلبت وتغيرت سياسة الاعلام وبقدرة قادر , اذ صار الاعلام الطائفي ومن وراءه الاعلام العربي والعالمي يهاجم الحكومات العراقية المنتخبة ويسفه ويستهزئ بالساسة والحكام وينتقد قادة الاغلبية العراقية الاصيلة بل وقادة الشيعة قاطبة ؛ الاحياء منهم والاموات بل وصل الامر ببعض المنكوسين الحاقدين امثال المجرم طه الدليمي الى الاستخفاف بالإمام علي وال البيت ...!!
وبينما كانت وسائل الاعلام الحكومية والعربية وغيرها ؛ تمجد بالحكومات الدكتاتورية والطائفية والعميلة المحلية وتدعو للالتفاف حول الجماعة الوطنية والمتمثلة بالطائفة السنية وعدم الخروج عن دائرتها في العراق ؛ وتحارب قوى الاغلبية العراقية الموجودة في الداخل والخارج واسكات صوتها واتهامها بالارتباط بالخارج ويقصدون بذلك ايران ؛ مع العلم ان كافة ابواب البلدان مغلقة بوجه الشيعة العرب باستثناء ايران وقتذاك ؛ وبعد سقوط النظام عام 2003 تغيرت سياسة وسائل الاعلام انفة الذكر ؛ اذ راحت تستجدي الدعم والاسناد من كل من نطق بالضاد حتى وان كان عبدا حبشيا او زنيما اعرابيا او مستعربا عثمانيا بل وصل الامر بهم الى طلب النجدة من امريكا واسرائيل وغيرهما , وصارت الحركات والاحزاب والشخصيات السنية الطائفية تطالب بالدعم الخارجي وربط مصير العراق بالأمة العربية والاسلامية على حساب العراق والاغلبية والامة العراقية والهوية الوطنية ؛ بل وتدعو شذاذ الافاق وشراذم المعمورة من الارهابيين والمجرمين الى العراق بحجة وحدة المصير السني ومحاربة الصفوية وتحرير العراق من حكم العراقيين الاصلاء , اذ فتحوا ابواب العراق امام 83 جنسية اجنبية للعبث في العراق والفتك بأهله عام 2014 عندما سقطت المحافظات ذات الاغلبية السنية بيد قوى الارهاب العالمية ؛ ومع كل ذلك لم يطلق عليهم الاعلام صفة الارهاب والاجرام او الخيانة والعمالة ...؟!
وفي ظل المناخ الاقليمي المضطرب الراهن وبدء العمليات الارهابية في سوريا ودعوات الارهابيين بالاستعداد للجهاد في العراق بعد اسقاط نظام بشار الاسد , وتكهن البعض بالمصير المجهول للملكة الاردنية , والتهديدات الصهيونية والغربية والتي تستهدف الاغلبية العراقية والشيعة , وطرح مشروع الشرق الاوسط الجديد بعد اكتمال فصول مشروع نظرية الفوضى الخلاقة ؛ و انتشار الفضائيات الطائفية والقنوات الخاصة المشبوهة فضلا عن الاف المواقع والصحف والمنصات الاعلامية الطائفية والمعادية والمنكوسة التي يدار بعضها من قبل مرتزقة قوى الاستعمار والاستكبار والصهاينة والتي تعمل على اثارة القلاقل والاضطرابات والاحتجاجات والنعرات الطائفية والقومية والمناطقية والعنصرية والاخلال بالسلم الاهلي والامن المجتمعي ؛ ندعو الحكومة والاحزاب السياسية والنخب الوطنية والاجهزة الامنية وكافة احرار وغيارى الاغلبية والامة العراقية ولاسيما ابناء الطائفة السنية الكريمة والقومية الكردية والتركمانية الى نبذ الخطاب الطائفي والقومي والعنصري والتبشير بمشروع الامة العراقية والهوية الوطنية الجامعة والسعي الجاد لانبثاق الدولة المدنية الاتحادية المنسجمة القوية - دولة الدستور والقانون والمواطنة والحريات وحقوق الانسان - ؛ وحجب كافة وسائل الاعلام المشبوهة والمنكوسة والمعادية مع تلك التي يديرها الجهلة وعديمي الهوية الوطنية والمسؤولية الاخلاقية ؛ والابلاغ عن كافة وسائل الاعلام والشخصيات المشبوهة والمرتبطة بالاجندات الخارجية والدوائر المخابراتية ؛ واخلاء العراق من الغرباء والدخلاء والاجانب الا للضرورة القصوى , واسقاط كافة عمليات التجنيس التي اقرت طوال العقود الاخيرة ؛ لما لها من تأثير سلبي على النسيج المجتمعي والامن الوطني , ومقارعة الولاءات والانتماءات عابرة الحدود والتي تضحي بالعراق والاغلبية والامة العراقية من أجل المصالح القومية والدينية والسياسية الخارجية ؛ واصدار حزمة من القوانين تتعلق بمراقبة وسائل الاعلام العامة والخاصة ورسم استراتيجية وطنية عليا بهذا الخصوص , ومتابعة الشخصيات الاعلامية والثقافية والدينية والسياسية والاجتماعية ورصد تحركاتهم وتصريحاتهم ؛ وفي حال مخالفتها للضوابط القانونية والمبادئ والقيم الوطنية ؛ تتعرض للمسالة القانونية وحجب الوسيلة الاعلامية وتقييد الحركة او الاعتقال واغلاق تلك الوسائل الاعلامية والمراكز والمقرات الدينية والسياسية والثقافية كما ذكرنا انفا ... الخ .