"أشعر بالحزن أحيانًا بسبب كل شيء أمر به، ولكنني سعيد ولديَّ أمل، لأنني أعمل، بالرغم من مشاكلي"
الحزن سيء؟ الألم مدمر؟ والمشاعر السلبية محفزة للاكتئاب في ظن الكثيرين!
وصفت (Peggy Thoits) المشاعر على أنها تتضمن مكونات فسيولوجية، أو ملصقات ثقافية أو عاطفية، وردود فعل جسدية تعبيرية، وتقييم المواقف والسياقات ضمن التجارب الشخصية.
في جزئية (إبصار المعاني) سيتم التركيز على أهمية اللغة في دقة شعورنا وذلك حتى نربي أنفسنا على دقة المشاعر من خلال إيصال المعنى بشكل صحيح لموصلاتنا العصبية في أمخاخنا.
في معهد ماكس بلانك للغويات النفسية - Psycholinguistics وجدوا أن اللغة تؤثر على تفكير الإنسان ومن ثم شعوره، وذلك في التحيز اللاإرادي عند ثنائي اللغة (من يتحدثون أكثر من لغة)، بمعنى أن اسم مثل: أحمد لها تعبير ودلالة نفسية عند من يتحدثون العربية، تختلف عند من يتحدثون لغات أخرى وذلك لقدسية الاسم عند العرب.
يقول جاك لاكــــان باعتباره أكثر من جعل اللغة أكثر غموضًا لبيان قوتها:
"لا يمكن أن اجتمع بكينونتي الحقيقية، وكينونتي اللغوية في زمن واحد، وذلك لأن حضوري في اللغة باعتباري دالًا أو حالًا أو كلمة يعني بالضرورة غيابي"
ما أريد إيصاله لك هو أن فهمك لمعنى الكلمة يعطي معنى جديد لشعورك، وأراهن أنك قد لا تلاحظ الفرق بين كلمة مزاج، شعور، إحساس، وجدان!
- كلمة مزاج تعني: حالة تدوم عمومًا لفترات أطول بكثير من المشاعر، وعادةً ما تكون أقل شدة منها.
- شعور: وهو إدراك بلا دليل وقيل إن للشعور ثلاثةَ مظاهرَ هي ، الإدراك ، والوِجْدان ، والنُّزوع.، أي أن الشعور فيه إثارة لما بالداخل وهو المتمثل خارجيًا، فالإدراك، والوجدان، والنزوع يتبعوا بالشعور.
- الحس: التمثيل الذاتي للمشاعر، بمعنى آخر أن الشعور (الإثارة) يظهر في هيئة حس خارجي، فعندما تشعر بضيق شديد يظهر ذلك بإحساسك بالفشل مثلا.
- الوجدان: موطن كل العواطف والرغبات والأحاسيس بالسعادة أو بالحزن أو بالأمل أو باليأس.
كلاوس شيرير المتخصص في علم نفس العاطفة، وجد أن المشاعر تتكون من خمسة مكونات أساسية وهي:
- التقييم المعرفي-Cognitive Appraisals: ويعتمد ذلك على الإدراك والتجربة السابقة
- الميول السلوكية-Behavioral Tendencies: الاستجابات الفعلية عند الإدراك
- الأعراض الجسدية- Motor Expressions:
- التعبيرات النفسية-Physiological Reactions: تعبيرات الوجه والصوت تكون دائمًا مصاحبة لحالة المشاعر
- الحس-Subjective Feelings: التجربة ذاتية (الإحساس الذاتي) تجاه الحالة العاطفية
يولد الطفل غالبًا بلا خبرات سابقة تجاه غالب ما يحدث أمامه في الحياة، ويقوم الابوين بتشكيل الخبرات العاطفية للطفل، تجده يقترب من النار وتخبره الأم بألا يفعل حتى لا يتضرر وهنا يأتي دور مكونات الشعور لدى الطفل، عند لمسه للنار ويتضرر لا يقوم مطلقًا بالاقتراب منها وذلك لـ:
أولًا: التقييم المعرفي: فهو بنى خبرة مسبقة على النار بأنها شيء يسبب ضرر
ثانيًا: الميول السلوكية: اللمس مع النار يسبب ضررًا في الأيدي
ومن هذين يتكون مثلث المشاعر من أعراض جسدية مثل تكون قرحة أو تكيسات، وتعبيرات نفسية متمثلة في الألم عند لمس النار، وأخيرًا إحساس بالوجع داخليًا لا يكاد ينفك من المخ.
ننهي المقال بأن هناك جدل في علم الأعصاب العاطفي بأن المشاعر هي بُنايات منفصلة ومختلفة جوهريًا، وأن المشاعر والإدراك هما نظامان منفصلان.
حاول أن تعي شعورك بشكل دقيق، حتى لا تقع في فخ البؤس دون داعي أما عن كيفية أن يكون البؤس هادفًا تابع المقال القادم، كما قال أدلر:
"تذكر أن أحد الأسباب الأساسية لامتلاكنا مشاعر، هو مساعدتنا على تقييم خبراتنا"
المراجع:
عبادة المشاعر - ميشيل لكروا
The Component of process model of emotion, and the power of coincidence