Image title

عودة الأموات في الغابة المسحورة

تعرض فيلم "عودة الأموات" وهو من افلام الجريمة والذكاء، لهجوم لم يتعرض له فيلم آخر، وشوهد كثير من الحضور افضل سماعات بلوتوث، في محاولة للخروج من واقع الفيلم الذي شكل صدمة للمشاهد. بدأ الفيلم بوجه بحجم الشاشة الكبيرة، ينفض الرمال عن وجهه، ومن سياق الأحداث المتلاحقة والمترافقة مع موسيقى مرعبة، يٌفهم أن أهل الأشعث الأغبر، إعتقدوا أن والدهم قد توفي، وقاموا بإجراءات الدفن،  وفي مشهد آخر يأتي أعوان المشعوذ ويستخرجون "الرجل "من جديد. وتستيقظ الضحية في حالة فقد تام للذاكرة وتخلف ذهني ..!؟

الفيلم يتحدث عن عودة بعض الأموات للحياة بعد وفـاتهم. القصة النمطية تتحدث عن شخص أعلنت وفاته ثم استفاق فجأة بين فزع أهله وفرحهم بعودته.. قبل أيام فقط انتشرت في المدينة المنورة قصة شخص متوفي تم إنقاذه بفضل أحد المصلين الذي لاحظ حركة يده اليمنى. أصر على فتح الكفن فوجدوه مستيقظاً ولكنه في حالة ذهول تام وعجز عن الكلام.

 

ومن زاوية مظلمة وموسيقى تشبه موسيقى الحرب، يطل أحد الممثلين، حاملا زجاجة بها سائل أزرق، مكتوب عليه كلمة "بويزون"، ويختفي الرجل مع فتح النافذة، وتقع الزجاجة من يده، وينتشر بخارها بمجرد تلامسها مع سطح الأرض، وتحت النافذة التي سحبت ستارتها سيدة ثلاثينية ممزقة الثياب، دخلت في موجة شديدة من السعال، وسرعان ما دخلت في حالة إغماء شديدة جعلتها تبدو ميتة. ودفنت في طقوس غريبة. وفي منتصف الليل فُتح عليها باب قبرها، لتخرج منه بصور مشوهة أو متوحشة أفزعت المشاهدين، والمشهد برغم أن فيه كمية كبيرة من الإثارة؛ لكنه وظف الرعب بأفظع صوره، ليصدق المشاهد أن هذه السيدة  الميتة قد خرجت من قبرها وعادت للحياة. ويتحول الفيلم بعودتها لتصوير عالم الجن، وعودة الأموات، وتواصل الأساطير القديمة حضورها في المشاهد المتلاحقة، وفي مشهد غريب حبس معه أنفاس المشاهدين، تزوج أحد ملوك الجن من السيدة العائدة من عالم الموت، يقيمون الأعراس  الخيإلىة.

القصة الحقيقية للسيدة  (بطلة الفيلم)، بدأت في عيادة للأمراض النفسية يجتمع فـيها آباء وأمهات فقدوا أبناءهم بسبب جرائم عـنف قاسية.. وخلال إحدى الجلسات يقترح أحدهم (اعتزال العالم) وإنشاء قرية هادئة بعيداً عن كل المعاصي والمآسي الحديثة.. وافقت المجموعة على الفكرة واقترح أكثرهم ثراء إنشاء قرية معزولة في محمية طبيعية تعود لأجداده. وهكذا ولد الأطفال الجدد داخل قرية بعيدة ومعزولة عن العالم المعاصر.. وكي يضمنوا عدم اختلاط أبنائهم بالعالم العنيف (في الخارج) اخترعوا فكرة الغابة المسحورة والوحوش المحيطة بالقرية!! لكن يبدو أن السحر قد إنقلب على الساحر، فالغابة المسحورة تحولت إلى عالم الجن، وعودة الأموات صارت أشبه بمزحة ثقيلة، لكن العقول مجمدة ومنزوع منها الذاكرة.

أحد أهم النقاد يتحدث عن مثل هذه النوعية من الأفلام بقوله: "رغـم أنه ليس أجمل فيلم أشاهده في حياتي لم أستطع تجاهل مغزاه العميق.. أن كل جيل (يولد لاحقاً) يرث قرية مسيجة من الأفكار يتعلم الخوف من مغادرتها.. يولد وينشأ داخل نطاق ضيق من الأفكار المرعبة والتعاليم المغلوطة التي يفرضها العارفون بحقيقتها.. أفكار ترثها الأجيال الجديدة دون نقد، وتبناها دون تمحيص، وتتقوقع داخلها عن قناعة.. أفكار وآراء ومسلمات تتحول بحكم الزمن وتوافق المجموعة إلى ثوابت مقدسة يخشون كسرها أو حتى التجرؤ على مناقشتها.. لهذا السبب نحتاج دائماً لشخص شجاع يخبرنا بالموجود خارج السياج". وأضاف: "قبل أن نذكر افضل أفلام الجريمة والغموض دعونا نتفق منذ البداية وقبل الخوض في تفاصيل المقال أن محبي أفلام الجريمة والغموض هم الأعلى نسبة !فهذا النوع من الأفلام يشد الانتباه ويثير الاهتمام بسبب القضايا التي يطرحها؛  مما يحفز فضول المتابعين ويجعلهم يسعون لمعرفة ماذا سيحدث. وغالبا تأخذ أفلام الجريمة والغموض طابع المغامرة المليئة بالألغاز والشيفرات التي تتطلب من المشاهد تركيزا عإلىا وذكاء استثنائيا. وكما وتتميز بالإثارة والتشويق وحبكتها القصصية الرائعة والغموض الذي يلفها وهذا هو السر في ارتفاع نسبة مشاهدي هذه الأفلام."

إن أفلام الذكاء، عبارة عن أفلام الخيال العلمي؛ نحن نستوعب الحقائق التي ترد في الروايات المتميزة الرائعة بشكلٍ لا شعوريٍ تقريباً، وهو ما يجعل من العسير للغاية انتزاعها من داخلنا فيما بعد ويمكن لفيلم الخيإلى أن يمتحن خيالات البعض، فمثلا في قصة فيلم "اغتراب الأرض"، نتابع المشاهد المثيرة، حيث أصبحت الشمس أكثر برودة حتى لم تعد الحياة ممكنة على كوكب الأرض، والأغرب أن المؤلف طرح حلاً غير منطقياً ولكنه عصف بفكر المشاهدين، حيث قال (البطل): ليس من حل لبقاء البشرية سوى الخروج من المجموعة الشمسية برمتها والبحث عن وطن بديل ..!؟

، تلك هي إذن مقومات أفلام الخيال العلمي، ويُعدّ الكاتب الفرنسي جول فيرن هو الأب المؤسس لقصة الخيال العلمي، حيث كتب أول قصص الخيال العلمي في فرنسا في عام 1883م . ولاشك أن صناعة الخيال العلمي أصبحت ظاهرة سينمائية، وهي ظاهرة من بين أبرز تطوراتها الخروج من فلك الواقعية أو التقليد إلى فضاء أوسع وأبعد من أفكار البشر.