هل طرق علي مسامعكم حكاية مثل هذة من قبل؟ حكاية عن احد العوالم الغارقة في الصراعات الدامية، عالم عمتة الفوضي صبغته الحروب الامتناهية باللون الأحمر ،وإختفت شمس الأمل خلف السحب السوداء سارقتاً الأمان من القلوب، وحبست أفراح العالم بين قضبانٍ من الدموع الدامية، وبعد مئة عام من تلك الصراعات المجنونة إنتفض خمسة أشخاص ذوى قوي لا يستهان بها مكونين جيشاً قوياً من جميع قبائل السلالات الخمس الموجودة متناسين أجناسهم وطبقاتهم ونسبهم، هاؤلاء الخمسة وذلك الجيش الذي أُطلق علية "جيش العاصفة" إستطاعوا القضاء علي رأس ذلك الشر المتجسد، وجلب السلام إلى العالم مرة أخرى . 

وهاكذا إنتهت حرب المئة عام بعد الكثير من التضحيات، وبدأت الغيوم بالإنقشاع ، ولأول مرة منذ زمن طويل إرتسمت البسمة مجددا علي العالم، ودب في قلبه الأمان ، وعلي إثر ذلك ظهرت خمسة امبراطوريات قوية يحكم كل منها أحد هاؤلاء القادة الذين كان عهدهم عهد السلام ورغد الحياة ، وهاكذا مرة ألف عام،

حصل فيها الكثير والكثير من الأحداث و الصراعات الغير مهلكة فمن المستحيل ان يظل كل شيئ علي حاله خلال هذة المدة فألف عام زمن طويل، لكن تلك المكائد المتوارية اصبحت تشكل خطرا كبيرا من شأنه أن يعيد أحداث ذلك الماضي المشؤوم،

ولكن كل ذلك الوقت كانت احدي الزهور شق طريقها ببطئ نحو السطح حاملة معها كارثة غير متوقعه. 

و لأنني دائما ؤمن بأنه مهما "كسى السواد العالم وطغي الشر علي الخير، فهناك دائما بصيص أمل قادر علي صنع المعجزات. 

هاكذا شعرت عندما رأيت تلك الفتاة أول مرة، كانت تبدو ساذجة، وهشة كقطة البسكويت يمكنك كسرها بسهولة بمجرد الضغط عليها هكذا كان يوحي مظهرها، لكن عندما تمعن النظر في تلك العينين الزرقاء الكرستالية، ستجد فتاة مختلفة تستطيع من نظرة جادة واحدة إخضاع أي كان، 

لكنها كانت واعية بضرورة إخفاء شخصيتها وهويتها، وعدم جذب الإهتمام نحوها إن كانت تريد أن تنعم بحياة هادئة ومسالمة حتي يحين موعد رحيلها ، لكن هذا الوضع الذي أصبحت فية دمر كل مخططاتها وجعلها محط الأنظار، وموضوع القيل والقال، كان عليها أن تركز علي كثير من الأمور في وقت واحد، وكانت جميع الأعين تراقبها. وهاكذا كان القدر يتحرك ببطء مرة أخرى نحو طريق مجهول.

                 - :قبل ثلاثة سنوات :-

في الحادي عشر من يناير البارد كانت السماء ملبدة بالغيوم بالكاد تتسلل منها أشعه الشمس، والثلج يتساقط كحبات السكر يكسوا أسطح المنازل والطرقات بالأبيض، 

هاكذا هو الحال أيضا منذ يومان، ولهاذا السبب أصبحت حركة السير بطيئة نتيجة لتلك الثلوج المتكدسة علي الطرقات، 

كانت تلك الأغنية التي تخرج من المذياع تناسب تلك الأجواء الباردة، ف بدأت تتمت بكلماتها مندمجه مع اللحن تنظر عبر زجاج سيارة الأجرة ، كانت تحاول تهدأة نفسها لكن لم يجدي هذا نفعا فلا الأغنية ولا الموقف يسمح لها بالإسترخاء فإن إستمر الزحام علي هذا المنوال لن تصل الي موعدها ولربما تطرد، 

"سيدي الا يمكنك أن تسلك طريقاً آخر غير هذا؟ " سألته سريعا وهي تراه غير مبالي 

"إن جميع الطرق كلها هاكذا، فل تنتظري أو تترجلي من هنا وخذي سيارة أخرى، إفعلي ما شئتي هذا لايهمني لطالما أنني سأحصل علي أُجرتي" قالها بإهمال وهو ينظر إليها عبر المرأة 

" حسنا أيها السيد سوف أنزل هنا وها هي أجرتك الغالية" قلتها بغضب وهي تخرج من السيارة ليداعب شعرها ذلك النسيم البارد

حملت حقيبت ظهرها و وقفت للحظة تتذكر أي طريق أسرع تسلكة إلى أن وقت عينها نحوه فذهبت بإتجاه تركض بأقصى ما لديها من قوة آملة أنها إن تأخرت بضع دقائق فقد عن موعد بدأ الحدث سوف تستطيع بثة كممثلة لقناتها، ولن تطرد. 

ومن شدة عجلتها لم تتذكر أن تنظر إلى الطريق أو إشارة المشاة قبل عبورها الطريق وإستمرت في العدو ليستوقفها صوت الشاحنة المسرعه نحوها والتي قد قفزت أمامها بدون أن تعي ذلك في تلك اللحظة السريعه كسي السواد عالمها، وجسدها يهوي ببطء نحو الهاوية، فقد فقدت الإحساس بمحيطها،و كذلك السيطرة علي جسدها و بدأت الذكريات تعود إليها واحدة تلوى الأخرى، وسيطرت المشاعر المتضاربة عليها.

"هل هذة النهاية ، لقد عانيت كل هذة السنين وهذة هيا نهايتي حقا! هل ستحزن خالتي ماراغرت واطفالها المدللين علي موتي؟ لا...لا أظن ذلك لقد كانوا دائما يكرهونني ويعاملونني كخادمة، كبنك للمال، لقد عاملوني علي هذا المنوال منذ أن توفيت والدتي وأنا في سن صغيرة كنت بعمر السابع حينما وصلتني أنباء وفاتها في ذلك الوقت إنهار عالمي و إشتد الأمر سوءً عندما علمت بأن خالتي مارغريت هي من ستكفلني،لقد كان الأمر غريبا منذ البداية، كان علي أن أعرف أنها تسعي خلف المال الذي تركتة والدتي لي.

فخالتي كانت تكرهها منذ نعومة أظافرها ولم أرها سوي مرتين فقد الأولى في جنازة جدي، و الثانية في جنازة والدتي، وماذا حدث بعد أن نفذت مدخراتي التي ورثتها عن أمي ! جعلتني أعمل ليلاً نهاراً في دوامٍ جزئي إلى أن تخرجت من الجامعه وبدأت العمل في مجال الإعلام الذي كان تخصصي في الجامعه ولم أنعم براحه أبداً فكونك مراسلا يعني أن تكون متأهبً علي مدار أربعٍ وعشرين ساعه كل يوم،

لتأتي هي وتأخذ كُل راتبي وتترك لي بقشيشاً، هل هاكذا عشت حقا! يالها من مضيعه، إن كانت فقد حياتي أفضل من هذا، لكنت مُت في سلام بدون أي ندم، لكن ما الجدوى من تذكر هذا الآن فهنا علي الأقل سوف أنعم بالسلام " 

كل تلك الذكريات المؤلمة تدفقت في عقلها واحد تلوى الآخر ودموع تسيل من عينيها. 

وعندما كانت علي وشك أن تفقد آخر شعاع أمل لديها ويكسو الحزن قلبها خرج صوت من أعماق الظلام مناديا إيها بلطف"ايما...ايما، إمسحي تلك الدموع فأنت لم تموتي بعد وهذة ليست النهاية، عندما تذهبين من هنا سوف تبدأ رحلتك الحقيقية، فقد إذهبي مع ذلك الشخص عندما يمد يدة لك، حينها سيفتح لك القدر أبوابه ويرشدك نحو شمس" اسكندريا" وهناك ستبدأ رحلتك في رسم دربها. 

عندما إختفي ذلك الصوت المجهول فتحت عينها لتري ضوء النهار يحيط بها من جديد، والنسيم العليل يداعب خصلات شعرها الأشقر ممسكة براسها من شدة الصداع " ما الذي حصل لي، واين انا؟ " قالتها وهي تستكشف محيطها تتلفت يمينا ويسارا 

"لحظة انا مازلت حية" قالتها تتحسس نفسها ومن ثم قرصت خديها لتقف منفزعه تتذكر ماكان يقولة الصوت المجهول

"اذهبي مع من يمد يده لك" تمتمت متذمرة واكملت "لكن من سيمد يدة لي في مثل هذا المكان المعزول،يجب علي أن أجد مكاناً أقضي فية الليل". 

وهاكذا إستجمعت"ايما" شتات نفسها وخبأت خوفها وذعرها وراحت تتجول في المكان بحذر وهي تفكر و تضع كل إحتمالات وجودها هنا، ظلت تتجول حتي بدأت الشمس تختفي خلف الأفق وسقطت من التعب والجوع، بعد أن بدأت قوها في التلاشي، محاولتاً عدم الإستسلام للنوم. 

وبعد ساعات من غفوتها ظهر ذلك الصوت من حولها مرة أخرى "ايما...ايما عليك أن تستيقظي إنه في الطريق إليك" هتف بها ذلك المجهول في حلمها مرة أخرى، 

عندما فتحت عينيها رأت أنوار صغيرة زرقاء تطفو علي مرمى البصر لتختفي بين الأشجار، 

"ذلك الصوت من جديد" تمتمت بها بيأس، لتنظر من حولها حتي تقع عينها علي تلك الأضواء الغريبة

لتدرك" ايما" حينها أن صاحب ذلك الصوت هو من أرسلهم لها ليقودوها نحو الطريق الصحيح فتقرر تتبعهم، إلى أن وصلت إلى طريق ممهد ليس به أشجار وبعهدها إختفت تلك الأضواء الصغيرة، 

ولم يمر سوي ثواني قليله إلا وظهرت أصوات أقدام أحصنه تقترب شيء فشيئا لتجد أمامها فجأة عربة فخمة تجرها أحصنة بيضاء يبدو عليها قوة ومن وراءها أشخاص يمتطون أحصنة كالفرسان كان المشهد وكأنه خرج من أحد القصص الخيالية 

"من أنتِ عرفي بنفسك، ومن أي مكان أتيتي؟ " سألها أحدهم بصوت متهجم قاسي وهو يتجه بحصانه نحوها

"أن...هل تقصدني أنا! " قالتها بتوتر وهي مرتابة من ما يجري من حولها. 

"هل تمازحينني، هل يبدُ لكِ أن هناك أحد غيرك هنا، إن لم تعرفى بنفسكِ سيتم اعتباركِ دخيلة أو جاسوسة لأحد الإمبراطوريات الأخري " صرخ بها وهو يوجه سيفه نحوها

"ماذا هل هذا سيف! ، هل سأموت مجددا؟ ، ما بال هذا الرجل المجنون، أين أنا بحق الله" تسألت في نفسها والخوف يدب في أوصلها 

كانت تفقد عنقها في تلك اللحظة قبل أن يوقفه صوتُ من كان في العربة" أوقف هذا الآن ألا تري أنها خائفة " قالها وهو يقترب منها ويمد يده إليها 

"هل هذا هو، ذلك الشخص، هل هو صاحب تلك اليد التي أخبرني عنها صاحب الصوت المجهول" هبست بداخلها وهي تمسك يدة لترتسم علي وجهها إبتسامه تلقائيه

هاكذا كان قدر" ايما" يبدأ أولى رحلته نحو المجهول.

هل هذا هو، ذلك الشخص! هل هو صاحب تلك اليد التي أخبرني عنها صاحب الصوت المجهول! " همست في داخلها وهي تمسك يدة لترتسم علي وجهها ابتسامه تلقائيا

"هل أنتِ بخير أيتها الأنسة؟ لابد من أنك خائفة، أنا أعتذر عن وقاحة تابعي فهو يبالغ في حذره" سئلها معتذرا وهو يساعدها علي الوقوف 

لكن - ايما - ظلت صامته تحاول جمع شتات نفسها واستيعاب ما يجري 

"اعذريني عن وقاحتي يا أنسه، هل يمكنني سؤالكِ عن هويتكِ فملابسك تبدُ غريبه نوعا ما، هذا فقد كيلا تكونِ موضع الشك هنا" قالها بجدية محاولا إخفاءه بإبتسامه

" بماذا أجيب! هل أخبرة بالحقيقه بأنني سقط من مكان ما؟ ولكن من المجنون الذي سيصدق هذا الكلام حتي أنا لم أستوعب الأمر بالكامل إلى الآن، كيف أخرج من هذا المأزق؟ " تلك الأفكار راحت تجول بخاطرها بحثتاً عن حجة تخرج بها من هذا الموقف سالمه

" انتِ، لماذا لا تنطقين، هل أكلت القطة لسانك؟ " قالها الفارس ساخراً منها 

"أنا...أنا لا أتذكر شيء" قالتها كاذبة أمله أن يصدقوها. واكملت" أنا حقا لا أتذكر أي شيئ ، لقد إستيقظت و وجدت نفسي في هذة الغابة ولا أتذكر شيء عن حياتي قبل أن أستيقظ" صاحت بها وبعينيها الكرستالتين نظرت نحوة بيأس

" ماذا هل تريدين منا تصديق هذا الهراء!" قالها الفارس وهو يرسم إبتسامه ساخرة علي وجهه

" سواء صدقت هذا أو لا هذة هيا الحقيقه" قالتها بإندفاعية تحاول كبح دموعها 

عم الصمت للحظة ليحدق فيها بعيناة الحادتين، لتنطلق بعدها صرخة من أعماق الغابة، صرخت تدب الرعب في النفوس

"ماهذا " تلك الكلمه إرتسمت علي وجه ايما بينما الآخرين بدى وأنهم قد عرفوا مصدرة

" أيها - الماركيز - يجب أن نخرج من هنا لم يعد هذا المكان آمناً" قلها الفارس مقاطعا ذلك الصمت 

"حسننا، فل نخرج من هنا اولاً " قالها متنهداً وهو يمسك بيدي- ايما- يأخذها إلى داخل العربه 

" استعدوا للمغادرة ولا ترخوا من حذركم فلا نعرف كم هم قريبون منا" صاح بها الفارس منبها الجنود وهو يمتطي حصانه 

وهاكذا إنطلقوا بسرعه تعدو فيها الأحصنة وكأنها في سباق. 

" سيدي هل يمكنني أن أسأل ماكان ذلك الصوت منذ قليل الذي جعلكم مسرعين هاكذا، حتي إنك اخذتني معكم رغم أنني قد أشكل خطراً عليكم؟ " سألته بجدية جعلته محتاراً من أمرة

"يبدو حقا بأنكِ فقدتي ذاكرتكِ! أو أن المكان الذي جئتي منه لم تصله بعد تلك المسوخ البشعه، حسننا تلك المسوخ أشد خطراً منك أيتها الأنسه" قالها غير مباللٍ راسماً إبتسامه كاذبه محاولا إخفاء قلقة. 

تلك الكلمات جعلت- ايما- محتارة ما إذا كانت حقا تحلم، ام انها سقطتت داخل كتاب قصص خيالية

و في تلك الأثناء كانت أقدام الخيول تدب في الأرض كالعاصفة شاقين طريقهم عبر الغابة، إلى أن استوقفتهم صرخهٌ قوية جعلتهم يتوقفون وسحب كلٌ سيفه، مدركين للوضع، لقد أحاطوا بهم من كل مكان 

"أيها الجنود إستعدوا للقتال، إحموا- الماركيز- ولا ترخوا دفاعكم" صاح بها الفارس وهو يسحب سيفه 

عندها ظهر شيئ ضخم أمامه من العدم و ألقي بمخالبه الحادة كالسيف علية ليصدها الفارس بسيفه ويقفز في اللحظة الأخيرة من علي حصانه الذي قد أصبح فريستاً له مثل البقية فلقد احطوا بهم من كل إتجاه ولم يبقي أمامهم سوي القتال لأجل النجاة وهاكذا اشتبك الطرفان في نزاع حاد. 

"إبقي هنا ولا تخرجي مهما حدث فالأمر خطر في الخارج" وجهه - الماركيز- تلك الكلمات إلى - ايما- محذراً إيها وهو يسحب سيفه متجهاً إلى خارج العربه

"ماذا أبقى هنا ! ما الذي يحصل، وما تلك المخلوقات المرعبه في الخارج؟ هل سأكتفي بالجلوس هاكذا؟ علي الخروج من هنا" تمتمت بها بخوف تحاول إستجماع شجاعتها. 

في تلك اللحظة تحطم سقف العربة عليها وظهر ذلك المسخ الضخم يحدق فيها بأعين حمراء مخيفه ولعابة يسيل بارزاً أنيابة كان يحدق فيها كفريسه، كطعام شهي، 

لم تستطع- ايما - الحراك وكتمت صرختها بيدها، والخوف قد تملكها، لقد أصبحت في موقف لايحسد علية أحد 

"إنني خائفه ،لا أريد الموت بداخل معدة ذلك المخلوق، لا أريد الموت.. لا أريد" صرخت بها بقوة وأغلقت عينها 

ليكسوا الضوء محيطها ويختفي الجميع،ليظهر ذلك الصوت مرة أخرى" ايما...لما أنتي خائفة؟ لايوجد ما تخيفنه، من يمتلك كل تلك القوي التي بداخلك لا يجب أن يخاف من مجرد مسخ ضعيف! تمالك نفسك فقد أمني بنفسك فأنتي لستي تلك الفتاة الضعيفة بعد الآن" 

" ؤمن بنفسي..؟ لقد فقدتُ ذلك الإيمان منذ زمن بعيد بعد الكثير من التضحيات، هل أستطيع فعل ذلك من جديد؟" ظلت تتسائل بيأس لتفتح عينها الخاليتين من الحياة و تري الواقع لم يتغير فهي بين مخالب ذلك المسخ الذي سيلتهمها في غمضه عين

" أريد أن أصبح أقوى ، أريد أن أعيش بدون خوف " صرخت بها بداخلها، ليحيط بها ضوء أبيض يبتلع ذلك المسخ ويحررها،

ذلك الضوء جعل قوي غريبة بداخل - ايما- تتحرر جعلها شخصاً مختلف فتلك النظرة الحادة وتلك الهاله التي تحيط بها تجعل أي كان يهتبها. 

"أيها النور الذي ينساب من داخلي تسلل إلي ذلك السواد لتظهر الشمس من جديد" تمتمت بتلك الكلمات لتتوهج عينها وتنطلق منها قوي تصيب تلك المسوخ وتخترقها لتتفتت إلى أشلاء تتناثر دمائوها علي الأرض، حتي خارت قوها وسقطت فاقدة الوعي، ليعم الصمت علي أنحاء المكان مرة أخري وكأن شئ لم يحدث

كانت أعين الجميع تراقبها في صمت مرتابين مما رأوه، ماهذة القوي! هل كان سحر؟ هل هي ساحرة؟ تلك التساؤلات كانت مكتوبة علي أوجه الجميع. 

- ومنذ ذلك اليوم تغيرت أمور كثيرة ظلت 'ايما' خلالها فاقدة الوعي إلى مايقارب اسبوعاً، كان كل يوم يمر عليها وهي نائمة بمثابه سنه إلى أن ن أشرقت شمس اخد الأيام ليحين وقت إفاقتها، لتتسلل أشعتها الدتفئة اليها ببطئ، لكن تلك المسكينه انتفضت من نومها وكأنها رأت كابوساً مريع. 

"يا إلاهي ،إنه مجرد كابوس، لقد ظننت لوهلة بأنه حقيقي" تنهدت بها لتاخذ نفسا عميقا

" هل أنتِ بخير " صوت أُنثوي هتف بها  بقلق

أجل إنني بخير، إنه فقد مجرد كابوس مزعج ... " قالتها بتلقائية  لتنضفض من مكانها تصرخ من الفزع بعد أن إستوعبت الواقع 

"ماذا...!ماذا...!هل رايتي شبحا؟ "صرخت بها الفتاة وهي تقفز علي السرير بجانبها  

"ماذا...! ، ألم يكن حلما...لا أنا مازلت أحلم ، أجل أنا أعلم ذلك، يجب علي الإستيقاظ الآن" قالتها ايما ببلاهه وهي تقرص احد خديها بقوة

"يا،لقد أفزعتني،ما...ما الذي تفعلينه؟ " صرخت بها الفتاة ببلاهه وعلامات التعجب تعالت وجهها

" ليس بقدر ما اخفتني، لا تظهر الأشباح في وضح النهار، والآن هل يمكنكِ أن تبتعدي عني قليلاً اكاد اختنق بين ذراعيكِ" صاحت بها بتذمر  محاولة إبعاد الفتاة

" أنتِ لا تبدين بخير! ، هل أُصبتي رأسكِ أم أنكِ مجنونه؟ " تسائلت الفتاة بقلق مشيرةً  لرأسها

"أجل...، أعتقد بأنني قد جننت حقا " أومأت 'ايما' براسها ببلاهه

" انت بالتاكيد ميؤوس منكِ..." قاطعها صوت شخص ثالث بدي وأنه قد كان موجوداً معهما منذ زمن لكن لم يشعرا به 

" إذا هل سوف تستمران بهذا الأمر كثيراً" سئلهما بملل وهو يتثائب لينظر عبر النافذة ويبتسم بخبث

لتتفاجئ الفتاتين ومن الصدمه  قفزتا في حضن بعضهما وصرختا برعب" يا أمي... إنه شبح "

" في الحقيقه إن كان هناك شبح فهو الذي سيهرب من الخوف بسببكما" قالها ساخراً

"جون،أيها الأحمق،كيف لك ان تسخر مني؟ " صاحت بها الفتاة وهي تقذفة بالوساده ليتفداهت بخفه

" إذا إسم ذلك المعتوه الأحمق هو جون" همست بها 'ايما' للفتاة لتومأ الأخرى مأكدة وصف ايما له

" اعذريني يا آنسة 'جينيت' فوالدكِ يريد رؤية تلك الفتاة" أردفها بجدية فيما اقترب من الباب ليكمل " انتِ فل تتجهزي بسرعه لمقابلة الماركيز سوف أنتظر خارجاً" 

"حسنا، أظن بأن علي الذهاب الآن، فلقد أشبعت فضولي، سوف استدعي الخادمه ليساعدك " قالتها بإبتسامه مرحه رسمتها علي شفتيها لتلوح لها مودعه

"إذا هذة الفتاة تكون إبنة ذلك الرجل، لكن الا يبدو أصغر سننا مما يبدو علية! ،علي اي حال انها تبدو لطيفه" همست بها لترسم بإتسامه خفيفه علي شفتيها 

_بعد أن انتهت ايما من تجهيز نفسها اتجهت إلى لقاء الماركيز و هناك كانت واعية بضرورة اخفاء سر كذبتها الصغير مهما حدث خاصتاً انها اصبحت مدركة للوضع بقدر ما تمرد عقلها ضد هذة  الفكرة  الا أنها تعلم من صميم قلبها بأنها لم تعد في القرن الواحد والعشرين، فالملابس وعربات التي تجرها الخيول، الفرسان، والقصر، الحاشية والخدم،وغيرها الكثير مما لاحظته، كلها ترجع لقرنٍ أبعد منه بكثير. 

"أولاً إسمحي لي بأن أشكرك لإنقاذك حياتي فبدونك لكنت انا والفرسان في عداد الموتي الآن" قالها بإمتنان،

وأضاف بنبرة جادة "ولكن هذا لا يمنع ان انراخي في حذري أكثر، فبناء علي ما شاهدته فأنتِ تجري في عروقك دماء مقدسه فتلك القوة لا يمكن لأي كان تملكها،لذا سوف تكونين ضيفتي إلى أن أتأكد من كونكِ لستِ شخصاً خطراً"

" حسنا أليس من الأدق أن تقول سجينتي بدل من ضيفتي فأنا بالأحرى سأظل حبيسة اسوار هذا القصرد، أليس هذا ما تعنية بإستضافتك لشخص مشبوه" صاحت بها محاولة كتم غضبها بالداخل

" أبي، أنا اتفق معها،هل تسمي طائر بداخل قفص وضعتة في الحديقه بالحُر، أليس هذا قاسياً " قالتها بحزم لتضيف هامسة بنبرة مرحه" لا تقلقي سوف اكون ذا عون لكِ هنا "

" ما.. ماذا، أيتها الشقية هل تتذمرين علي الآن" صاح بها الماركيز من صدمته بردة فعل ابنته 

" لقد سمعت بأنك قد فقدتي ذاكرتكِ" سالتها جينيت بفضول متجاهلة والدها 

أومأت برأسها:" اجل، لا اتذكر شئ سوي ما خدث بعد ان استيقظت ووجدت نفسي  بداخل الغابة" 

"أظن بأنكِ قد عانيت كثيرا، فأنتي حتي لا تتذكرين إسمك، اممم...،ما رأيك إ أعطيكِ واحداً" جلست لبرة تفكر ثم نطقت" اثناسيا ما رايك به". 

- اثناسيا، إسم فريد من نوعه كان يناسب ايما كثيراً فتلك الهالة التي تحيط بها و، مظهرها الذي يوحي بالقوة والهيبة، ومناسبا لتلك القصة الحديدة التي سوف تخوضها،و منذ تلك الحظه طعنت ايما نفسها القديمه ودفنتها بداخلها، لتكون اثناسيا الفتاة المجهولة صاحبة الدم المقدس فهي قد ادركت بأنه لا مفر من الواقع ولا وسيله لها للنجاه والعودة مالم تكتشف سر سقوطها في هذا العالم،

كان الأمر شاقاً عليها في البداية إلا أنها إعتادة علية بمرور الوقت، ومر يوما تلو شهر حتي مرت سنه بأكملها كانت عكس ما توقعته، فهي الآن تعيش حياة لطالما حلمت بها، فهي الآن أكثر سعادة من ذي قبل، وابتسامتها لا تفارق وجهها، وقد حصلت علي صديقه ذات روح تشبهها، غير انها  الآن تعيش حياة مسالمه بعيدا عن تطفل خالتها مارجريت، أيام لا شقاء، كما قام اللورد هوارد بإعتبارها كإبنته رغم انه لم يرفع الحظر عن مراقبتها، هاكذا بدأت قصة اثناسيا

                  -:بعد مرور سنه :-
 


في أحد الأيام المميزة وفي أجواء لا تشهدها "اسكندريا" سوي مرة من كل عام، اليوم الذي أشرقت فيه لأول مرة  شمسها، ليخلد إسمها عبر العصور،وتصبح من أقوى الامبراطوريات، ففي هذا اليوم من كل سنه ومنذ تأسيس "اسكندريا" واعتبارها امبراطورية، تقام احتفالات ضخمه تستمر لعشرة أيام، يجذب هذا الإحتفال إلى"اسكندريا" الكثير من الزوار ليشهدوا حدث لا مثيل له،ترتدي فيه امبراطورية البشر حلتها الجديدة مكسوةً بالسعادة، فتتعالا أصوات الغناء ويرقص الجميع بسعادة، وتزين الأزهار أنحاء" اسكندريا" فتكسوها بعبقها الأخاذ، وفي المساء تغزو الالعاب الناريه سمائها، ولكن أكثر ما يميز هذه الأيام هي ظاهرة تلاقي" القمر الزمردي العملاق مع القمر الأصغر " ، ولهذا ذات الأعين الخضراء لم تجد يوم أنسب من هذا لترى اثناسيا بعينها جمال"اسكندريا" الذي حرمت منه طوال هذة السنه. 

- وفي الصباح الباكر لأحد أيام الإحتفال كان صوت أقدام جينيت يدب في أنحاء القصر، تحمل فستانها الاخضر الطويل بأطراف يدها ليتطتير شعرها ذو اللون الكراميل بعشوائية ورائها، تسأل أي شخص في طريقها إن رأي اثيناسيا في الجوار إلى أن عثرت عليها أثناء مرورها بمكتبة القصر، 

فدخلت علي عجل وجلست علي أحد الكراسي لتلتقط أنفاسها لتصيح وهي تلهث من التعب"  لقد وجدتك اخيراً" 

"ماذا حدث لك تبدين في حال مزريه؟ " قالتها اثناسيا بقلق لتغلق الكتاب في يدها وتتجه نحوها  

" لا تذكريني، لقد ظللت أركضت في أنحاء القصر  بهذا الفستان الطويل والكثيف لأعثر عليك، إن مثل هذة الملابس لحقاً عقاب للفتيات فرغم انه يجعلك جميله وانثوية إلا انه يعيق حركتك" قالتها وهي تتنفس الصعداء 

" إن رأكِ جون في هذة الحاله الفوضوية لن تسلمي من سخريته  " اردفتها اثناسيا بمرح محاولة كتم ضحكتها

" ذلك الأحمق لا تذكريني به الآن وتعكري صفو مزاجي" قالتها بغضب، لتأخذ نفسا عميقا وتكمل" الآن دعينا من هذا فلدي خبر متاكدة من أنكِ ستتحمسين له

ولكن قبل أن تنطق قاطعها جون"لقد سمح اللورد هوارد بأن تحضري الإحتفال في المدينه، وهذا يعني رفع الحظر عنك" 

" أيها الأحمق  لقد  كنت أخطط لمفاجئتها بنفسي، لكن انت.. " قذفتها بغضب لتعتدل واقفه

" لايهم فهي الآن أصبحت تعرف" غمزها ساخرا ليقترب إلى النافذة ويتكأ عليها

"هل حقا سمح لي اللورد بالخروج" صاحت بها بسعادة 

" أجل، واليوم سيكون مميزا جدا فإضفتاً لرفع الحظر عنك سوف نحضر الإحتفال وسيكون هناك شتي أنواع الطعام الذيذ والرقص والغناء أليس هذا حماسياً" صاحت جينيت بحماس 

- وهاكذا بعد تلقي اثناسيا للخبر المفرح اتجهوا نحو المدينه وفي الطريق رأت لأول مرة جمال هذا العالم من خارج الكتب التي قرأتها خلال تلك السنه، متحمسة لرؤية المزيد والتعرف أكثر عنه، لكن جزء من حماسها قد زال بعد رؤية جون يمسك يدها ليساعدها علي الخروج. 

" لم يخبرني أحد بأنه سيأتي معنا" تذمرت اثناسيا 

"لماذا هو من بين الجميع" تذمرت جينيت هي الأخري 

"إنكما تجرحاني بهذة الكلمات، لقد تفجأت ايضا عندما طلب اللورد مني مرافقتكما، لكن الا تبالغان بردة فعلكما هذة " هتف بها بإحباط 

"اثيناسيا دعينا نذهب من هذا الإتجاه فهناك الكثير من الأشياء الجميله" هتفت بها جينيت متجاهلة جون 

" يالكما من قسيات القلب" قالها بغض لترمقه اثناسيا وجينيت بنظرة حادة جعلتة يبتلع كلماته 

- كانت الشوارع مزدحمه بالمخلوقات من جميع الأجناس التي قد قرأت عنها في الكتب فقد فقد مما جعل اثناسيا مذهوله و، مندهشة من شدة التشابه مع البشر مع اختلافات بسيطة في المظهر، لكن سرعان ما تأقلمت، فتنقلها مع حينيت من مكان لأخر وحديثهما ساعد في تاقلمها، كانتا تستمتعان بوقتهمت في تناول الطعام، والرقص في تجمعات، والاستمتاع بالأغاني والمعزوفات وكذلك بعض المسرحيات الخفيفه والطريفه، 

وبين الفنية والآخري تلقيان نظرة علي حال جون الذي أينما ذهب جذب أنظار الفتيات بمظهره والوسيم وجسده الفروسي، فعيناه التي يكسوها لون الشمس الذهبي تذيب قلوبهن اذا غمز بها، واذا تطاير شعرة الاسود صرخن بروعه محيطين بة،مما جعل اثناسيا وجينيت في حيرة لما يدورفي عقول الفتيات، وأسفات لما يحدث لجون فهو لم يستمتع بوقته منذ ان وطأت قدمه المدينه، وفي أثناء محاصرة الفتيات له إفترقتا عنه لبضع الوقت بدون أن يلاحظ، وبينما يتمتعن بالأجواء إلا حتفالية كان الخطر يتربس بهن. 

"جينيت، هل تشعرين بهذا! أظن بأن هناك أحد يراقبنا " همست بها بحذر

"أجل لقد شعرت بهذا منذ أن إفترقنا عن جون، ماذا سنفعل" همست بها هي الأخري بقلق

"لن يفيدنا إيجاد جون الآن يجب علينا أولاً أن نضللهم" أمسكت بيد جينيت لتتسارع خطواتهما شيئا فشيئا 

- دخلا وسط الزحام محاولاتٍ تضليله لكن تفاجئتا بأشخاص كثر  وعندما حاولن الهرب طاردوهما إلى أن حوصرتا في زقاق بعيداً عن الأعين 

"أظن بأننا قبضنا علي غنيمه كبيرة هذا اليوم " صاح أحدهم لدية ندبة علي أحد عينية بصوت اجش يحمل سكينا في يدة

"أجل سوف نجني من ورائهما ثروة، لكن ألا يجب أن نمرح معهن أولا فلدي كل منهما جسد جذاب" صاح أخر ضخم ينظر إليهما بشكل غير مريح لقترب منهما ببط 

"إياك أن تقترب منا أيها المنحرف" صرختا بها في نفس واحد 

" انظروا إلى هذا، انهما تتكلمان في وقت واحد" ضحك ثالث بدين ساخرا

"فل تصمت أيها البدين الأصلع " صرخت جينيت بإشمأزاز في وجهه لتمسك بذراع اثناسيا بقوة

" ماذا سيحل بنا الآن، يجب أن نخرج من هذا المأزق بسرعه، أعلم إنه أمر مستحيل فنحن فتاتين ضد خمسة رجال مسلحين لا يفقونا فقد في العدد بل أيضاً في الحجم، لو فقد أستطيع إستخدام تلك القوة مرة أخرى ، لو أنني لم أكن عاجزة إلى هذا الحد ... 

_________________________________.     

                          -:الدليل:-

- ظاهرة القمر الزمردي: هي ظاهرة تحدث مرة كل عام لكن لا تظهر في اي مكان سوي في اسكندريا  وهذا ماجعلها أكثر ندرة وتميز، فالخرافات والأساطير التي توارثتها الأجيال ذكر فيها بأن القمر يظهر بسبب سقوط  شيئ منه بداخل أراضي اسكندريا.

-الأضواء: هي أرواح اشخاص ماتوا وهم متمسكين بالأمل، أو ماتوا ولديهم ما يريدون حمايته

- المسخ :هم وحوش بشعه و خطيرة ولدت من الكراهية والحقد في العالم.

-الماركيز :هو لقد يعطي لولي منطقة حدودية وحامل اللقب يشار الية بكلمه- اللورد- وزوجته يطلق عليها لقب - ليدى.