ما لم أفهمه والأكيد ما لم يفهمه الكثير مثلي لماذا يكون الرجل ذو جنسية جزائرية منذ الولادة، ويتحصل على الجنسية الفرنسية مؤخرا فقط خلال سنة 2024، ويتلقى كل هذا الدعم من طرف اليمين المتطرف الفرنسي، ومن طرف أعضاء المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا، وحتى الرئيس الفرنسي ابدى قلقه (يا سلام).

ولماذا كل هذه الجلبة والضجيج لتوقيف مواطن جزائري على التراب الجزائري من طرف السلطات الأمنية الجزائرية؟ والتوقيف جاء بناء على أمر بالقبض من طرف القضاء الجزائري، وليجيب على أفعال أتى بها صنصال، ويعاقب عليها القانون الجزائري، وأمام القضاء الجزائري، أين غير العادي هنا؟

هل يمكن المطالبة مثلا برد الاعتبار للكوميدي الفرنسي ذو الأصول الكاميرونية ديدوني الذي يعرف على أنه ممثل، فكاهي وناشط سياسي، اشتهر بنقده لليهود، الأمر الذي تسبب له في منع عروضه من قبل وزير الداخلية مانوال فالس بدعم من الرئيس فرانسوا أولاند، وقتها كما تم منعه من الظهور في وسائل الاعلام الفرنسية، وحظر عروضه، وتم ادانته بخطاب الكراهية، والدعوة إلى الإرهاب، والتشهير، في كل من بلجيكا وفرنسا وسويسرا، اعتقد ان الإجابة هنا ستكون بالنفي، فلا يمكن لأي بلد التدخل في تنفيذ القانون الداخلي وعليه فالضجيج المثار لا أساس له من الناحية القانونية ولا من ناحية العلاقات الدولية.

القضاء الفرنسي أدان اللاعب الجزائري يوسف عطال لمجرد تويت على منصة أكس عبر فيه عن رأيه لا أكثر لما يجري في غزة الفلسطينية، وهو نفس الفعل الذي عبر عنه الكثير من الفرنسيين أنفسهم ولم يحدث لهم أي شيء، بينما هذا الصنصال قال كلام فيه الكثير من التزوير والمس بالوحدة الوطنية حيث بثر تقريبا كل المدن الغربية للجزائر وأعطاها للجار الغربي، وهو الفعل المعاقب عليه من طرف القانون الجزائري، فأين المشكلة؟ أم أن فرنسا ونخبها تتعامل بالكيل بمكيالين، كعادتها، أو أن الأمر يتعلق بالجزائر حيث تمثل لهم ثالوث يجب الخوض فيه الى جانب الإسلام ومعاداة الصهيونية.

المدعو بوعلام صنصال متهم وعليه ان يرد امام العدالة الجزائرية على تلك التهم، وستكون الجلسة مفتوحة للصحفيين وللعامة كعادة جلسات المحاكم الجزائرية، فإذا كان بريئا فسينال البراءة، ويسترد حريته وينتهي كل شيء.

كصورة عامة فإن كل هذا الضجيج لا فائدة منه سوى لفت الانتباه للقضية والدفع بالناس الى طرح الأسئلة حول كل هذا الاهتمام بمواطن جزائري عليه ان يقف امام عدالة بلاده ليجيب عن أسئلة تتعلق بتهم ضده من طرف فرنسيين ومؤسسات فرنسية رسمية، كما أن هذا الضجيج لن يغير مسار العدالة ولن يغير من ادانته في حالة ثبوت التهم ضده.

اما الصورة الحقيقية المخفية في هذه القضية أن بوعلام صنصال هو اليد الفرنسية هنا في الجزائر، واضح جدا انه قدم خدمات جليلة لفرنسا عندما كان في قلب وزارة الصناعة، وقريبا جدا من صانع القرارات السيادية للجزائر، وتم تكريمه مؤخرا بمنحه الجنسية الفرنسية.

كما أنه خادم للكيان وأهدافه من خلال تزوير التاريخ، وتقديم تاريخ الجزائر على أنه تاريخ فرنسي من خلال الادعاء أن الجزائر كدولة وكشعب لم تكن موجودة، ووجدت فقط بقرار فرنسي بعثها الى الوجود سنة 1962 وهذا يخدم الذهنية التوسعية للجار الغربي، ويخدم الكيان من خلال تقديم هذا البلد الذي يحاربه في كل محفل على أنه لا شيء مما يقزم دوره ويدفعه لمعارك هامشية تلهيه عن مقارعة العدو ونزع خاصية الفخر من أبنائه، والتي يتميز بها الجزائريون.