مرحبا بكم.. هناك الكثير من أسرار العمل التي تتعلق بمجال الإستيراد والتصدير والأنظمة الجمركية في العالم العربي، وفي الحقيقة هناك ممارسات مخالفة للقانون ولكن أصبحت هذه الممارسات للأسف طبيعية جدا، وبناءا على ذلك يقوم المستورد بمجاراة تلك الممارسات حتي يستطيع مجاراة السوق، أو سيكون شبه مستحيل أن يحقق أرباحا أو يبيع منتجاته في السوق، ونحن في هذه المقالة لا نشير إلى دولة بعينها ولا نحرض علي العمل بهذا الشكل وإنما نبين فقط. والآن كيف يقوم الكثير من المستوردين بدفع ضرائب أقل من الضرائب الجمركية المفروضة؟ وكيف يتم تقديم الفاتورة بغير القيمة الحقيقية؟ ولماذا يفعل ذلك بعض المستوردين؟ وماهي خطورة هذا الأمر؟ قبل كل شئ لابد من معرفة أن الركن الأساسي في هذا الأمر هو المخلص الجمركي، لأنه يعلم إمكانية حدوث هذا الأمر وكيفيته بحسب الدائرة الجمركية التي يعمل بها، ويحدث هذا الأمر كالآتي:
– تقديم الفاتورة التجارية بقيمة ليست حقيقية للسلطات الجمركية
هذا الأمر مداره حول تقديم قيمة أقل من القيمة الفعلية التي إشتري بها المستورد بضاعته وتحدث كالآتي:
أولا: يقوم المستورد بالاتصال بالمخلص الجمركي ليستعلم عن القيمة المقبولة جمركيا للبضائع التي سيستوردها.
ثانيا: يقوم المستورد بإعلام المورد بأنه يرغب في أن تكون الفاتورة التجارية بقيمة كذا، وهي القيمة التي أخبره بها المخلص الجمركي.
ثالثا: تصل البضائع إلى الميناء فيقوم المخلص بتقديم المستندات اللازمة لتخليص الشحنة..فيتم بذلك خروج البضائع في غضون خمسة أيام تقريبا.
– لماذا تتم عملية الإستيراد بهذا الشكل وماهي نسبة المخاطرة؟
تتم عملية الإستيراد بهذا الشكل لتفادي دفع ضرائب باهظة مما يرفع سعر المنتج مع أن هذه العملية غير قانونية لكن بلا مبالغة إن أتى المستورد بالسعر الحقيقي للبضائع سيبدو شاذا عن القاعدة، ولن يكون بمقدوره بيع البضائع بنفس القيمة التي يبيعها المستورد المخالف للقانون، لأنه يدفع ضرائب أقل كثيرا من المستورد الموافق للقانون. ومن ناحية الخطورة لا توجد طالما أن المخلص الجمركي هو الذي أعطاك القيمة المقبولة جمركيا لأن البضائع بالفعل تقبل بهذه القيمة من قبل سلطات الجمارك بشكل طبيعي.
– كيف تتم عملية تحويل الأموال في هذه الطريقة؟
بما أن هناك ما يسمى بنموذج أربعة وهي وثيقة يتم عملها من البنك تثبت القيمة التي قام المستورد بتحويلها، وتذهب هذه الوثيقة إلى الجمرك ولابد أن تكون القيمة في نموذج اربعة مطابقة للفاتورة التجارية، لكن كيف يحدث ذلك؟ بعض المستوردين يقوم بتحويل هذا الفرق عن طريق ويسترن يونيون وبعضهم يقوم بتحويل الفرق عن طريق وكيل أو مكتب استيراد له فرع او مندوب في بلد المصدر، وبعضهم يقوم بتحويلها عن طريق البنك لكن يكتب بنودا لا تدخل في الفاتورة التجارية مثلا ثمن عينات أو عمولة مشتري، أو عربون لشحنة لاحقة أو غير ذلك حتى يتفادى حدوث مشكلة مع البنك لأن البنك يطلب إثباتات أن هناك بضائع بالفعل يتم التحويل لها ولابد من تقديم كافة المستندات لعمل هذا النموذج، وذلك ضمن اتفاقيات مكافحة تهريب وغسل الأموال.
– ماذا يحدث في الغالب لو تم كشف ذلك الأمر؟
غالبا إن شك ما يسمى ب’المثمن’ أن القيمة لا تبدو متناسبة مع السلع المطابقة لها، يقوم برفع الثمن حتى تصل إلى الثمن الطبيعي الذي يقبلونه، ويتم أخذ الضريبة عليه. وأحيانا تقوم السلطات الجمركية بإعطاء المستورد فرصة تمتد إلى ثلاثين يوما لإثبات صحة القيمة، أما إن قرر عمل قضية تهرب جمركي لصاحب الشأن فيكون هناك مايسمي بالتحكيم وهو عبارة عن لجنة لفض النزاعات بين صاحب الشأن والسلطات الجمركية، والحكم في هذا الأمر يكون غالبا عبارة عن غرامة تحددها سلطات الجمارك وغالبا لا تجاوز الخمسة عشرة بالمائة من قيمة الضريبة الجمركية. وهذا الأمر نادرا ما يحدث على العموم.
والحقيقة أنه عند محاولة دراسة هذا الأمر بشكل رسمي للحصول على مؤهلات ما للعمل في هذا المجال، لا يمكن للمحاضر أن يفصح عن هذه الطريقة بشكل واضح مع علمه وعلم العاملين بالجمارك تماما أنها هي الرائجة وأن الطريقة السليمة لاتصلح تماما.! وبهذا الشكل يعمل المستوردين والانظمة الجمركية في بعض الدول العربية…دمتم في أمان الله.