إنها واحدة من أكثر التجارب رعبًا في تاريخ العلم، والتي تعد من خلال سلوك مستعمرة من الفئران محاولة من العلماء لتفسير المجتمعات البشرية، جاءت فكرة "الكون 25" من العالم الأمريكي جون كالهون، الذي خلق "عالما مثاليا" تعيش فيه مئات الفئران وتتكاثر.
في 22 أكتوبر من عام 1972، وقف جون كالهون فوق القشرة المهجورة لما كانت ذات يوم مدينة مزدهرة يسكنها الآلاف من الفئران، والآن تضاءل العدد إلى 122 فقط، وسرعان ما سيموت حتى هؤلاء أيضا، ولم يكن كالهون أحد الناجين من كارثة طبيعية أو انهيار نووي؛ بل كان باحثًا في المعهد الوطني للصحة العقلية يجري تجربة حول تأثيرات الاكتظاظ على سلوك الفئران، وقد استغرقت النتائج المتوصل اليها، سنوات من العمل والجهد.
على وجه التحديد، قام كالهون ببناء ما يسمى بـ "جنة الفئران"، وهي مساحة مصممة خصيصًا حيث كان لدى القوارض الكثير من الطعام والماء، بالإضافة إلى مساحة معيشة واسعة، في البداية، قام بوضع أربعة أزواج من الفئران، والتي بدأت في وقت قصير في التكاثر، مما أدى إلى نمو عددها بسرعة.
لكن حدث بعد 315 يومًا انخفاض في عملية التكاثر بشكل ملحوظ، وعندما وصل عدد القوارض إلى 600، تشكلت بينهم تسلسل هرمي ومن ثم ظهر ما يسمى بـ "البائسين"، حيث بدأت القوارض الأكبر حجمًا بمهاجمة المجموعة، وكانت النتيجة أن بدأ العديد من الذكور في "الانهيار" نفسيًا.
ونتيجة لذلك، لم تقم الإناث بحماية نفسها وأصبحت بدورها عدوانية تجاه صغارها، وبمرور الوقت، أظهرت الإناث سلوكًا عدوانيًا متزايدًا، وعناصر العزلة، ونقصًا في المزاج الإنجابي، وكان هناك انخفاض في معدل المواليد، وفي الوقت نفسه، زيادة في معدل الوفيات بين القوارض الصغيرة.
ثم ظهرت فئة جديدة من ذكور القوارض تسمى "الفئران الجميلة"، فلقد رفضوا التزاوج مع الإناث أو "القتال" من أجل مساحتهم، كل ما كان يهمهم هو الأكل والنوم، وفي مرحلة ما، كان "الذكور الوسيمون" و"الإناث الوحيدات" يشكلون غالبية السكان.
وبحسب كالهون، فإن مرحلة الموت تتكون من مرحلتين: "الموت الأول" و"الموت الثاني". الأول اتسم بفقدان معنى الحياة بما يتجاوز مجرد الوجود حيث تجلى ذلك في عدم الرغبة في التزاوج، أو تربية الصغار، أو تأسيس دور داخل المجتمع، وبمرور الوقت، وصل معدل وفيات الأحداث إلى 100%، ووصل التكاثر إلى الصفر.
ومن بين الفئران المهددة بالانقراض، لوحظ الشذوذ الجنسي، وفي الوقت نفسه زاد أكل لحوم بعضهم البعض، على الرغم من وجود الكثير من الطعام، وبعد عامين من بدء التجربة، وُلد آخر فأر في المستعمرة، وفي عام 1973، قتل آخر فأر في الكون 25.
لقد قام كالهون بتكرار نفس التجربة 25 مرة أخرى، وفي كل مرة كانت النتيجة هي نفسها.
تم استخدام عمل كالهون العلمي كنموذج لتفسير الانهيار الاجتماعي، وكانت أبحاثه بمثابة نقطة محورية لدراسة علم الاجتماع الحضري.
إننا نشهد حاليًا أوجه تشابه مباشرة في مجتمع اليوم، رجال ضعفاء، مؤنثون لا يتمتعون إلا بمهارات قليلة أو معدومة ولا توجد لديهم غرائز وقائية، ونساء شديدات الانفعال والعدوانية ليس لديهن غرائز أمومية، كما أن سلسلة التجارب أظهرت أنه حتى مع وفرة الطعام والماء، فإن المساحة الشخصية ضرورية لمنع الانهيار المجتمعي، ومع هذا تبقى أهمية تجربة الكون 25 للبشر لا تزال موضع خلاف.