يتساءل قارىء ويقول "الجميع يعرف بأن التدخين مضر في الصحة، وأنه يؤدي إلى الموت، فلماذا لم يتم منعه منذ البداية قبل انتشاره ولماذا لا يتم منعه الان؟". الجواب يتجلى بتأخر اكتشاف البشرية لأضرار التدخين، فالتدخين تحول لعادة بين الناس في عشرينات القرن الماضي، لكن أول تقرير طبي رسمي صدر بحقه كان بعد 40 سنة وبالتحديد في عام 1957، وكان ذلك التقرير في الولايات المتحدة الأمريكية وربط الدخان بسرطان الرئة.
في ذلك الحين، أصبح التدخين جزءاً من اقتصادات الدول، فالمصانع فيها عدد كبير من الموظفين، كما أن المزارع فيها عدد كبير من العاملين، إضافة إلى حركة اقتصادية تساعد البقالات والمتاجر وشبكة نقل حول العالم وشركات التسويق والاعلان.. مما يجعل منع التدخين بشكل رسمي وسريع يؤدي إلى اهتزاز اقتصادي كبير.
وحسب منظمة العمل الدولية ILO فإن هناك 100 مليون عامل في منظومة التدخين حول العالم، منهم ما يقارب 2% في المصانع والباقين في المزارع والنقل وإلى ما غير ذلك، ومنع هذه الصناعة بشكل سريع يعني هزة وأزمة بطالة عالمية مخيفة.
وهناك نظريات مؤامرة بفكر شرير، تقول إن منع التدخين سيؤثر أيضا على مردود القطاعات الطبية، وأن وجود مدخنين يزيد من دخل الأطباء والمؤسسات مما يسمح بالتطور العلمي في مجالات الأبحاث وتطوير المعدات!. لذلك تعمد الحكومات الآن إلى أسلوب فرض الضرائب والتحذيرات الطبية والقوانين التي ترفع من العمر المسموح لمشتري الدخان، وهو ما نتج عنه خفض نسبة المدخنين في العالم حسب بعض التقارير بـ 8%، وفي حال تواصل هذا الانخفاض فإن الصناعة ستنكمش وحدها ويصبح بالمقدور منعها، لأن تكلفة التدخين باهظة للغاية على الدول من حيث الأمراض التي يسببها.