بقلم: محمد دومو
صديقي يحتضر!
سأبدأ قصتي اليوم بالتحدث عن مسار حياة صديق، قصة تشبه في أحداثها وحيثياتها أفلام الرعب والخيال، من منظوري الخاص، ولكنني ما سأكتبه اليوم نابع من الواقع المعاش وبنسبة صدق عالية، سأحدثكم عن قصة صديق أعرفه معرفة نفسي، عانى وما يزال، الكثير من المتاعب والالام في مسار حياته، وما زال يعاني حتى اليوم، من جراء ارتكابه بعضا من الأخطاء البسيطة والغير مقصودة..
صديقي هذا انسان جد طيب، ولكنه شديد الانفعال عندما يستفزه شعور ما غير لائق، ليتحول من ذاك الانسان الطيب الى آخر قد يبدو لك من الوهلة الأولى، أنه شرير ولكنه غير ذلك، لقد اكتشفت ولمست كل هذه الامور عن قرب منه في هذه الآونة الأخيرة بالخصوص، أنه بالفعل يستحق كل الاحترام والتقدير.
من صفاته الحميدة أنه خدوم، غير متسلط، متسامح الى أبعد حد، يعامل الجميع بنوع من اللباقة والرجولة والمهم من كل هذا أنه يحب الخير ومكمن ثقة تامة، كنت اعرف عنه بعض الشيء من كل هذا سابقا ولكنني في هذه الأيام الأخيرة ومقاربته اكثر المست كل هذه الأشياء بنوع من اليقين. ومن لحظتها تبدلت رؤيتي واحساسي لهذا الصديق.
لقد قاوم، طيلة حياته هذه، مجموع الإكراهات بنوع من التحدي، لبناء أسرته المثالية على هواه كيفما أراد ذلك، كتعويض له على كل المعاناة التي عاشها منذ نعومة أظافره والى الآن. ولكن، ويا للأسف الشديدة، سرعان ما تبخرت كل أحلامه هي الأخرى في السماء، وهو يرى بأم عينه هذا التبخر المفاجئ، والذي يعجز حتى الكلام على وصفه بكامل الدقة، أنه بالفعل تحول مهول، ولا تحلو معه الحياة، كل هذا وذاك جعل من صاحبنا إنسانا تائها على طول ماتبقى له من عمره، لا يعرف ماذا يفعل.
ومع تراكم الأيام والشهور والأعوام، ها هو صديقي يجني ثماره الفاسدة، لقد ضاعت كل تضحياته ومجهوداته، وأصبح هذا الأخير وكأنه اصيب بنوع من الجنون إذا صح التعبير عن ذلك، مسكين هذا الإنسان..
إن هذا الأخير قد ترك في نفسيتي أثرا كبيرا، لا يمكنني كتابته بمجموع كلمات، كان المسكين، وهو يحدثني عن حال حياته، وكأنه يصارع المجهول، احيانا اقول في نفسي أنه يكذب وأخرى اقول إنه يتكلم بعفوية تامة نابعة من تراكم معاناة على جميع المستويات، وبين الفينة والأخرى اقول ايضا في نفسي:
-هل ما زال هناك من أناس يصبرون إلى هذا الحد؟
انا لا ادري ولا يهمني كل هذا، المهم عندي، هو أن صاحبنا بالفعل يتألم ويتعذب في صمت تام، ولا من احد يحس به ومعاناته غير الله.
صديقي ادعو الله من اعماق قلبي أن يجعل لك مخرجا، ويفرج كربك، ويعوض كل آلامك فرحا وسرورا... آمين.