وآخرين .. عليهم من مشآق الحياة ما يكفيهم،
لكنهم يستمعون لبثِّك، بيكون معك، يتفاعلون.. أعينهم تعانقك بلا يدين، وأيديهم تتشبث بك بحرص في زحام الدنيا
وينشؤون أعمالاً ثنائية ويتفقون لتنجزوها سوياً ..
لا لشيء، إنما رأوك تنظر يمنةً ويسرة تريد اجتياز الطريق، فتركوا أكياس تجارتهم ودنياهم، وتركوا بضائعهم .. وجاؤوا يعبرون معك الطريق ..
إن جالستهم كان حديثهم قرآنا وكلامهم ذكراً إن نطقوا نطقوا بالله وإن صمتوا صمتوا لله.. وإن غادرتهم تذكّرك معاني القرآن بهم، بصدقهم وأمانتهم، بتعاهدهم يقين قلبك وغنى روحك وتزكية نفسك، بمواقفهم النبيلة التي تفسر لك ما حملت في صدرك من القرآن وحديث النبي ﷺ ، بوصيتهم إياك بالصبر، فيا للنعيم!
يغفرون بلا ملام، ويُعينون بلا منّة، وإن تغزوك جيوش القطيعة يذودون عنك بدروعٍ سابغاتٍ من المروءات..ولئن احتملتَ من الأيّام سعيرَها وزقّومها.. كانوا لك دثارًا، يحرسون إغماضة عينك ويقفون على ثغر قلبك ويسقون ظمأ معاناتك فترتوي وتفيض على من حولك.. بدونهم نحن لاشيئ هباءة، لا معنى لنا في الأرض ولا ذِكر لنا في السّماء.. هم صفوة الصفوة والحقائق النورانية، كعصى موسى تتوكأ وتهش بها همك وغمك... وإن الدنيا ممر مختلفة سبلها فإن الآخرة مستقرها عند مليك مقتدر
غداً نساق إلي الله زمرًا، مجلسنا يكون على كثيب المسك، وحديث تحدثنا يا رحمن منك مباشرة !