نحن نتغير للافضل دائماً .. بفضل أيامنا السيئة، ظروفنا القاسية، لحظاتنا الصعبة.. فلا نتعلم الاكتفاء إلا بعدما تنهش أفئدتنا مشاعر الفقد حينما نرى الأماكن خالية موحشة شاحبة تعشش في زواياها عصافير الذكريات المهاجرة إلى عالم التلاشي و الغياب فتنحبس أوجاع الحنين في الصدور و تتحجر دموع الشوق في المقل ،

نحن نكبر و ننضج و نزداد نضجاً في كل مرة تهب على أجسادنا نسمة باردة ترتعش بعدها أحاسيس الحب بقلوبنا وتتحرك العواطف بأجسادنا التي تدفعنا للاحتياج إلى عناقٍ دافئ و كلمةٌ حانية أو نظرة حالمة من شخصٍ محب صادق ، و لكننا لا نجد حولنا إلا جداراً صلباً و بابٌ متهالكٌ حزين أغلقه علينا موج الحظ السيء فننام على جرح الاحتياج ونستيقظ على جرعة صبرٍ جديدة تساعدنا و تعلمنا كيف نتجاهل كل تلك الاحتياجات العاطفية و كيف نروض ونهذب فينا ثورة الغرائز الفطرية و كيف نتناسى شعور الحرمان حتى لا نزل و لا نميل ولا نضعف تحت ضغطها فنندم ،،،،

نحن نتعلم الصمود عندما تقتحم صدورنا مشاعر حقيقية صادقة ولكنها تجبرنا على الصمت لسبب أو لأخر تعيش فينا سنوات طويلة تشبّ و تشيب دون اعتراف و تحتضر دون صوت و تموت دون تشييع و ترحل دون وداع تاركة خلفها إنسان قديم بروحٍ جديدة نقية قوية ،،،

نحن لا نتغير للأفضل أبداً إلا بفضل لحظة قاسية تخيب فيها الظنون وتنفطر فيها القلوب فتذوب على أفواهنا كل كلمات العتاب و تطيب خواطرنا من حب البقاء والاستمرار و تتقاطر من عيوننا دموع اليأس التي تفقدنا الرغبة في إعادة النظر بأمرهم ولذة الانتقام منهم و الصبر لأجلهم و المحاولة فيهم .. فنكتفي بالرحيل بصمت متجلي بالألم و بخطوات هادئة ..ثابثة .. مرتكزة فوق أرض الحطام و الانهيار تمنحنا شعور السلام و الانتصار و تخلصنا من حياة زائفة و تجردنا من مشاعر ساذجة وتبعدنا عن صغار العقول ..

الايام الصعبة ماهي إلا صفحات بكتاب العمر تفاصيلها تدمي القلب و تعصر الروح وأحداثها جزء من العمر المجروح و لكنها قابلها للنسيان و الطي والتمزق و للإحتراق إن رغبنا بذلك .. اللحظات القاسية ماهي إلا محطات يوقفنا بها القدر ليطهرنا من آثام الايام الماضية و يهدينا إلى طريق الرشد و الصواب .. إلى طريق الجنة المستقيم بروح طاهرة وعقل كبير و قلب سليم ، فشكرا لأيامنا القاسية شكرا لتغيرها الجذري لنا . ⚘..


#قلمي / محآل

الخميس

6 / 2 / 2020