لقلبك الذبيح، وطرفك القريح، وبدنك الضعيف، ونداءك الصادق، للدمع الذي جرى على خديك، وقد نام الخلق، لكنك واقفٌ على عتبة مولاك،
تبكي بشدة وقد غلقت عليك الأبواب، وماعدت ترى في الخلق من مغيث، هنا تطرق بقوة وتعود لمن بيده كل الأبواب، وكل ما تخشاه ذلك الذنب الذي يمنع عنك مطلوبك، فنتطرح أرضًا تبكي ذنبك أكثر من مطلوبك، تستصرخ مولاك، حتى تخر في صلاتك إلى الأرض، تبكي وتتضرع، ثم تعود كل يومٍ بكسرك للجبار...
فتتذكر محبوبك، ثم تذكر ذنوبك فتخر على نفسك باكيًا، فتعود إلي الله تذكره بفزع ووجل..
اطمئن فلما أراد الله أن يعطي لسليمان الملك الواسع ألهمه الاستغفار ثم الدعاء "قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (35)"
فحين أعطاك الله الكرب، وذكرك بالذنب أعطاك معه الدعاء والتضرع، والاستغفار
وحين تركك الخلق ليس لشيئ سوى ليربي فيك مقام العبودية له
مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)...
ذلك الكسر له الطبيب الله...
وذلك الحزن له صاحب العوض
وتلك الأبواب المغلقة مفتاحها بيد من تدعوه...
فالله أكبر من ظلمات اليأس القاتلة، الله أكبر، فتوحه أكبر، عطاؤه أكثر، خزائنه لا تنفد، لا تنقضي، لا تفنى، لا تنقص! الله أكبر من آلامنا وآمالنا، وأحزاننا، الله أكبر، رحماته تتوالى، ينشر رحمته في قلوبنا.. رحمته تسع كل شيء! أنا، أنت، أهلي، أهلك، أحبابي وأحبابك، وخلقٌ كثير لاتدري بهم ولا تعرفهم.. والحيوان والطير والشجر والبر والبحر.. هذه رحمة واحدة، من 100 رحمة، وسعت الأولين والآخرين، فكيف برحمته بك وأنت منكسر ذليل له، مطرودًا من الخلق، وحيدًا كسيرًا، تلوذ له، منطرحًا باب، تلوذ به وقلبك الضيق يؤمن باسمه الواسع فينشرح، تصرخ بالله أكبر فتكبر معه طموحاتك
أيتركك وهو الكبير؟
الذي تقف بين يدي الكبير المتعال وصف نفسه بأنه "يجيب المضطر إذا دعاه، ويكشف السوء" ، ينقل العبد المضطرّ من الضعف والخوف إلى السلام والرخاء، يقلب الأحوال، بلمح البصر، إنما أمره أن يقول كن، فيكون..
الله أكبر..
كأنك كل مرة تقرؤها، أو ترردها يتعاظم في داخلك الإجلال لله. ويصغر في قلبك الألم، والخوف، تكفكف دمعك وتربت عليك، تقولك أن الله طبيب يطبب الجراح، أكبر من كل شيئ، قادرًا على كل شيئ، فالله أكبر وحثك أن تلهج له بالدعاء تقف منطرحًا بابه، كفقير في زمهرير الليل لسعه الجوع والفقر إلي طرق باب الله الكريم فسد الله جوعه وأغناه بعد فقر، وأعطاه بعد كسر ذلك بأن الله هو الكبير المتعال
هذا الكسر الذي مكتوب على صفحة قلبك لن يجبره سوى الله، هذا الأنين الذي يشق أخدودًا في قلبك يراه الله فهذا الدمع الذي يتفجر على خديك أنهارًا يكفكفه الله فلا ملجأ ولا منجى من الله إلا اليه هو صاحب الفرج وهو الصاحب عند الشدة، هو الله جابر المنكسرين، ولو رأيت أهل الأرض كلهم اجتمعوا أن يمنعوا عنك ما أراده الله فلن يستطعيوا فالله أكبر من أن يمنع ما يريده الله، ولو اجتمع أهل الأرض على يعطوك ما لايريده الله ما اسطاعوا ولا استطعوا.. فهذا هو الله المطلوب عند الشدائد، وما كان الكبير ليتركك وأن ضعيف صغيرٌ في حجم نطفة في هذا الكون
فالله أكبر 🌿